للحيلولة دون ظهور «إيران النووية الفتاكة»

كاتب أميركي: على ترامب مواجهة إيران بطريقة ريغان أمام الاتحاد السوفييتي

صورة

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة واضحة زادت من أسهمه في قاعدته السياسية في الداخل، وتبناها حلفاء بلاده الرئيسون في الشرق الأوسط، وتتمثل فحوى تلك الرسالة في أن جمهورية إيران الإسلامية هي دولة إمبريالية وقمعية، وما لم نعتمد استراتيجية جديدة فإنها في طريقها لامتلاك أسلحة نووية. ومن أجل الحيلولة دون مثل هذا التهديد، على ترامب أن يحتذي بصفحة من كتاب قواعد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، الذي استخدمه ضد الاتحاد السوفييتي المنحل.

• سيكون من الحكمة أن تدرس الإدارة كل جانب من جوانب الخطر الإيراني، وليس مجرد البرنامج النووي، إذ إن تركيز الرئيس السابق باراك أوباما فقط على نزع السلاح قد أصاب السياسة بالشلل.

• يجب أن تسعى حملة الضغط الأميركية لتقويض سلطة حكام إيران من خلال تعزيز القوى المؤيدة للديمقراطية، التي فجرت تظاهرات غضب في إيران عام 2009، وأوشكت أن تؤدي إلى إسقاط النظام.

• في الوقت الذي تمضي الإدارة الأميركية بقوة في تنفيذ الاتفاق النووي، ينبغي أن تقدم شروطاً منقحة لأغراض المتابعة.

في أوائل الثمانينات من القرن الماضي تحوّل الرئيس ريغان من استراتيجية الاحتواء التي ظل يتبناها أسلافه إلى خطة جديدة تتمثل في تقليص التوسع السوفييتي. وكان حجر الزاوية في استراتيجيته هو الاعتراف بأن الاتحاد السوفييتي عبارة عن نظام عدواني ثوري، لكنه هش من الداخل ولا بد من هزيمته.

وتم تحديد سياسة ريغان عام 1983 في ما يعرف بـ«الخطوط الإرشادية لقرار الأمن القومي 75»، وهي استراتيجية شاملة تدعو إلى استخدام جميع أدوات القوة الأميركية، العلنية منها والسرية. وتضمنت الخطة تطويراً دفاعياً هائلاً للإمكانات، وحرباً اقتصادية، ودعم قوات عميلة معادية للسوفييت، ومنشقين عن موسكو، وهجوماً شاملاً ضد شرعية النظام الأيديولوجية.

وينبغي أن يدعو ترامب إلى إصدار طبعة جديدة من «الخطوط الإرشادية لقرار الأمن القومي 75» وينظم أنشطة معادية للنظام الإيراني. وسيكون من الحكمة أن تدرس الإدارة كل جانب من جوانب الخطر الإيراني، وليس مجرد البرنامج النووي. ويبدو أن تركيز الرئيس السابق باراك أوباما فقط على نزع السلاح قد أصاب السياسة بالشلل.

وبموجب اتفاق أوباما النووي، الذي تعتريه العيوب تماماً من كل جانب، فإن طهران لا تحتاج إلى الغش والخداع للوصول إلى قدرات الحد الأدنى من تطوير الأسلحة النووية، فبمجرد انتظارنا للقيود الرئيسة لتفعل فعلها، يستطيع النظام الإيراني أن يطور برنامج تخصيب على مستوى صناعي خلال العقد المقبل، ويستطيع أن ينجح في إحداث اختراق، ويسلك طريقاً سرياً سهلاً لتصنيع رأس حربية نووية، وصواريخ باليستية بعيدة المدى، وأسلحة تقليدية، ويزيد من هيمنته الإقليمية، وتطوير اقتصاد أكثر قوة، وعلى نحو متزايد يستطيع أن يقاوم الحصار الغربي المفروض على البلاد. ويمكن أن نطلق على هذا السيناريو «الدولة الإيرانية الفتاكة».

ومن المفترض أن تستطيع أي موجهات أمن وطني جديدة أن تفكك بشكل منهجي السلطة الإيرانية التي تفرض وجودها في بلدان الشرق الأوسط. فالأوروبيون الذين أصيبوا بصدمة جراء عودة أبنائهم المقاتلين من سورية، وتدفقات اللاجئين الضخمة، قد يقفون ضد سياسات إيران الصارمة إذا أصبحت واشنطن تتعامل أخيراً بجدية في سورية. العلامات المبكرة لاستعادة أميركا زمام الأمور تبدو واعدة، ويتمثل ذلك في إطلاق 59 صاروخ توماهوك رداً على آخر هجوم كيماوي لنظام الأسد، والضربات العسكرية ضد الميليشيات المدعومة من إيران في جنوب سورية، وإسقاط طائرة مقاتلة سورية وطائرات بدون طيار إيرانية الصنع، وإصدار 281 عقوبة متصلة بسورية في غضون خمسة أشهر.

