تسعى إلى التصالح مع مصر

«حماس» تشعر بالضغوط عليها جراء أزمة قطر

صورة

قبل خمسة أعوام، كانت شوارع غزة مزدانة بالأعلام القطرية، للترحيب بأمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وانبعثت الأغاني الاحتفالية من الإذاعة ابتهاجاً بأول زيارة يقوم بها رئيس دولة خارجية إلى هذا الجيب من الأرض الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وتعهد الأمير بتقديم 400 مليون دولار لمشاريع بناء، ما يعني انقلاباً دبلوماسياً لهذه المجموعة الفلسطينية المسلّحة.

ولكن في الأسابيع الأخيرة، تراجع الدعم القطري، عندما تعرضت هذه الدولة الخليجية الصغيرة لمقاطعة سياسية واقتصادية من دول خليجية وعربية، لكي تنأى بنفسها عن الجماعات الإسلامية في المنطقة. وغادر قادة «حماس» مقارهم في العاصمة الدوحة، في الوقت الذي تبدو فيه استمرارية الدعم لمشاريع البناء القطري في قطاع غزة غير مؤكدة.

الوضع الهشّ في قطر دفع «حماس» إلى مواجهة مشكلة نقص الطاقة في غزة، والتي تعمقت قبل أيام، للسعي لإصلاح علاقتها مع مصر. وفي محادثات جرت أخيراً في القاهرة، ناقشت «حماس» والمسؤولون المصريون سبل التعاون لإغلاق منافذ تدفق الأسلحة والمسلحين إلى الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، الموالية لتنظيم «داعش» المتطرف.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، مخيمر أبوسعدة، «تغيرت الظروف الإقليمية، وانعزلت (حماس) سياسياً أكثر من أي وقت مضى». ويضيف: «قد تكون هذه الظروف فرصة مناسبة لإعادة العلاقات مع المصريين. وهذا قد يعطي (حماس) فرصة لتجنب المزيد من العزلة السياسية على الأقل».

• حركة (حماس) تتصارع مع أزمة خارجية في المنطقة وأزمة داخلية مع الكهرباء، وينتابها القلق من احتمال تعرّضها للطرد من قطر.

ومن شأن توثيق العلاقات مع مصر، وتخفيف الحصار الذي تفرضه القاهرة عليها، أن يساعد على كبح الجماح المتصاعد للجناح العسكري لـ«حماس». وقال نائب رئيس حركة «حماس»، خليل الحية، الأحد الماضي، إن الجماعة لا تعتزم الشروع في جولة جديدة من القتال مع إسرائيل، وهو ما يتناقض مع تصريحات مسؤولي الحركة قبل أسبوع.

وأصبحت قطر أهم رعاة حركة «حماس»، في أعقاب الاضطرابات التي نتجت عن انتفاضات «الربيع العربي»، والتي بدأت في عام 2011. وبعد أن دخلت سورية في حرب أهلية، خرج رئيس المكتب السياسي السابق للحركة، خالد مشعل، من دمشق لينتقل إلى الدوحة. ومولت قطر الطرق والمستشفيات والرواتب في قطاع غزة، بالإضافة إلى شراء الكهرباء من إسرائيل. وقدمت قناة الجزيرة الإخبارية تغطية إخبارية متعاطفة مع «حماس».

ولكن الآن، وجدت قطر نفسها تحت الضغط، وقد قطع العديد من جيرانها العرب العلاقات الدبلوماسية معها، وأغلقت السعودية الحدود الجوية والبحرية والبرية في وجهها، وبالتالي فإن مقاطعة قطر تؤثر في غزة.

وبعد أن غادر مسؤولون من حركة «حماس» الدوحة، ذكر الحية، يوم الأحد الماضي، ان رئيس المكتب السياسي المنتخب حديثاً، إسماعيل هنية، تخلى عن خططه للانتقال من غزة إلى قطر. كما أن الأزمة الدبلوماسية ستؤثر في مشروع سكني جديد نصف جاهز في جنوب قطاع غزة تموله قطر، ويطلق عليه «مدينة حمد» على اسم أمير قطر السابق، وبات مصير نحو 1000 منزل غير مكتمل غير مؤكد الآن.

ويرى المراقبون أن أزمات قطر وحركة «حماس» الحالية تنبع جزئياً من تحركات الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة، حيث يرى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب أن «حماس» وتنظيم «داعش» وغيرهما من الحركات الإسلامية المسلحة ينتمون لمعسكر واحد.

كما تعرضت «حماس» لضغوط من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي خفّض تمويل مدفوعات الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، وكذلك خفضت إسرائيل نفقات تكاليف الكهرباء في غزة.

ويقول المتحدث باسم شركة توزيع الكهرباء في غزة، محمد ثابت، إن إسرائيل خفضت الطاقة التي تقدمها إلى غزة بنحو 7٪، ومن المتوقع أن يقلل هذا الخفض فترة إمدادات الطاقة اليومية إلى المساكن إلى ثلاث ساعات فقط، بدلاً من الحصة الحالية التي تصل مدتها لخمس ساعات في اليوم، وحذر مسؤولو الحركة الأسبوع الماضي، من ان خفض الكهرباء قد يؤدي إلى «انفجار» العنف.

ويقول الباحث في جامعة الدفاع السويدية ومؤلف كتاب عن حركة «حماس»، بيورن برينر «ان (حماس) تتصارع مع أزمة خارجية في المنطقة وأزمة داخلية مع الكهرباء»، ويضيف: «الحركة قلقة جداً من أنها ستتعرض للطرد تماماً من قطر، فإذا حدث ذلك يجب أن يكون لديهم خطة (ب)، ونحن لا نعرف بالضبط ما ينطوي عليه ذلك».

وقد توترت العلاقات بين مصر وحركة «حماس» تاريخياً، بسبب ارتباط الجماعة الفلسطينية بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبعد إطاحة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013، عانت العلاقات بين القاهرة والحركة الفلسطينية، لأنها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال الحيّة، في تصريحات للصحافيين قبل أيام، عقب جولة من المفاوضات مع مصر «ان مصر قد تتدخل من اجل المساعدة في تخفيف أزمة الكهرباء في غزة».

ويضيف: «أن العلاقات مع مصر تسير على ما يرام وتشهد تحسناً». ويستطرد: «هناك فهم مصري للأزمة في غزة، وكان هناك استعداد من قبل مصر للعب دور مهم» في حلها. ويمضي قائلاً إن حركة «حماس» مصممة على منع الجماعات المسلحة في سيناء، التي تتحدى الحكم المصري من عبور الحدود، وترى أن تأمينها - أي الحدود - «مصلحة مشتركة» مع القاهرة.

تويتر