«دولة» كردستان العراق المنتظرة.. «جـزيــرة» معزولة محاطة بالأعداء

لم تدم فرحة الأكراد في شمال العراق طويلاً، فبعد ساعات من إعلان نتائج الاستفتاء على استقلال الإقليم، تم تعليق الرحلات إلى مطاري أربيل والسليمانية. لقد بدأت الجهات الرافضة للاستفتاء بتنفيذ ما توعدت به إلا وهو الحصار الشامل إلى حين العدول عن فكرة الاستقلال. وكما كان متوقعاً فقد صوت غالبية الأكراد لصالح الانفصال عن بغداد، على الرغم من التهديدات الإقليمية والتحذيرات الدولية، ولم يحصل الإقليم إلا على تأييد دولة واحدة هي إسرائيل، الأمر الذي أثار سخط الكثيرين في الأوساط السياسية والشعبية العربية. أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد اتهم تل أبيب بتشجيع حكومة كردستان العراق على إجراء الاستفتاء، الأمر الذي نفاه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وعلى الرغم من أن الاستفتاء لا يعني الاستقلال فإن رئيس الإقليم مسعود بارزاني بات في موقف قوة، إذ أصبحت ورقة التأييد الشعبي في صالحه، في أي مفاوضات يجريها مع بغداد. وفي الوقت الذي تعتبر الأخيرة منطقة كركوك الغنية بالنفط جزءاً من العراق، يرى الأكراد أنها عاصمتهم التاريخية.

ويرى مراقبون أن القيادة الكردية في العراق تعتقد أن الظروف الإقليمية والدولية الحالية فرصة تاريخية لتحقيق حلم الأكراد بالاستقلال، ولكن لأن الإقليم منطقة مغلقة ويعتمد على البلدان المجاورة في استيراد المواد الغذائية وتصدير النفط، فهذا يجعل تحقيق حلم الاستقلال أمراً صعباً.

ويعد الأكراد أكبر عرق مشتت في العالم، حيث يتواجدون في دول عدة، ولم يحصل كردستان العراق على الحكم الذاتي إلا قبل عقدين في أعقاب الحظر الجوي الذي فرضته الولايات المتحدة على نظام صدام حسين. وتقدر بعض الجهات غير الرسمية عدد الأكراد في العالم بنحو 30 مليون شخص، يعيش معظمهم في تركيا والعراق وإيران.

هناك احتمال كبير بأن يندلع صراع على مدينة كركوك الغنية بالنفط، وغيرها من المناطق متعددة الأعراق التي تسيطر عليها القوات الكردية. هذا السيناريو سيضع القوات العراقية، والفصائل الشيعية المدعومة من إيران، في مواجهة قوات البشمركة التي دربها الغرب، وإذا كتب لها أن تقوم فإن دولة كردستان ستكون جزيرة معزولة محاطة بالأعداء من كل جانب.

المشكلات الرئيسة التي تواجه الاقليم تتمثل في أن المنطقة مغلقة ويحيط بها دول غير متعاطفة مع تطلعات الأكراد مثل تركيا وإيران، وأخرى تعيش صراعات مثل سورية وبقية العراق. وهناك مناطق متنازع عليها بين حكومة الإقليم وحكومة العراق المركزية، من بينها كركوك، والتي يقطنها مزيج من القوميات أهمها الأكراد والتركمان والعرب.

ويواجه إقليم كردستان العراق تحديات كثيرة على الأصعدة السياسية والاقتصادية، وترى حركة التغيير «غوران» التي يتزعمها أنوشروان مصطفی، أنه لا يوجد اتفاق شامل بين الأحزاب الكردية للذهاب باتجاه الاستقلال عن العراق، في حين ترى أحزاب أخرى وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه بارزاني، بأن الظروف باتت مهيأة لإعلان الاستقلال.

واشتدت النزعة نحو الاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد لدى العديد من قادة الإقليم بسبب الخلاف الحاد في وجهات النظر بين الجانبين بشأن المسائل الاقتصادية وحصة الإقليم من ميزانية الدولة العراقية، الذي وصل إلى ذروته في عام 2015 عندما قررت حكومة الإقليم بيع النفط بشكل مستقل عن الحكومة المركزية، وبعيداً عن مراقبة شركة تسويق النفط العراقية المعروفة اختصاراً باسم «سومو».

ونتيجة هذه الظروف بدأت سلطات إقليم كردستان العراق تطرح بشكل جدّي مسألة الاستقلال عن العراق وتشكيل دولة جديدة. وواجه هذا الطرح العديد من التحديات التي من شأنها أن تحول دون الاستقلال.

ولم يتوقف الأكراد عن السعي من أجل استقلالهم منذ عام 1920 حين تم وعدهم به خلال مؤتمر «سيفر»، لكنهم يشعرون بالقلق إزاء ردود الفعل العنيفة للدول المجاورة كإيران وتركيا، إضافة إلى تهديدات الحكومة العراقية في بغداد.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر