تشيّيع ميّت بـ «الطبل والمزمار» في سوهاج يثير تداعيات واسعة

بالتصفيق والرقص تم تشيّيع المتوفى إلى مثواه الأخير. من المصدر

أثار تشييع متوفى في سوهاج بصعيد مصر، في موكب صاخب يتقدمه الطبل والمزمار والرقص بالعصا، ضجة ونقاشات وتراشقات حادة، وفيما دافع أهل الميت عن سلوكهم، بأن هذه هي عاداتهم من قديم الجدود، فتح السلوك الذي فاجأ الإعلام والرأي العام معركة واسعة تباينت فيها وجهات النظر، بين قلة مؤيدة، وشبه أغلبية رافضة.

فقد شهد نهاية الأسبوع الماضي، واقعة تشيّيع عدد من أهالي عائلة الحسينية، قرية بنجا، مركز طهطا، محافظة سوهاج، جثمان محمد محمد صالح، من منزله إلى مسجده فمقبرته، بـ«الطبل والمزمار» والزغاريد، والتهليل والرقص بالعصا، وهتافات «الله حي»، وبإطلاق الأعيرة النارية، فيما وقفت النساء في شرفات المنازل ترمي على المشيعيين الحلوى والبسكويت والكعك.

وقال أهالٍ من بنجا في تصريحات إعلامية على هامش الجنازة، إن «المتوفى هو سليل عائلة دينية تحترمها وتجلها القرية، وإن الأهالي كانوا يلجأون إلى جده في المسائل العلمية والفقهية والاجتماعية، وحل المشكلات، وإنه ــ أي جد العائلة محمد صالح ــ كان متفقهاً في الدين يحفظ القرآن والإنجيل معاً، رغم عدم ذهابه إلى مدرسة، وانه كان يملك 50 فداناً وزعها على عمل الخير، كما كان يطعم الناس طوال أيام السنة، وقد خرجت ذريته بتقواه وورعه نفسه، وزعم آخرون أن جثمان المتوفى أبى أن يغادر إلى المقابر، قبل أن تزفه الفرقة.

وهو ما زعمه عمدة قرية الصوامعة بالمحافظة ذاتها «أن جثمان المتوفى أبى أن يغادر إلى المقابر، قبل أن تزفه هذه الفرقة بالطبل البلدي، وأن الجثمان هو الذي يحرك مسيري الجنازة»، وقال إن « المتوفى، منذ مولده وهو يميل إلى العزلة والانطواء».

على الطرف المقابل، رفض الكاتب الصحافي عمر عبدالعلي في تعليق خاص لـ«الإمارات اليوم» ما حدث في الجنازة، معتبراً انه خروج عن العقل والفهم الصحيح للدين، لكنه اكد ان بعض الأهالي صمموا على ان النعش هو الذي كان يوجههم، على حد قوله.

وقال عمر عبدالعلي، وهو ابن قرية شطورة، التي تحاذي قرية بنجا التي وقع بها الحادث إن «هناك استهجاناً واسعاً من قلب قرية بنجا لما حدث، بل ان الغالبية من القرية لا توافق عليه، وان الشخص المتوفى لم يزد عمره على 18 سنة، حيث أصرت والدته على ان يشيع بالطريقة نفسها التي حدثت مع أجداده، وبالتالي أرسلوا وأحضروا الطبل والمزمار، وجهزوا الموكب». وعلق عبدالعلي «أن الزمن اختلف، صحيح أن هذا حدث مع عائلة المتوفى وأبيه وجده، لكن الأجيال الجديدة أصبحت أكثر علماً وتنوراً، وهو يرفض انتهاك حرمة الموت بهذه الطريقة، كما يرفض عقلاً وفهماً دينياً لهذه الروايات».

وروى عبدالعلي لـ«الإمارات اليوم» أن «الجنازة استمرت من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثالثة ظهراً، وطافوا بها جميع أنحاء القرية، وهذا كثير جداً، لأن إكرام الميت دفنه».

وكشف عبدالعلي أنه ساعد فريق الإعداد في برنامج «دريم» على إعداد الحلقة الخاصة بالواقعة، وان وكيل وزارة الأزهر عباس شومان، وهو ابن القرية المجاورة لـ«بنجا» رفض في تصريح صحافي له «تشييع المتوفى بالطبل والمزمار»، وقال «إنها نوع من العادات والتقاليد الواجب الإقلاع عنها، وان مصيبة الموت تستحق الوقار والتوقير»، لكنه رفض الخروج على الهواء في الحلقة، تحاشياً منه لعدم الدخول في سجال مع أبناء منطقته.

من جهة أخرى، قال مواطن سوهاجي من بنجا محمد أبوعقيل لـ«الإمارات اليوم» الذي هاتفته الصحيفة من القاهرة، إن «الرأي العام الغالب في القرية هو استهجان ما حدث وليس العكس، وإن هناك مبالغات اعلامية تستوجب التصحيح، فقرية بنجا يبلغ عدد سكانها 17 ألفاً، وليس 92 ألفاً كما نشر الإعلام، وعدد المقتنع بهذا الأمر لا يتجاوز 300 شخص، وان القرية معروفة بانتشار التعليم بها، وحصول ابنائها على شهادات جامعية وفوق جامعية، وكان معظم من شارك في الجنازة ورقص وهلل على النعش من غير المتعلمين».

تويتر