3 عوامل تحدّد كيفية تمويل الجماعات الإرهابية عملياتها

اعتداءات باريس خلفت 130 قتيلاً وتمت بكلفة مالية زهيدة نسيبياً. رويترز

هناك 3 عوامل تحدّد كيفية تمويل الجماعات الإرهابية عملياتها، يتمثل الأول في مستوى الدعم المقدم للمجموعات، فعلى الرغم من أن قلة من الناس لا يوافقون على أن تنظيمي «القاعدة» أو «داعش» منظمات إرهابية، إلا أن بعض الجماعات الأخرى التي تصنفها الحكومات بأنها إرهابية، هي ليست بالفعل إرهابية في مفهوم أشخاص آخرين - وكما يقول المثل، فإن الإرهابي عند بعض الأشخاص، هو مقاتل من أجل الحرية عند البعض الآخر. فـ«حماس» و«حزب الله»، على سبيل المثال، ينظر إليهما على أنهما منظمتان إرهابيتان من قبل الغرب، لكنهما يعملان بشكل أو بآخر في كثير من البلدان العربية.

وعندما تشارك هذه الجماعات في حروب أهلية تتهم فيها جميع الأطراف بارتكاب فظائع، فإن هذه الجماعات غالباً ما تعتمد على مساهمات من الجهات التي تمثلها، أو تطلب الدعم المالي من الجمعيات الخيرية المتعاطفة معها والمغتربين، وحتى رعاية الدولة في بعض الأحيان. ولا يمكن لتدابير التنظيم المالي أن تقضي على أي من مصادر التمويل هذه، وإنما الضغوط السياسية، أو العقوبات، أو الحلول التفاوضية هي التي تقضي عليها.

ويتمثل العامل الثاني في أساليب جمع التبرعات للجماعات الإرهابية، حيث تستطيع هذه الجماعات الاستفادة من الاقتصادات غير المشروعة، وغالباً ما تستفيد من تهريب الآثار، والنفط، والسجائر، والسلع المغشوشة، والألماس، والعاج، وعادة ما تستغل الجماعات الشبكات القائمة وغالباً ما تتعاون مع مجرمين.

ويعود إنتاج الهيروين في أفغانستان إلى السبعينات من القرن الماضي، أي قبل وصول «طالبان» بوقت طويل إلى الساحة. ولم يبدأ الصيد غير المشروع في الحياة البرية في شرق إفريقيا مع ظهور «الشباب»، ولن ينتهي مع انهيار المجموعة. كما أن طرق التهريب في العراق وسورية، التي كانت موجودة منذ عقود، من المؤكد أنها ستظل حتى بعد انتهاء «داعش». ونتيجة لذلك، فإن البضائع التي يحصل من خلالها الإرهابيون على أرباح طائلة، مثل النفط في العراق، أو السجائر في منطقة الساحل، أو الألماس في غرب إفريقيا، تعكس ببساطة اقتصاداً غير مشروع تستغله هذه المجموعات الإرهابية من منطقة لأخرى.

وبالتالي، يتعين على الحكومات أن تتصدى لتمويل الإرهاب والهياكل الاقتصادية الكامنة في هذه المناطق، أو في الوقت نفسه على الأقل، قطع علاقات تلك الهياكل مع الإرهاب، وتعزيز التنمية، وتحسين الحكم، ومكافحة الفساد، ويعتبر كل هذا ذا أهمية أكبر من منع الإرهابيين من استخدام النظام المالي الدولي.

ويحدّد العامل الثالث الطرق التي يمول بها الإرهابيون أنشطتهم، وهذا يتمثل في قدرتهم على الوصول إلى مصادر الأموال المشروعة، فقد عرفت السلطات الأميركية بن لادن كممول للإرهاب، ومع ذلك، فإن مصادر ثروته - أمواله العائلية ومنشآت البناء والأعمال الزراعية التي يملكها - جميعها كانت قانونية تماماً. وبالمثل، أنشأ الجيش الجمهوري الأيرلندي العديد من الشركات، بما في ذلك خدمات سيارات الأجرة والفنادق، التي تم تسجيلها بشكل صحيح وتدفع عليها الضرائب، إلا أن المجموعة وجهت العائدات نحو كفاحها المسلح. ولأن الإرهابيين يستطيعون الاعتماد على مصادر دخل مشروعة، فإن قطع هذه الأموال يعتبر أصعب من مكافحة غسل الأموال أو الجريمة المنظمة.

هناك أمر واحد فقط يمكن أن يحدث ثورة حقيقية في تمويل المجموعة الإرهابية، هو الاستيلاء على الأراضي، فحتى عام 2013 كان «داعش» يحصل على معظم أمواله من الممارسات غير المشروعة في الاقتصاد العراقي، وبدرجة أقل بكثير، من التبرعات الخارجية. وفي عامي 2013 و2014، استولى التنظيم على مناطق شاسعة في شرق سورية وشمال العراق. وبحلول منتصف عام 2014، عندما أعلن «داعش» خلافته، كان نحو ستة إلى ثمانية ملايين من السكان يعيشون تحت سيطرته.

ولهذا السبب ارتفعت أموال التنظيم في عام 2014 بشكل كبير، وبلغت ميزانيته، وفقاً لدراسة أجرتها كلية كينغز بلندن، وآرنست ويونغ، 1.9 مليار دولار، بعد أن كانت أقل من 500 مليون دولار في العام السابق، 90% منها يأتي من الأراضي التي استولى عليها التنظيم حديثاً، حيث نهب المصارف والمحال التجارية، وصادر ممتلكات الأقليات والأشخاص الذين هربوا. وعلى الرغم من أن «داعش» يستخدم معظم النفط الذي يكتسبه للاستهلاك المحلي، لكنه يهرب بعضه للمناطق المجاورة للبيع. وفي ذروته في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، ظل «داعش» يحقق ما بين مليون إلى ثلاثة ملايين دولار يومياً من عائدات النفط.

تويتر