هدم الشبكات

يجب على واشنطن أن تعمل على هدم الشبكات الإرهابية للنظام الإيراني وأن تؤثر على عملياتها، بما في ذلك تواجد مثل هذه الشبكات في أوروبا والولايات المتحدة، وهذا يعني العمل بشكل وثيق مع الحكومات السنية المتحالفة معنا، لمواجهة التخريب الإيراني لمجتمعاتها. ويبدو أن الهجوم الأميركي قد بدأ بالفعل: مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، مايك بومبيو، يضع الوكالة على أهبة الاستعداد ضد أي هجوم مفترض أو متوقع لهذه الشبكات العالمية من خلال وضع برنامج عمل أكثر سرية.

أي عمل تنفذه واشنطن لمواجهة طهران يجب أن يهدف لإضعاف الموارد المالية للنظام الإيراني، ويجب أن تستهدف التدابير الصارمة حراس النظام، وهم قوات الحرس الثوري الإيراني، تلك القوة المهيمنة على الاقتصاد الإيراني. ويبدو أن إجازة العقوبات الجديدة - التي تصنف الحرس الثوري كياناً إرهابياً، والتي وافق عليها مجلس الشيوخ أخيراً بـ98 صوتاً، والعقوبات المفروضة على إيران، والتي تتجاوز أكثر من 40 عقوبة هذا العام - جميعها تمثل بداية طيبة، ولكن لايزال أمامنا الكثير من الامور التي نحتاج للسيطرة عليها مثل نقل الحرس الثوري الإيراني إلى «حزب الله» قدرات إنتاج صواريخ ذات حجم صناعي على الأراضي اللبنانية، ما قد يشعل فتيل الحرب المقبلة بين إسرائيل و«حزب الله». وقد يكون السبيل الوحيد للحيلولة دون عمليات نقل القدرات هذه، وبالتالي وقف الحرب هي عقوبات اقتصادية هائلة على إيران.

كما يجب أن تسعى حملة الضغط الأميركية هذه لتقويض سلطة حكام إيران من خلال تعزيز القوى المؤيدة للديمقراطية، التي فجرت تظاهرات في إيران عام 2009 وأوشكت أن تؤدي إلى إسقاط النظام. ويمكن استهداف نقطة الضعف في النظام المتمثلة في استشراء الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. ويبدو من الظاهر أن إيران لديها حكومة مستقرة مع جمهور متحد خلف رؤية الرئيس حسن روحاني للإصلاح التدريجي، ولكن في الواقع تتسع الفجوة بين المحكومين وحكامهم باطراد.

احتمالات ضعيفة

هناك احتمالات ضعيفة بأن تظهر حكومة معتدلة في طهران قبل انتهاء فترة سريان الاتفاق النووي. وعلى واشنطن أن تغلق مسارات الجمهورية الإسلامية المفضية للحصول على صواريخ نووية. وفي الوقت الذي تمضي الادارة الأميركية بقوة في تنفيذ الاتفاق النووي، ينبغي أن تقدم شروطاً منقحة لأغراض المتابعة، ومن شأن هذه الشروط أن تعالج العيوب الأساسية في الاتفاق الحالي، بما في ذلك فترة انتهاء سريان الاتفاقية التي قد تفتح الطريق واسعاً لطهران لإنتاج أسلحة نووية وصواريخ، ما قد يتمخض عنه صعوبة الوصول إلى المواقع العسكرية الإيرانية للتحقق الفعال من ذلك.

ويتعين على الإدارة أن تقدم الى إيران الخيار بين توقيع اتفاق جديد أو مواجهة حملة ضغط أميركية لا هوادة فيها، على أن تشير في الوقت نفسه الى أنها مستعدة من جانب واحد لإلغاء الاتفاقية القائمة، إذا لم تلعب طهران الكرة كما ينبغي.

بعد ست سنوات فقط من تبني رونالد ريغان استراتيجيته للضغط على الاتحاد السوفييتي، انهارت الكتلة بأكملها، ولهذا يجب على واشنطن أن تكثف الضغط على الملالي كما فعل ريغان مع الشيوعيين، وإلا فلم يتبق أمام ظهور إيران النووية الفتاكة سوى أقل من 10 سنوات.

مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات

تويتر