تم التسامح مع «ازدواجيتها» خلال المرحلة السابقة

قطر كانت عميلاً مزدوجاً في الحرب على الإرهاب

صورة

بعد مرور بضعة أسابيع على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، والتي تضمنت حث دول الخليج العربية على إنشاء تحالف محلي لمقاومة تنظيم «داعش» المتطرف، ولكي يقف في مواجهة إيران بهدف منع تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى، يبدو مستقبل انشاء هذا التحالف بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى. وقبل أيام قامت خمس دول عربية مختلفة هي السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين، واليمن بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها للمتطرفين بأشكال مختلفة.

وهذا الدعم ليس جديداً بالطبع، إذ إن قطر تلعب دوراً مزدوجاً منذ أمد بعيد في «الحرب على الإرهاب»، ولعبت هذه الإمارة الخليجية الغنية بالغاز، دور مركز أساسي لوجستي بالنسبة للولايات المتحدة والقوات العسكرية الأخرى التابعة لحلفاء أميركا، أولاً في الحرب ضد تنظيم «القاعدة» في أفغانستان في أعقاب 11 سبتمبر، ومن ثم في الحرب التي شنت ضد العراق عام 2003، والآن في الحملة ضد تنظيم «داعش» في العراق وسورية.

ولكن في الوقت ذاته، ظهرت قطر باعتبارها الداعم الرئيس لعدد من المجموعات المتطرفة. وتتضمن قائمة هذه المجموعات «الإخوان المسلمين»، وفرعها الفلسطيني «حماس»، إضافة إلى حركة «طالبان» في أفغانستان، و«جبهة النصرة» المتفرعة عن «القاعدة»، ومن المعروف أن جميع هذه المجموعات تلقت مساعدات ودعماً من قطر، التي أقامت في الوقت ذاته علاقات سياسية وتجارية قوية مع إيران.

• البيت الأبيض لا يبدو متسرعاً في نزع فتيل الأزمة الحالية، ربما انتظاراً لرؤية الضغط الذي تقوم به السعودية وشركاؤها لإجبار الدوحة على تغيير سلوكها.

• إذا قررت قطر أن تبقى سائرة في غيّها، فإن إخضاعها للعزل يمكن أن يساعد على الحد من تهديد الاستقرار الذي تشكله المجموعات التي تدعمها بصورة فاعلة.

وبالطبع فإن الخلاف الذي حدث أخيراً نجم عن التعليقات التي نسبت إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث دعا دول المنطقة إلى التخلي عن معارضتها لإيران، وقبول فكرة الانفراج مع إيران والملالي الذين يحكمونها.

وحتى الآن، فان هذه الازدواجية، جرى التسامح معها بهدوء من قبل دول المنطقة. ولكن يبدو أن ذلك توقف. وكان التحرك الدبلوماسي الأخير ضد قطر، والذي يتضمن تعليق السفر من الامارة وإليها عبر دول المقاطعة، وسد الطرق البرية والبحرية المؤدية إليها، إضافة إلى دعوة لمراجعة الشركات العربية اتصالاتها وعقودها مع قطر، والقيام بمحاولة منسقة لزيادة التكاليف المترتبة على سلوك قطر السيئ.

وثمة إشارات إلى أنها بدأت تغيّر هذا السلوك منذ الآن، إذ إن الدوحة التي أصبحت في موقف دفاعي الآن، بدأت تغيير موقفها التاريخي إزاء «حماس»، ففي الأيام الأخيرة، طردت عدداً من كبار مسؤولي هذه المنظمة الفلسطينية عن أراضيها، حيث كانوا يعملون من هناك بحصانة كاملة. وربما أن هناك العديد من هذه الخطوات المماثلة التي ستظهر قريباً، في حين يقوم المسؤولون القطريون بإصلاح العلاقات التي تضررت بصورة كبيرة مع جيرانهم المحليين.

ولكن ما الذي يعنيه كل ذلك بالنسبة لواشنطن؟ للوهلة الأولى، فإن الصدع العربي القطري كان خبراً سيئاً بالنسبة لأحلام إدارة ترامب في تشكيل تحالف محلي ضد إيران وتنظيم «داعش». ولكن الضغط الحالي على قطر، يمكن أن يكون له نتائج عكسية أو غير محسوبة. اذ إن المتحالفين في نهاية المطاف، تتحدد قوتهم استناداً إلى قوة العلاقة بينهم، كما أن الشراكة المحلية التي يقوم أحد أعضائها بتقديم المساعدة والدعم للقوى التي تقاتلها هذه الشراكة، محكوم عليها بالفشل حقاً.

ويقوم مسؤولو الإدارة حالياً بمحاولة التوسط لتخفيف التوتر بين قطر وجيرانها من الدول العربية، في مسعى منهم لإبقاء سياستهم الشرق أوسطية في طريقها الصحيح. ولكن البيت الأبيض ربما يبدو أنه ليس متسرعاً في نزع فتيل الأزمة الحالية، ربما انتظاراً لرؤية الضغط الذي تقوم به السعودية وشركاؤها لإجبار الدوحة على تغيير سلوكها بحيث تلعب دوراً بنّاء وأكثر فاعلية لمقاومة الإرهاب في المنطقة.

وإذا التزمت قطر بما يطلبه منها بقية جيرانها من الدول العربية، فإنها ستكون شريكاً استراتيجياً أكثر موثوقية للولايات المتحدة وحلفائها المحليين. وإذا قررت قطر أن تبقى سادرة في غيّها، فإن إخضاعها للعزل يمكن أن يساعد على الحد من تهديد الاستقرار الذي تشكله المجموعات التي تقوم بدعمها بصورة فاعلة وتقدم لها التمويل، وفي كلتا الحالتين فإن الدول المجاورة لقطر تنتظر منها ما ستقوم به على الأرض.

تويتر