الدوحة احتضنت عناصر «الجماعة المقاتلة» منذ عودتهم من أفغانستان

عبدالستار حتيتة: التحركات القطرية في ليبيا لا تنفصل عما يحدث في الخليج

صورة

قال الخبير في الشأن الليبي عبدالستار حتيتة إن «التحرك القطري في ليبيا له ثلاثة محاور، العمل مع عناصر جماعة الإخوان الليبية (البناء والتنمية)، التي رغم محدودية أعدادها إلا أن لها وجوداً في المشهد السياسي، والعمل مع (الجماعة الليبية المقاتلة)، التي احتضنت الدوحة عناصرها منذ أيام وجود الجماعة في أفغانستان، والعمل مع الميليشيات المسلحة المتباينة التي لا تحمل غطاء آيديولوجياً محدداً، لكن عملها يصب في النهاية لمصلحة تيار التطرف في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط.

وقال حتيتة، وهو صاحب مؤلفات عدة حول الوضع الليبي وعلى صلة بمختلف الفاعليات السياسية هناك، في حوار مع «الإمارات اليوم» بالقاهرة، إن «الاختراق القطري للخريطة السياسية الليبية بدأ بعد هزيمة (حركة طالبان)، وتشدد ما سمّي بالأفغان العرب، حيث التقطت جهات قطرية عناصر ما يسمى بـ(الجماعة الليبية المقاتلة) على الحدود الأفغانية - الإيرانية، مستغلة في ذلك علاقتها الوثيقة بتيار الإسلام السياسي، وبطهران في الوقت نفسه، ودعمت هذه العناصر مالياً وإعلامياً وسياسياً ولوجستياً، وأسهمت في إعادة زرعهم لتسكينهم في مختلف أنحاء ليبيا».

دعم الميليشيات

• الدعم القطري للمجموعات الليبية ركّز كثيراً على دعم الميليشيات، التي أصبحت قوية بفضل انضمام ضباط وجنود سابقين في الجيش الوطني الليبي أثناء حقبة معمر القذافي، بعد أن تم اجتذابهم بالمال أو بالحيلة.

• يمكن القول إن إطلاق سيف الإسلام القذافي، تزامن مع ضعف نفوذ التيار المناصر لقطر في الفترة الأخيرة، لأسباب منها الميداني ومنها السياسي.

ونوّه حتيتة بأن الدعم القطري للمجموعات الليبية ركز كثيراً على دعم الميليشيات، التي أصبحت قوية بفضل انضمام ضباط وجنود سابقين في الجيش الوطني الليبي أثناء حقبة معمر القذافي، بعد أن تم اجتذابهم بالمال أو بالحيلة، ولكن بعدما تم تعيين رؤساء لهم من عناصر مؤدلجة تنتمي إلى «الإخوان» و«الجماعة الليبية المقاتلة»، وكان شعار هذه الميليشيات الأهم أن «الجيش الوطني الليبي لا يعود»، وفي سبيل ذلك تمت تصفية عشرات الضباط والعناصر من بينهم 700 ضابط وجندي في بنغازي وحدها».

وتابع حتيتة أن «الجهات القطرية المشتبكة بالواقع الليبي تشعر منذ أشهر بأنها تخسر، لذا فهي تحاول وقف الزحف المتجه ضد مناصريها، فعمدت إلى مؤازرة المجاميع المسلحة في الجفرة، ودعمت «سرايا الدفاع عن بنغازي» المتصفة بالإرهاب ودعمت ما سمّي بـ«القوى الثالثة» المتمركزة في سبها وتمبهت، لكن دون جدوى.

أبرز وجوه التدخل

وركز حتيتة على ان «أبرز وجوه التدخل القطري يتم الآن تحت مظلة منظمة (قدوتي)، التي تمدها جهات من الدوحة، بالمال والدعم، وهي مؤسسة تركز على تربية جيل شبابي تتم تغذيته بالأفكار التكفيرية، ليكون نواة لجماعات مستقبلية تحمل السلاح وتتدرب على التفخيخ والتكفير».

وحول علاقة الأزمة الخليجية مع قطر بالإفراج عن سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس السابق معمر القذافي، قال حتيتة إن «الجماعات الموالية لقطر عملت في مرات سابقة على تعطيل أي إمكانية للعفو العام، أو المصالحة الوطنية، أو بناء جيش قوي، لكن يمكن القول إن إطلاق سيف الإسلام القذافي هذه المرة، تزامن مع ضعف نفوذ التيار المناصر لقطر في الفترة الأخيرة لأسباب منها الميداني مثل التقهقر في الجفرة ودرنة، ومنها السياسي الخاص بالأزمة الخليجية الراهنة مع الدوحة، والأرجح ان هذا التراجع سيتواصل، ولن يكون أمام هذا التيار سوى التصعيد الإعلامي عبر شبكات الفضائيات التي يحوزها، أو اللجوء إلى اغتيالات فردية يائسة».

وتابع حتيتة: علينا أن نضع في الاعتبار أن إطلاق سراح سيف الإسلام القذافي ليس أمراً هيناً، فهو علاوة على نفوذه كابن للدولة الليبية القديمة، فإنه أيضاً صاحب مشروع الإصلاح السياسي - اتفق أو اختلف حوله البعض - في حقبة أبيه، والذي بسببه تم الإفراج عن مئات وربما آلاف المعتقلين، من المنتمين وقتها لتيارات الإسلام السياسي المتشدد، وإعادة المطاردين منهم من شتى بقاع الأرض إلى ليبيا، وادماجهم في المجتمع، وهو (أي سيف الإسلام القذافي) علاوة على نفوذه وسط قبائل والدته في الشرق، يملك أيضاً صلة ونفوذاً مهمين لدى قبائل جنوب ووسط وغرب ليبيا، ما جعل قبيلة مثل المجارحة - الحليف التاريخي لقبيلة القذاذفة - وقبيلة الورفلة، تنتعشان بعد الإفراج عنه، وقد يتطور الأمر عند سيف الإسلام القذافي ليطلق مبادرة سياسية، يكون لها تأثيرها في المشهد الليبي برمته.

تراجع النفوذ

وختم حتيتة أن النفوذ القطري في ليبيا إلى تراجع، وقد رصد مراقبون في الفترة الأخيرة حركة نزوح أموال محسوبة على قطر إلى الخارج، كما رصد البعض الآخر تحركاً نشطاً لتكتل مصريين متشددين موجودين على الأراضي الليبية، وربط المراقبون بين ذلك وبين العمليات الأخيرة في مصر، ربما في محاولة غير فاعلة لإثبات الوجود.

وأضاف حتيتة أن النفوذ القطري في ليبيا مهم للدوحة إلى أقصى حد، ففضلاً على أن ليبيا كانت معقلاً مهماً لحركات الإسلام السياسي المتبناة قطرياً منذ زمن، ومجاورة ليبيا لمصر والسودان لما يحمل ذلك من أهمية وتأثير، هناك دوافع اقتصادية مثل قيام مؤسسات محسوبة على قطر بمحاولات لاستكشاف الغاز الطبيعي في غدامس، على الحدود الليبية الجزائرية، وهناك محاولات للتنقيب عن الذهب واليورانيوم في الجنوب الليبي، وهو أمر انزعج منه حتى القيادي السابق للجماعة الإسلامية المقاتلة، خالد الشريف، ومن ثم فإن معركة قطر في ليبيا الموقع والجغرافيا ومعقل الإسلام السياسي، والأفق الاستراتيجي والثرواتي لا تقل أهمية ولا تنفصل عن الأزمة الدائرة في الخليج.

تويتر