مع قدوم إدارة أميركية جديدة

3 مرتكزات لمقاربة جديدة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين

صورة

في الـ20 من يناير2021، ستتولى إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن، مسؤولية تخفيف الضرر الناجم عن سياسة الرئيس دونالد ترامب المدمرة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويتمثل التحدي الذي يواجه الإدارة الجديدة في التخلي عن إرث ترامب، وليس فقط العودة الى النقطة التي كان عليها الوضع قبل رئاسته.

ولكن من غير المرجح أن يحظى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأولوية لدى الإدارة الأميركية الجديدة، إلا أن مسار الصراع وتداعياته على مصالح أميركا سيثير قلق صانعي السياسة الأميركية. ويجب أن تتعلم الإدارة الجديدة دروس الماضي، وتتمثل هذه الدروس في أن تكون هذه الإدارة طموحة من حيث السعي لتغيير شروط النقاش، ومتواضعة في ما يتعلق بإمكانية إنهاء النزاع في أي وقت قريب.

وعلى مر السنين، كان لسياسات الولايات المتحدة تأثير مؤسف - غير مقصود في بعض الأحيان - يتمثل في مساعدة إسرائيل في السيطرة على الفلسطينيين. ومن الواضح أن ما هو غير مقصود صار يمثل هدفاً في ظل إدارة ترامب، التي شجعت بناء المستوطنات وأصدرت «خطة السلام من أجل الازدهار» التي صبت بشكل حاسم في مصلحة استمرار الاحتلال الإسرائيلي. ويجب أن تهدف المشاركة الأميركية على الأقل إلى التخفيف من انعدام التكافؤ الأساسي في القوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ وبدلاً من ذلك فعلت أميركا غالباً العكس، وذهب البيت الأبيض في هذا الصدد لأقصى الحدود.

ما نحتاجه اليوم ليس الحصول على جائزة نوبل للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي، بل بالأحرى وضع اللبنات المطلوبة بصبر لتمهيد الطريق أمام الأجيال القادمة من الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل مستقبل أكثر سلاماً وعدلاً. وتتمثل اللبنات هذه في أن على الجمهور الإسرائيلي أن يتفهم عواقب الاحتلال الدائم، وأن الطريقة الوحيدة لتجنب تلك العواقب هي إشراك الفلسطينيين كأفراد، على قدم المساواة، وكجماعة لتقرير مصيرهم الوطني؛ مع نظام حكم فلسطيني متماسك، وقيادة يمكنها رسم طريق للأمام يتعامل مع الوضع الراهن بوسائل غير عنيفة، وبطرق تتوافق مع القانون الدولي، والعمل على تغيير الاتجاهات القانونية والسياسية على الأرض، والتي هزت المشهد الدبلوماسي، وفشلت في ضمان حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين.

تغيير المنظار

التركيز على هذه اللبنات الأساسية من شأنه أن يساعد في تغيير المنظار الذي تنظر به واشنطن إلى الصراع، وذلك من أجل تهيئة الظروف لإجراء محادثات، وفي الوقت نفسه حماية من تعرضوا لانتهاك حقوقهم، في المنطقة الممتدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. ويكاد يكون من المؤكد أن الإدارة القادمة ستختار حل الدولتين كإطار سياسي مفضل، على غرار الإجماع الدولي الذي عكسه خطاب وزير الخارجية السابق، جون كيري، في 28 ديسمبر 2016. وفي هذا السياق، يجب على الولايات المتحدة أيضاً أن توضح أنه في حالة استمرار إسرائيل في عرقلة إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة وقابلة للحياة، فإن أي بديل يجب أن يحترم الحق في المساواة الكاملة وحرية التصويت لجميع أولئك الموجودين في أي مكان تسيطر عليه إسرائيل. وعليه، فإن نقطة الانطلاق لسياسة إسرائيلية فلسطينية جديدة يجب أن ترتكز على النقاط التالية:

تخفيف أضرار إرث ترامب على السلام

ينبغي التركيز على عملية سلام أخرى تتمحور حول حماية حقوق الناس ورفاههم على الأرض. ونشير هنا الى أن قرارات إدارة ترامب المتعددة - بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين؛ وإغلاق كل من القنصلية الأميركية في القدس الشرقية وبعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وشرعنة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي - كل ذلك أضر بشكل خطير بآفاق حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستنفد احتياطيات صدقية الولايات المتحدة. ويجب أن يكون التراجع عن سياسات ترامب الرئيسة أولوية قصوى، لكن لا ينبغي أن يتم التركيز فقط على العودة إلى الوضع السابق كخطوة لإنقاذ عملية السلام. ووفرت قرارات ترامب غطاء ضمنياً للأعمال الإسرائيلية، لا سيما بناء المستوطنات وتدعيمها. وبدلاً من ذلك، يجب على الولايات المتحدة منح الأولوية لوقف زحف عمليات الضم وحماية الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة، حيث تسبب الحصار في حالة طوارئ إنسانية مهددة بالتصعيد في أي لحظة. وعلى وجه التحديد، يجب على الإدارة الجديدة التنصل بشكل لا لبس فيه من خطة ترامب في يناير 2020، وإصدار بيان واضح بأن الخطة لا تمثل سياسة الولايات المتحدة، والتركيز على السياسات الهادفة لحماية حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي حين سعت الولايات المتحدة تاريخياً لضمان حماية حقوق الإسرائيليين في العيش بأمان، فقد كانت أقل اهتماماً بحقوق الفلسطينيين في التحرر من العنف والقيود المفروضة على حرية التنقل، وهدم المنازل، والاعتقال الإداري المطول، ونزع الملكية.

متطلبات من الإدارة الجديدة

على الإدارة الجديدة إعادة التأكيد على أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، وأن الولايات المتحدة لن تعترف بضم إسرائيل لأي جزء من الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإعادة تأكيد وتعزيز التمايز بين إسرائيل والأراضي المحتلة في جميع التعاملات الأميركية، بما في ذلك إعادة فرض القيود الجغرافية على مؤسسة البحث والتطوير الصناعي ثنائية القومية، ومؤسسة العلوم الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والصندوق الأميركي-الإسرائيلي للبحوث الزراعية والتنمية، بحيث لا يتم منح التمويل لمشروعات البحث والتطوير الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وأن يتم التوضيح بشكل جلي أنه خلال معارضة حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تجاه إسرائيل، ألا تعتبر الولايات المتحدة، للوهلة الأولى، هذه التدابير معادية للسامية وعليها أن تضمن حقوق حرية التعبير.

مطلوب من الإدارة أيضاً استئناف التواصل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، والسماح لها بإعادة فتح مكتب مهامها في واشنطن، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، بشكل منفصل عن سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل، ودعم إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، والتأكيد على نية الولايات المتحدة فتح سفارة لها في القدس الشرقية، وتركيز الجهود على إنهاء الحصار المفروض على غزة، وتحقيق الأمن لأولئك الذين يعيشون في جنوب إسرائيل وغزة، من خلال تعزيز ترتيبات وقف إطلاق النار الدائم بين الفصائل المسلحة العاملة في قطاع غزة والحكومة الإسرائيلية، والضغط على إسرائيل كي لا تهدد المجتمعات الفلسطينية في المنطقة (ج) بمزيد من التهجير، ومصادرة الأراضي، وفرض قيود على تحركاتهم، وتطوير البنية التحتية، والبناء والسماح لهم بالوصول إلى الأراضي الزراعية، والعمل على إزالة العوائق الإسرائيلية أمام تنمية القطاع الخاص الفلسطيني. وإعادة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تعتني باللاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم الوفاء بحقوقهم.

تثبيط مساعي إسرائيل في منع إقامة دولة فلسطينية

الامتناع عن الإجراءات التي تحض السياسات الإسرائيلية على السعي لمنع أي اتفاق سلام أو إقامة دولة فلسطينية، بما في ذلك تشجيع الفاعلين السياسيين الذين يتطلعون إلى إقامة دولة يهودية واحدة غير ديمقراطية، بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط. ويجب أن يكون للولايات المتحدة مصلحة في تشجيع الظروف الأكثر ملاءمة لتغيير السياسة الإسرائيلية نحو السعي لتحقيق سلام قابل للحياة، وإنهاء الاحتلال. حتى قبل إدارة ترامب، كانت السياسة الأميركية في كثير من الأحيان تجعل من السهل جداً على الإسرائيليين افتراض ذلك، ويمكن بهذه الطريقة أن يكون الاحتلال بشكل دائم من دون كُلفة على الاطلاق. ويجب على الإدارة الجديدة الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اذا كان ذلك يقوض القانون الدولي أو يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة.

