Emarat Alyoum

دعوات مصرية إلى تفعيل حركة التضامن الشعبي مع «انتفاضة القدس»

التاريخ:: 08 يناير 2018
المصدر: خالد محمود - القاهرة
دعوات مصرية إلى تفعيل حركة التضامن الشعبي مع «انتفاضة القدس»

دعا ناشطون سياسيون في مصر إلى عدم ترك الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة وحشية الاحتلال الإسرائيلي، الذي أصبح الآن يتمتع بكامل الغطاء الأميركي، وشدّد السياسيون في دعوتهم الى أهمية إحياء القنوات الشعبية التي شكلتها القوى السياسية المصرية، خصوصاً منذ عقد اتفاقية كامب ديفيد 1979 مثل لجان مكافحة التطبيع، ولجان التعاطف مع الثورة الفلسطينية، كما اعتبروا أن «قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، يمثل مرحلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، وإذا كانت الظروف لا تسمح بموقف عربي رسمي تجاهه، فليس أقل من الحشد الشعبي والتوعوي».

غطرسة القوة

وقال أمين الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء شعبان، في الندوة التي أقيمت بمقر الحزب تحت عنوان «القدس.. التاريخ والحاضر»: إن «قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يمثل قمة الاستهانة الأميركية بالفلسطينيين والعرب، ويعكس نوعاً من غطرسة القوة». وأضاف شعبان أن «القدس أصبحت الآن موضوع الساعة، وهي مركز الصراع الوجودي المصيري بين شعوبنا العربية والقوى الاستعمارية والصهيونية، فإسرائيل هي آخر حلقات الاستعمار الذي تخلص العالم من كل صوره المباشرة، ولم يبق الا الشعب الفلسطيني الذي يواجه وحده بمنتهى الصلابة هذا المشروع السرطاني».

ونوه شعبان بأن «الشعب المصري يعتبر القضية الفلسطينية قضيته المصيرية، ومصالحه مرتبطة بانتصار الثورة الفلسطينية، كما أنه مؤمن بأن الصراع ليس فلسطينياً اسرائيلياً وإنما عربي صهيوني». وأشار شعبان الى «خطورة ما يجري الآن في القدس، وهو يتم توازيا مع تسريع عملية التطبيع مع اسرائيل بوتيرة غير مسبوقة، وأنه في مواجهة ذلك ينبغي أن ندعو الى احياء كل حركات المقاومة، ونعيد ضخ الدماء في حركات رفض التطبيع أو مقاطعة البضائع الصهيونية أو لجان دعم الانتفاضة، لأن كل تحرك مهما كانت محدوديته ولو بالكلمة، هو في النهاية يصب في دعم الشعب الفلسطيني وصموده على أرضه».

القضية المركزية

• إذا أردنا وضع أسس حقيقية لحركة مقاومة عربية لما يجري في فلسطين، فعلينا تدارك أخطاء ما حدث في السنوات الماضية.

• القدس أصبحت الآن موضوع الساعة، وهي مركز الصراع الوجودي المصيري بين شعوبنا العربية والقوى الاستعمارية والصهيونية.

من جهته، قال رئيس مركز يافا الدكتور رفعت سيد أحمد، إن «اعتبار القضية الفلسطينية بمثابة القضية المركزية العربية، كان راسخاً في ادبيات القوى السياسية والوطنية العربية بكل الاتجاهات القومية واليسارية والإسلامية والليبرالية، لكن وسط انشغالات ما سمي بـ(الربيع العربي)، تراجع هذا الاهتمام لصالح مطالب وأجندات أخرى». وأضاف سيد أحمد «نحن من جيل تربّى سياسياً على مركزية فلسطين، وآمن بأنك لن تكون ديمقراطياً حقاً أو وطنياً حقاً أو ثورياً حقاً أو حالماً بالعدل حقاً، ما لم تكن مؤمناً بالقضية الفلسطينية، لأنها قضية شعب قبل أن تكون قضية أرض، قضية شعب اقتلع من وطنه اقتلاعاً ليصنع ويوضع مكانه كيان غاصب، كيان آخر بأسماء أخرى، ببلدات أخرى، بمصالح أخرى».

وتابع سيد أحمد «أما بالنسبة لقرار ترامب، فنحن نقول له (شكراً يا سيدي). كان هناك كثير من الأتربة على عقولنا فأزلتها، كنا نعيش أوهام تسويات وأوهام سلام، وأن هناك قدساً شرقية وقدساً غربية، فأتيت لتقول لنا لا يوجد أفق سياسي لهذا الوهم، ولتجعل الصراع يعود في انكشافه الى شكله الأول كصراع وجود وبقاء، وبين غاصبين وأصحاب حق».

