أوباما عمل على حمايتها لتحقيق التوازن

ترامب مطالب بردع الدوحة عن المغامرة بمستقبل المنطقة

صورة

خلال الأيام الماضية، وضعت دول عربية عدة، من بينها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطر تحت دائرة الضوء. وقامت تلك البلدان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وغلق المجال الجوي والموانئ أمام الطائرات والسفن القطرية.

ويريد خصوم قطر العرب أن تكف الإمارة الصغيرة عن دعم المتطرفين السنة والشيعة، وإغلاق المنابر الصحافية المعادية، بما في ذلك «الجزيرة».

وتشير التقارير إلى أن القطرة التي أفاضت الكأس، كانت قرار الدوحة إرسال نحو مليار دولار لإنقاذ فريق صيد وقع في الأسر بالعراق، وهو فدية دفعت إلى إيران وإلى متطرفين عراقيين، وكلاهما تعتبرهما البلدان المعنية تهديداً لأمنها القومي. وقد تكون الفدية السبب المباشر للأزمة، ولكن التوتر كان يختمر لبعض الوقت.

والجهات الفاعلة الرئيسة هي الإمارات والسعودية، وهما القوتان الرئيستان في مجلس التعاون الخليجي، التي تعد قطر عضواً فيها أيضاً. وفي عام 2014، سحبت السعودية والإمارات والبحرين دبلوماسييها احتجاجاً على تدخل قطر في شؤونها الداخلية. وقد تسارعت تلك الأزمة جزئياً عندما دعمت الدوحة حكومة الإخوان في مصر.

مشكلات تختمر منذ 20 عاماً

• القطرة التي أفاضت الكأس، كانت قرار الدوحة إرسال نحو مليار دولار لإنقاذ فريق صيد وقع في الأسر بالعراق، وهو فدية دفعت إلى إيران وإلى متطرفين عراقيين، وكلاهما تعتبرهما البلدان المعنية تهديداً لأمنها القومي.

• الطريقة القطرية النموذجية هي اللعب على كلا الطرفين: التعامل بلطف مع الأميركيين من جهة، وأولئك الذين يريدون قتل الأميركيين من جهة أخرى.

ويقول المحلل السياسي محمد اليحيى: «لقد كان عام 2014 مجرد ذروة للمشكلات التي كانت تختمر منذ 20 عاماً»، ويضيف الزميل في «أتلانتك كاونسل»: «حمد بن خليفة آل ثاني (الذي حكم قطر حتى عام 2013) أطاح بوالده في انقلاب عام 1995. ورفض السعوديون ذلك، لأن هذا التصرف ليس جزءاً من ثقافة دول مجلس التعاون الخليجي بالإطاحة بالحكام في انقلابات من هذا القبيل، وكان الشيخ حمد قد أبدى الكثير من العداء تجاه السعودية، حيث تحول الموقف القطري 180 درجة بعد الانقلاب».

في الواقع، كان هذا هو الهدف الرئيس من قناة الجزيرة، لتكون بمثابة أداة يهاجم بواسطتها حمد جارته الخليجية الكبرى والأكثر ثراء. وعلى الصعيد الدولي، تعرف الشبكة الفضائية بموقفها المعادي لأميركا. فبعد 11 سبتمبر، كانت تبث أشرطة الفيديو التي كان يرسلها زعيم «تنظيم القاعدة» أسامة بن لادن إلى الشبكة. وخلال غزو التحالف للعراق بقيادة الولايات المتحدة، تبنت «الجزيرة» علناً موقف بقايا قوات صدام حسين التي كانت تستهدف القوات الأميركية وحلفائها.

