على الرغم من تدابير المجتمع الدولي ضد بيونغ يانغ

قطر تساعد كوريا الشمالية من خلال تشغيل العمال الكوريين

صورة

قطر تساعد كوريا الشمالية، ذلك النظام الوحشي، الذي قتل طالب جامعة فرجينيا، أوتو وارمبير، الشهر الماضي، وتتمثل هذه المساعدة من خلال تشغيلها مواطني وجنود كوريا الشمالية.

ترتبط كل من كوريا الشمالية وقطر بعلاقة متينة، ولن يتغير سلوك كل من كوريا الشمالية وإيران وقطر، إلا بعد أن تفرض كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة عقوبات عليها.

كيف أصبح هذا ممكناً؟ النظام الكوري الشمالي، الذي يتزعمه كيم جونغ أون، يخضع في الوقت الحالي لعقوبات دولية، لأنه مستمر في تحدي النداءات الدولية الموجهة له، بوقف برامجه النووية والصاروخية. العملة الأجنبية التي تحصل عليها القوى العاملة الكورية الشمالية، التي تعمل في قطر، تعتبر أداة حاسمة لدعم اقتصاد البلاد الضعيف والمعزول.

ويعمل 3000 من العمال المهاجرين من كوريا الشمالية، في مواقع بناء منشآت كأس العالم 2022، حتى الآن، على الرغم من التدابير التي فرضها المجتمع الدولي على هذه الدولة الآسيوية. ومنذ أن حصلت قطر على حق تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، يتدفق مزيد من العمال الكوريين الشماليين داخل البلاد. وتدعم الدوحة كوريا الشمالية مالياً بالسماح لهؤلاء العمال بالعمل في إنشاء مدينة لوسيل، الموقع الذي ستقام فيه فعاليات كأس العالم.

ارتباط قديم

بدأ ارتباط قطر بكوريا الشمالية بعد أحداث ‏11 سبتمبر مع نشاط كثيف جداً بدءاً من عام 2003 حتى الوقت الحاضر. ويتم التعاقد بين العمال الكوريين الشماليين وشركات البناء المحلية، من خلال شركات منشآت كورية شمالية تعمل في قطر، من بينها سودو، وغنميانغ، ونامغانغ وجينكو.

وتدار جميع هذه الشركات من قبل مكتب الإنشاءات الخارجية الكوري الشمالي. بعض هؤلاء العمال هم في الأصل جنود أرسلتهم بيونغ يانغ، من أجل كسب أموال لمصلحة الجيش الكوري الشمالي.

وشقّت كل من شركتي سودو وغنميانغ، طريقهما إلى قطر أول مرة في عام 2003، تلتهما جينكو في عام 2010. وتوظف شركات التوظيف ما يصل إلى 3000 عامل كوري شمالي، لأغراض رصف الطرق وتشييد المباني. ويفسر وجود العمال الكوريين الشماليين في قطر قبل حصول قطر على حق تنظيم كأس العالم 2022، العلاقات القوية التي تربط الدوحة ببيونغ يانغ.

ويأمل العمال الكوريون الشماليون جمع عائد مجزٍ من عملهم لدى عودتهم إلى بلادهم، لكن وفقاً لشهادات عدد من المنشقين والخبراء والعمال أنفسهم، يتلقى هؤلاء العمال أقل من 10% مما جمعوه من أموال عندما يذهبون إلى بلادهم، وأكثرهم لا يحصل على أي شيء. وذكر أحد هؤلاء في موقع بناء وسط الدوحة قائلاً «نحن هنا للحصول على العملة الأجنبية لبلادنا». ويصبح هؤلاء العمال بموجب نظام الكفالة المعمول به في الدوحة، عبيداً لأصحاب العمل، العمال الكوريون الشماليون الذين يجدون أنفسهم بلا عمل لا يغادرون قطر، وفقاً لما ينص عليه القانون المعمول به. وفي معظم الحالات تتحول هذه العمالة لبيع الكحول لجمع الأموال لبيونغ يانغ، كجزء من شبكة غير مشروعة تعمل على دعم الاقتصاد الكوري الشمالي.

وبعبارة أخرى، فإن كل الدخل الذي يتم جمعه من أعمال السخرة في قطر يذهب مباشرة لدعم البرنامج النووي والصاروخي لبيونغ يانغ. وبطريقة أو بأخرى فإن قطر، جنباً إلى جنب مع حليفتيها إيران، وكوريا الشمالية، اللتين يقع برنامجهما النووي والصاروخي تحت طائلة العقوبات الدولية، تشكل مثلث رعب وفوضى تقلق الاستقرار العالمي.

معاقبة قطر

وتدعو السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، لفرض عقوبات مشددة ضد كوريا الشمالية، في الوقت الذي توسع فيه بيونغ يانغ من قدراتها الصاروخية استعداداً لتجربة نووية أخرى. وفي حين أن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يعملان على مراجعة الخيارات للتعامل مع هذه الدولة المتمردة على المجتمع الدولي، يحتشد العالم حول فكرة التعامل بشكل مناسب مع كوريا الشمالية.

وعلى الرغم من أن الصين وروسيا تتقاربان مع كوريا الشمالية بطريقة مختلفة عن الولايات المتحدة، ترتبط كل من كوريا الشمالية وقطر بعلاقة متينة، ولن يتغير سلوك كل من كوريا الشمالية وإيران وقطر، إلا بعد أن تفرض كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة عقوبات عليها.

ومن المثير للاهتمام أن المجتمع الدولي يتعامل منذ البداية مع هاتين الدولتين - كوريا الشمالية وإيران - كل على حدة، بسبب الجغرافيا في الوقت الذي يفترض أن يتم التعامل فيه مع طهران وبيونغ يانغ بشكل موحد، حيث إن كلا البلدين يتقاسم التقنية على وجه التحديد، في مجال الصواريخ، ويظهر ذلك من خلال تطور منظومات الأسلحة في كلا البلدين خلال الاختبارات، وهذا الارتباط يعود لعقود طويلة.

ومن المؤكد أن الدوحة تساعد كلاً من طهران وبيونغ يانغ على تحقيق أهدافهما، والاستمرار في سياسة المقاومة. وفي حالة الدوحة على وجه التحديد، فإن تدخلاتها في العديد من القضايا الإقليمية أسهمت في تصعيد الأزمات وتدهور العلاقات مع دول الخليج.

ما يحتاج القرّاء إلى معرفته، هو أن مشكلة قطر لا تتمثل فقط في دعمها للإرهاب، وإنما يعمل الأمير تميم ودولة قطر على تقويض النظام الدولي على نطاق أوسع بكثير مما تم توثيقه من قبل. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تقدم قطر على تسليح العمال الكوريين الشماليين، خصوصاً العسكريين منهم، الذين يعملون في الدوحة. ويمكن أن يتم استغلال العمال الكوريين الشماليين لحماية دولة قطر، مثلما تفعل تركيا في الوقت الراهن.

وعموماً، يشكل «الأخوة» في الدوحة وطهران وبيونغ يانغ، خطراً علينا جميعاً، حتى على طلاب الجامعات مثل أوتو وارمبير، ويتطلب الأمر عملاً منسقاً من قبل المجتمع الدولي للتخلص من هذه الآفة.

مؤسس ورئيس منظمة سابراك (لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأميركية)، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها.

سلمان الأنصاري

تويتر