تحت مبرّر مكافحة الإرهاب

فرق متخصصة بإعدام المعتـــقلين خارج إطار القانون في كينيا

صورة

تستغل الشرطة الكينية ما يسمى بالحرب على الإرهاب لتقتل خصومها من دون أن تتعرض للمساءلة القانونية، ففي الخامس من أبريل الماضي كان أربعة من الشباب يشاهدون مباراة كرة القدم في إحدى حانات مدينة نيري الجبلية، وعندما غادروا المكان تحدث شهود عن ملاسنة جرت بين هؤلاء الشباب والشرطة، وتم اعتقال الشباب في ما بعد، واقتيادهم إلى مكان بعيد. وبعد ساعات تم العثور على عاملة الحانة، مارثا ويريمو، مشنوقة في شجرة في غابة تاغوا القريبة، وتحت قدميها المتدليتين تتمدد أجساد الشباب الأربعة: كيلفين كيهوري، يوسف محمد، محمد كابورو، وسيمون كينغوري، وجميعهم قضوا برصاصة في الرأس. ويبدو أن عائلات الضحايا مقتنعة بأن الشرطة هي من فعل ذلك.

ادعاءات بتورّط بريطاني

ذكرت صحيفة «الغارديان»، أواخر العام الماضي، أن بريطانيا تواجه مزاعم جديدة بالتآمر مع فرق الموت الكينية لقتل متهمين بالإرهاب. وتأتي هذه المزاعم من أفراد المخابرات الكينية، ووحدات الشرطة الخاصة، الذين يقولون إنهم نفذوا عمليات قتل خارج نطاق القضاء، وإنهم تلقوا التدريب والاستخبارات من الجيش البريطاني ومسؤولين آخرين، جزءاً من الجهود التي تصب في مجال مكافحة الإرهاب.

ويقول أعضاء هذه الفرق إنهم لا يفعلون ذلك لأنهم يعتقدون أن هذا النوع من القتل خاطئ، بل لأنهم يعتقدون أن كينيا ليس لديها سوى القليل من الخيارات لمواجهة المتطرفين.

ويدّعي أحد أعضاء فرق الموت، أن الحكومة البريطانية كانت تعلم بعمليات القتل التي تنفذها فرق الموت الكينية. وادعى ضابط المخابرات الكينية أن بريطانيا على علم بالبرنامج. ويقول: «نعم، عندما يأتي هؤلاء الناس لتدريبهم، وأعتقد أنه يتم تمرير كل هذه المعلومات لهم». وانتقد تقرير لجنة المخابرات والأمن الحكومة البريطانية وجهاز استخباراتها «MI6» بعدم الضغط على كينيا بما فيه الكفاية بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان.


اتهام أممي

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/02/272908.jpg

كتب مقرر الأمم المتحدة السابق عن جرائم القتل خارج الإطار القانوني، فيليب الستون، تقريراً بعد أن وقعت العديد من حالات القتل عقب الانتخابات الكينية عام 2007، ويوجه اتهاماً صريحاً للشرطة الكينية بشأن ارتكاب هذه المجازر.

وتتساءل والدة يوسف، مريم وانغيرو، عن مبرر قتل ابنها، وتريد أن تعرف الحقيقة. وتعتقد مصادر أمنية تحدثت إليها وسائل الاعلام أن هؤلاء الشباب قد يكون لهم ارتباط بـ«ميليشيا الشباب» في الصومال، وهذا يفسر اقتيادهم بعيداً. وتنكر الشرطة أي علاقة لها بأحداث القتل، إلا أن الضابط السابق بوحدة الأمن العام، جورج موسامالي، له رواية أخرى عن الحادث. ويقول: «لقد اقتيدوا من النادي إلى مركز شرطة، ولكن لم يتم تسجيلهم هناك، ثم اقتيدوا بعد ذلك ليُقتلوا في الغابة». وتنفي المواطنة، جين كرانغي، أن قريبها كيلفين له علاقة بالميليشيات قائلة: «لا أعتقد أن له علاقة بالشباب، ولم يذهب أبداً إلى الصومال، ومكث هنا طوال حياته».

ويقول والد سيمون كينغوري، إن قصة انتماء هؤلاء الصبية لـ«ميليشيا الشباب» هي مجرد قصة مختلقة «وتم اتخاذها بمثابة ذريعة للذين اغتالوا هؤلاء الصبية، ويريد رجال الشرطة الهروب من المساءلة باختلاقهم رواية أن الشباب ذهبوا إلى الصومال».

وكتب مقرر الأمم المتحدة السابق عن جرائم القتل خارج الإطار القانوني، فيليب الستون، تقريراً بعد أن وقعت العديد من حالات القتل عقب الانتخابات الكينية عام 2007، ويوجه اتهاماً صريحاً للشرطة الكينية بشأن ارتكاب هذه المجازر، ولم يفاجأ الستون بحادثة نيري. ويقول إن العديد من الاغتيالات ببساطة لها العديد من التبريرات «تتعلق بشخص اعتقلته، شخص لم يدفع لك رشوة، شخص يعترض طريق شرطي يدير حانة، فهي طريقة للتخلص من الخصوم».

وتدعي جماعة حقوق الإنسان أن القتل خارج الإطار القانوني أصبح أمراً معتاداً في كينيا، ووثقت جماعة «هاكي افريكا» الحقوقية 21 حادثة قتل ارتكبتها الشرطة الكينية في 2012 ضحيتها عدد من المواطنين، ويقول هاكي حسين خالد إن «القتل خارج الإطار القانوني صار يتصاعد بمعدلات تثير القلق، وأصبح شيئاً عادياً للحد الذي لا تشعر فيه الحكومة بأنه مشكلة تتطلب المعالجة». ويضيف «نشاهد هذه الحوادث داخل مجتمعاتنا بشكل شبه يومي».