إخضاع إسرائيل لمعايير حقوق الإنسان في ما يتعلق بتلقي المساعدات

العمل مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه والأطراف الثالثة الأخرى، بما في ذلك المنتديات الدولية، لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه. ويجب على الولايات المتحدة التوقف عن عرقلة الجهود التي تبذلها الهيئات متعددة الأطراف، والأطراف الثالثة، للفصل بين إسرائيل والأراضي المحتلة، بما في ذلك ما يتعلق بتحديث قاعدة بيانات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخاصة بالمؤسسات التجارية العاملة في المستوطنات، وتجنب الدخول في مفاوضات مع إسرائيل حول ما يسمى بالتوسع الاستيطاني المقبول، وضمان قدر أكبر من الشفافية والمساءلة في ما يتعلق بالمساعدة الأمنية لإسرائيل، بحيث يمكن إخضاع إسرائيل لمعايير حقوق الإنسان الأميركية والمعايير الأخرى لمتلقي المساعدات، ومساعدة وتشجيع الفلسطينيين على القيام بتجديدهم السياسي، واعتناق سياسات ديمقراطية خاضعة للمساءلة، وتعزيز المصالحة الداخلية، وإفساح المجال أمام استراتيجيات اللاعنف لتحقيق أهدافهم. ويجب عدم تبرئة القيادة الفلسطينية من اللوم لأن أجهزتها الأمنية تسيء معاملة شعبها، وهذه الأجهزة الوطنية ليست ممثلة أو مسؤولة أمام جمهورها، وفشلت في اتباع نهج متماسك وفعال.

لقد أسهمت في انقسام الفلسطينيين، وثبطت جهودهم في وضع استراتيجية موثوقة وفقاً لذلك.

ويجب على الإدارة الأميركية الجديدة العمل مع الشركاء الدوليين لتشجيع وتسهيل التجديد السياسي الفلسطيني، بما في ذلك انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، والانتخابات الرئاسية، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وإزالة العقبات الإسرائيلية أمام مشاركة الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية في مثل هذه الانتخابات، ودعم وتعزيز المصالحة السياسية الفلسطينية الداخلية، واشتراط مشاركة الولايات المتحدة في إقامة حكومة وحدة فلسطينية تتعهد بعدم اللجوء للعنف.

إصلاح الحكومة الفلسطينية

العمل مع أطراف ثالثة لدفع إصلاحات الحكم الفلسطيني، وضمان قدر أكبر من الشفافية والمساءلة في شؤونه المالية. كما ينبغي العمل مع الفلسطينيين للسعي إلى إصلاحات بشأن المساعدة المالية التي تقدمها السلطة الفلسطينية لعائلات الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، بحيث ترتبط هذه المساعدة بمستوى الضائقة المالية التي يواجهونها، أو مستوى معيشة عائلاتهم.

هناك عناصر أخرى بالطبع، فقد رحب الرئيس المنتخب بايدن بصفقات التطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، ومن المتوقع أن تواصل إدارته هذا المسعى. ولكن عند القيام بذلك، يجب أن تضمن الإدارة أن مثل هذه الصفقات تسهم في رفاهية الفلسطينيين وحل النزاع، بدلاً من الانتقاص منها، وأن تعزز على نطاق أوسع خفض التصعيد الإقليمي وترسيخ السلام. بالإضافة إلى ذلك، يجب على إدارة بايدن أن تتبنى مقاربة متعددة الأطراف للصراع، والتنسيق مع أوروبا وإعادة إشراك الأردن في جهودها.


• على الإدارة الجديدة إعادة التأكيد على أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، وأن أميركا لن تعترف بضم إسرائيل لأي جزء من الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإعادة تأكيد وتعزيز التمايز بين إسرائيل والأراضي المحتلة.

• يجب على الإدارة الأميركية الجديدة العمل مع الشركاء الدوليين لتشجيع وتسهيل التجديد السياسي الفلسطيني، بما في ذلك انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، والانتخابات الرئاسية، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وإزالة العقبات الإسرائيلية أمام مشاركة الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية في مثل هذه الانتخابات، ودعم وتعزيز المصالحة السياسية الفلسطينية الداخلية.

• قرارات إدارة ترامب المتعددة، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، كل ذلك أضرّ بشكل خطير بآفاق حل عادل للصراع.

تويتر