وواصل سيد أحمد «هناك قطعة أدبية شهيرة اسمها (خطبة الهندي الأخير)، والمقصود به الهندي الأحمر في اميركا، اعتبرها الشاعر الكبير الراحل محمود درويش تنطبق على الفهم الأميركي الإسرائيلي للفلسطيني اليوم، أي انهم يرونه الهندي الأخير، لكننا نقول لترامب هذا ما تتصور، فالهندي الأخير لم يرفع شعار المقاومة في وجه المستوطن الأميركي، لكن الفلسطيني -مهما كانت نتيجة ما وصل اليه اليوم- رفع راية المقاومة بضراوة منذ اللحظة الأولى، رفعها في انتفاضة 1929، وثورة 1936، وفي كل حلقات المقاومة الفلسطينية المتوالية عقدياً وسنوياً وشهرياً ويومياً بأشكال وتدفقات متوالية، وليس معنياً أنه لم يكتب له النصر بعد، وبأمنيات البعض انه سيرفع يوماً الراية البيضاء، لأنه واثق بأن كل نضالاته هذه، لها نصر ينتظرها، ولن تضيع سدى».

وتطرق رفعت سيد أحمد لقضية القدس، وقال إن «الكنعانيين الذين هم بطن من بطون العرب كانوا في القدس 3000 سنة قبل الميلاد، وأقاموا فيها (واسمها أور سليم)، جاؤوا اليها قبل ان يأتي اليهود، ثم بعث الله سيدنا داوود عليه السلام، ومن بعده سيدنا سليمان ليحكما 73 عاماً، وحتى هذان -داوود وسليمان- يعدان في ثقافتنا الإسلامية مسلمين، أي ينتميان إلينا، كما أن اليهود الموجودين الآن في فلسطين ليسوا نسل هؤلاء، وليسوا من هذا النسب، وقد توالى على المدينة المقدسة بعد ذلك الفرس واليونانيون والمقدونيون، الى أن استقرت في يد المسلمين منذ الفتح العربي الإسلامي وحتى اليوم. فمن أين أتى ترامب بيهودية القدس؟».

وقال سيد أحمد إن «مدينة القدس شهدت سنة 621 ميلادية زيارة الرسول محمد عليه السلام عندما أسرى الله به ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى، والربط القرآني هنا في تقديري ربط تكليفي، كما شهدت ايضاً دخول سيدنا عمر بن الخطاب إليها سنة 636 ميلادية أو 638، بعد انتصار القائد العربي الإسلامي عبيد بن الجراح ليتسلم سيدنا عمر مفاتيحها، ومنذ تلك اللحظة اتخذت المدينة طابعها الإسلامي، لذا فإن البعثات الإسرائيلية كلما نقبت المنطقة للعثور على آثار يهودية وجدوا آثاراً إسلامية». وأشار سيد أحمد الى أن «سرد التاريخ العربي الإسلامي للقدس مهم جداً للبرهنة على أن القضية ليست صراعاً فلسطينياً اسرائيلياً، وإنما صراع عربي إسلامي من جهة، وصهيوني من جهة أخرى، فأغلب من حرروا القدس جاؤوا من خارجها، كذلك هو مهم حتى تتحمل الشعوب العربية والإسلامية مسؤولياتها».

تدارك الأخطاء

من جهته، قال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية دكتور محمد السعيد إدريس «إننا اذا أردنا ان نضع اسساً حقيقية لحركة مقاومة عربية لما يجري في فلسطين المحتلة، فعلينا تدارك أخطاء ما حدث في السنوات الماضية، لقد حدثت أخطاء من جانب قوى سياسية، وجهات إعلامية، ويجب علينا ان نشخص حدود كل خطأ، حتى لا نكرره بأنفسنا»، وتابع ادريس «اننا اليوم نحتمي بالمقاومة الفلسطينية اكثر مما نتصور اننا نحميها، نحتمي بالانتفاضة وصمودها وصمود شبابها، وصباياها وطاقاتها المتجددة في كل لحظة، وهي التي يمكن ان تمنحنا مزيداً من القدرة على التماسك والتغيير». وقال نائب رئيس حزب التجمع الوحدوي المهندس محمد فرج، إن «قرار ترامب، وبالأدق المواجهة الفلسطينية له، خلقت واقعاً دولياً مسانداً للشعوب العربية والقوى الوطنية، عليها أن تستغله».