ويحذر أستاذ التاريخ الإفريقي في جامعة «ورويكس»، ديفيد أندرسون، من أن الوضع أصبح خطراً جداً بالنسبة للكينيين. ويقول: «إن الحرب الحالية التي تورطت فيها كينيا تضفي حماية واسعة لجميع وكالات الأمن، وتعتبر الحرب شماعة تعلق عليها هذه الحوادث».

وفي يونيو من 2013 تم اعتقال المشتبه فيه بالانتماء إلى «ميليشيا الشباب»، نيور سالم، وفي ما بعد اقتادته الشرطة إلى منزله مقيداً، ومحاطاً بالشرطة، وتقول زوجته: «ظلت الشرطة تضربني إلى ان أخليت لهم الطريق، وأمروني بالانتظار في غرفة الاستقبال، وأخضعوني للاستجواب». وتضيف «سمعت صوت طلق ناري، وبعد أن قتلوه طلبوا مني أن أذهب لأرى زوجي القتيل».

وادعت الشرطة بعد ذلك أن نيرو كان مسلحاً، وأنه قتل خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة، وتقول زوجته «رحمة»، إنه لا يملك أي أسلحة نارية. وينفي الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، بشدة تلك المزاعم، مؤكداً عدم وجود فرق لقتل متهمين بالإرهاب خارج الإطار القانوني.


معاملة وحشية للموقوفين

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/02/272917.jpg

ألكسندر مانسون قضى على يد الشرطة الكينية. أرشيفية

اتهم أحد البريطانيين، هذا الشهر، الشرطة الكينية بقتل ابنه خلال زيارته إلى كينيا قبل عامين. ويقول نيكولاس مانسون، إن ابنه الكسندر مانسون كان يقضي سهرة في مدينة داني الساحلية، وبعد خروجه من حانة في الساعة الثانية صباحاً اعتقلته الشرطة، لكنه قضى هناك بعد فترة وجيزة. ويقول أصدقاؤه الذين زاروه في المخفر، إنه كان في حالة معنوية جيدة. ويعود سبب الوفاة إلى تلقيه ضرباً مبرحاً من قبل الشرطة، وضربة شديدة على الرأس، والتي من المعتقد أنها قضت عليه. وأكد طبيبان شرعيان استأجرهما والده اللورد مانسون، أن الوفاة حدثت بسبب ضربة على الرأس، وليس بسبب جرعة زائدة من المخدرات، كما تدعي الشرطة، وأثبت اختبار السميات في جسده أنه خالٍ تماماً من المخدرات، إلا أن أحد الأطباء تراجع عن إفادته في ما بعد، وذكر أن الشاب توفي بسبب جرعة زائدة.

ويروي مانسون أنه عندما جاء إلى كينيا، هذا الشهر، لمتابعة قضية ابنه اعتقلته الشرطة هو وأحد اصدقائه لأن صديقه التقط صورتين لمخفر الشرطة خلال مرورهما بجواره في طريقهما برحلة سفاري. ويدّعي مانسون أن الشرطة تعاملت معه بطريقة فظة، وأنها وصفته بالإرهابي، ولم يتم الافراج عنه، إلا بعد اتصال تلقته السلطات المعنية من المندوب السامي البريطاني لكينيا.

ومن المعتقد أن يكون الشاب مانسون قضى على يد الشرطة التي تريد الانتقام منه لمقاومته لها. ويحوي تقرير مقتل الكسندر 47 بياناً من شهود، من بينها افادات ضباط الشرطة. وادعى بعض الشرطة أنه قاوم الاعتقال، وأنه كان ثملاً، بينما ذكر آخرون انه كان مطيعاً ومذعناً للأوامر لدى اعتقاله. وهناك بعض معلومات مفقودة خلال الفترة من الساعة الرابعة صباحاً حتى السادسة صباحاً اثناء اعتقاله، حيث تعتقد الأسرة أنه تعرض للضرب.


شرطيون يفخرون بتصفية الضحايا

اغتالت الشرطة الكينية ما يقرب من 500 من المشتبه فيهم بالإرهاب جزءاً من برنامج القتل خارج نطاق القضاء، الذي تدعمه معلومات توفرها المخابرات الإسرائيلية، والمملكة المتحدة. ويؤكد ضباط شرطة من أربع وحدات من مكافحة الإرهاب في كينيا أن الشرطة اغتالت «الإرهابيين» المشتبه فيهم بناءً على أوامر الحكومة.

وصدرت أوامر التصفية هذه من قبل مجلس الأمن القومي في كينيا، ويصل تعداد القتلى في هذا البرنامج إلى مئات الضحايا كل عام. ويقول أحد الضباط إنه في كل يوم نسمع بمشتبه فيهم تمت تصفيتهم، ويضيف أنه «منذ أن تم تعييني قتلت أكثر من 50 مشتبهاً فيهم، وأنا أفخر بذلك كوني قضيت على جزء من المشكلة».

ويؤكد ضباط أن ضعف النظام القضائي في كينيا أجبرهم على اللجوء إلى الاغتيالات، حيث فشلت الشرطة في تقديم أدلة قوية تكفي لمحاكمة المشتبه بتورطهم في الارهاب. ويقول أحد الضباط: «اذا كان القانون غير فعال فهناك العديد من الخيارات، ومن بينها القضاء على من يُشتبه فيه».

تويتر