اللعب على الطرفين

من وجهة نظر الدوحة، الحملة على الأميركيين كانت مجرد وسيلة أخرى لاستهداف الجارة الخليجية - السعودية. والقطريون ليس لديهم مشكلة حقيقية مع الولايات المتحدة، فهم يستضيفون «العديد»، أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط ومقر القيادة المركزية في المنطقة. ولكن هذه هي الطريقة القطرية، اللعب على كلا الطرفين: التعامل بلطف مع الأميركيين من جهة، وأولئك الذين يريدون قتل الأميركيين من جهة أخرى. وبالمثل، تشارك قطر مع إيران أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وهو مصدر جميع عائداتها تقريباً، لذلك فهي تحتفظ بالهدوء مع طهران حتى وإن كان حلفاؤها في مجلس التعاون يعتبرون إيران تهديداً.

كان الأمل، كما يقول اليحيى، هو أن الأمور ستكون مختلفة في عهد الأمير الجديد، تميم بن حمد آل ثاني، الذي عيّنه حمد بعد تنازله عن الحكم في 2013. ولكن في الرياض، تبين أن «هذه الآمال لم تكن في محلها».

في الواقع، يفترض الكثيرون أن الأمير الأب لايزال يدير المشهد، وفي ذلك يقول محلل آخر طلب عدم ذكر اسمه «تميم ضعيف جداً». وأوضح المصدر نفسه أن رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثاني أمضى أياماً في واشنطن للضغط على الكونغرس الأميركي، بعد أن حدد الرئيس دونالد ترامب قطر مصدراً للإرهاب في تغريدة أخرى مثيرة للجدل.

زاوية أوسع

ربما كان من المفيد رؤية الأزمة الحالية من زاوية أوسع، لأنها تعود إلى نحو 20 سنة مضت. كانت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض ناجحة، اذ تمكن من حشد دعم القادة العرب والمسلمين في مكافحة الإرهاب. ومن وجهة نظر السعوديين وغيرهم، كان وعد ترامب بالتخلي عن التدخل في مجتمعاتهم يمثل تغييراً مرحباً به من الإدارتين الأخيرتين. وأكدت تغريدة له بعد أسبوعين من زيارته ذلك، «خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لم يعد هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار القادة إلى قطر».

يقول محلل سياسي، فضّل عدم ذكر اسمه، «قام أوباما بحماية الدوحة»، متابعاً «استخدمهم للحفاظ على توازن في المنطقة، ولكن الآن أوباما ذهب، والقطريون فقدوا من يدافع عنهم». والهدف بعد ذلك هو أن ترامب يجب أيضاً أن يحمي الدوحة المغامِرة، ولكن من غير المرجح أن يكون من الحكمة توسيع الصدع في دول مجلس التعاون، وهي منطقة تتواجد فيها القوة الأميركية. وعلاوة على ذلك، عندما تكون هناك مشكلات مع حليف، يتعين حلها داخل البيت.

شريك لأميركا

يقول زميل الأبحاث في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، توني بدران: «لقد أراد السعوديون حشد دول مجلس التعاون ضد إيران»، متابعاً «إنهم يريدون ان يظهروا لإدارة ترامب أنهم جزء من الحل، وهم شريك لأميركا ضد كل الاشياء المزعزعة للاستقرار في المنطقة، سواء كانت ايران أو التطرف السني».

أما المحلل السياسي إيلي فواز، فيرى أنه لا مصلحة للمنطقة في المزيد من الصراعات والنزاعات، وأنه يتعين على الجميع العمل لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف. في حين يؤكد المحلل محمد اليحيى أن «السعودية تريد مجلس تعاون متحداً. الأمر لا يتعلق بتركيع قطر ولكن إعادتها إلى المسار من أجل العمل على توحيد الأجندة في البيت الخليجي»، متابعاً «لا أحد يريد أن يستمر هذا».

لكن الأهم من ذلك هو أن الإدارة الأميركية لا تسمح للاعبين المحليين، بتحديد الأولويات الأميركية. ولا ينبغي للصراع العربي الداخلي أن يصرف الإدارة عن إبقاء الشركاء الإقليميين يركزون على القضيتين الرئيستين في جدول أعمال الولايات المتحدة: لجم إيران وسحق تنظيم «داعش».

لي سميث - محلل سياسي في «ذا ويكلي ستاندرد»

تويتر