ليست «مانديلا آسيا»

سو كي تنتهج سياسة الإقصاء لمسلمي الروهينغا

صورة

بعد أن وجهت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تهمة التطهير العرقي لدولة ميانمار، ردت عليها مستشارة حكومة ميانمار وهو منصب شبيه برئيس الحكومة، بأعذار واهية بدت بصورة نموذجية كأنها صادرة عن أنظمة مستبدة.

مشكلات أخرى

ثمة حقيقة في التعليقات التي أطلقتها السيدة سو كي، مفادها أن ميانمار لديها «مشكلات أخرى» وهي عملية سلام متعثرة، وتحديات واضحة للديمقراطية والتنمية المستدامة. ولكن أي نوع من الديمقراطية يتسامح مع أعمال الإبادة؟ وفي حقيقة الأمر فإن المراوغة حول فكرة أن «كل الشعب» يعاني هدفها صرف النظر عن أعمال الإبادة التي يتعرض لها الروهينغا. وإذا عرضنا مشكلات ميانمار جميعها تبرز مأساة الروهينغا بصورة جلية متميزة عن جميع المشكلات الأخرى. وليس هناك حاجة إلى التحقيق «عن المشكلة الحقيقية»، أو أن نسأل نصف مليون شخص الذين لم يهربوا عن الحسابات التي قاموا بها من أجل البقاء في هذا البلد.

وبدلاً من الموقف المبدئي والإدانة لأعمال القتل في ميانمار، التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا هناك، كما هو متوقع من أيقونة حقوق الإنسان العالمية، والتي يحلو لكثيرين أن يطلقوا عليها لقب «مانديلا آسيا»، في إشارة الى رئيس جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، كررت سو كي الأعذار ذاتها التي ذكرتها سابقاً، مضيفة العديد من الأسباب الواهية والضبابية، الأمر الذي بدا واضحاً أنها لا تكترث كثيراً بمخاوف المجتمع الدولي، المتعلقة بأعمال القتل في هذا البلد، كما أنها كانت تقفز فوق الحقائق التي باتت جلية تماماً أمام أعين العالم أجمع.

موقف يبعث على القلق

ويبدو هذا الموقف من سو كي يبعث على القلق العميق من قبل العالم، لأنه يمثل أكثر من تراجع عن مواقفها وسمعتها التي اكتسبتها سابقاً، وجائزة نوبل التي نالتها نتيجة تلك المواقف. ويمثل هذا الموقف أكثر من مجرد فقدان هذه «الشعلة» المنادية بالحرية وحقوق الإنسان في عالم غير مستقر ومتصدع، نتيجة الاضطرابات والصراعات الاثنية والقومية. وتعتبر السيدة سو كي حالياً مشاركة في أعمال الإجرام والقتل، التي تدور في ميانمار بالنظر إلى أنها تدافع عن أمر لا يمكن الدفاع عنه، فهي تعزز بعمق من الانقسامات والأعمال الإجرامية التي تقود إلى الحروب الأهلية والصراعات الدولية. لقد قدمت اعذاراً عن أسوأ الانتهاكات التي يمكن أن تتعرض لها حقوق الإنسان.

والجدير بالملاحظة أن السيدة سو كي بدأت تطرح تعليقها باللغة الإنجليزية، مستحضرة ميثاق الأمم المتحدة حيث دعت إلى تأمين «وطن أكثر رحمة وعطفاً للبشرية جمعاء»، ولكن على ما يبدو ليس للأقلية الأكثر ضعفاً وفقراً وتعرضاً للكراهية في دولتها، وهم مسلمو الروهينغا. وامتنعت مرة ثانية عن الإشارة إليهم بالاسم، مواصلة ممارسة الإنكار لوجودهم أصلاً، مفضلة الإشارة إليهم بكلمة «مسلمين» فقط، ما جعلها تؤكد موقف سياسة الإقصاء التي انتهجها النظام السابق لمسلمي الروهينغا، وإن هذه السياسية لاتزال مطبقة. وتؤكد وبصورة عملية رفضها للقوانين، والمعايير الرئيسة الدولية التي تحترم السلامة البدنية، وتعريف الذات، وحق الوجود كمجتمع، والحفاظ على الهوية والمشاركة الفعالة في الحكم.

أعذار واهية

وفشلت الأعذار العديدة التي تذرعت بها سو كي في معالجة الأزمة. فعندما طالبت منحها مزيداً من الوقت بعد عام ونصف العام من وجودها في السلطة، كانت قد فشلت في فهم أن الأشخاص الذين هربوا من أعمال الإبادة ليس لديهم الوقت الكافي، وإنها لم تحاول أبداً العمل بصورة حازمة لمنع القتل والمطالبة بوقف الانتهاكات، والإصرار على حماية هؤلاء الضعفاء وتسهيل أعمال الإغاثة لهم.

كما أن سو كي لم تحاول قضاء بعض من وقتها لإعادة الجنسية لجميع السكان الروهينغا، الذين جرى تجريدهم من الجنسية جراء قانون صدر منذ عقود عدة. والتعهد بالالتزام بـ«استراتيجية وعملية التحقق الوطني» من أجل إعادة محتملة لأفراد الروهينغا «الذين ليس لديهم ما يخسرونه» يعتبر أمراً في منتهى السخف بالنسبة لشعب هرب من أجل النجاة بحياته، كما أنه خسر كل شيء لديه.

تويتر