الأزمة الحالية قد تدفع بالدوحة إلى الارتماء في حضن طهران

«حقل غاز الشمال» مصلحة مشتركة بين إيران وقطر

الغاز الطبيعي أغدق على قطر أموالاً طائلة. أرشيفية

منذ أيام عزلت السعودية وحلفاؤها قطر، متهمين إياها بدعم الإرهاب وإيران. ويأتي هذا القرار بعد جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة، حيث كان قد ندد بنظام طهران. ويلعب النفط والغاز دوراً في الأزمة الحالية. لقد اختارت واشنطن دعم الرياض لتصبح القوة الرائدة في المنطقة في مواجهة خصمها - إيران، وسط صراع سياسي ومذهبي.

هذا الموقف الأميركي ينهي السياسة التي تبناها البيت الأبيض في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، وقد وقعت الولايات المتحدة، أخيراً، اتفاقيات توريد أسلحة أميركية بمليارات الدولارات، خلال زيارة ترامب الأخيرة.

- الحظر المفروض على الناقلات القطرية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، في مياه السعودية وحلفائها، يؤثر بشكل كبير في تسليم الغاز إلى البلدان الأوروبية.

- لا جديد في السياسة التي تنتهجها الدوحة، ومن المعروف أن الأخيرة لديها علاقات جيدة مع إيران، لأن هناك إرادة في بقائها. ومنذ فترة طويلة وُجهت انتقادات للإمارة الصغيرة بسبب تقديمها الدعم المالي لميليشيا «حزب الله»، ولتنظيم «الإخوان المسلمين» أيضاً، ما أثار استياء القيادة المصرية.

النتيجة الأولى لهذا العزل هي الانزلاق في أزمة دبلوماسية خطيرة على منطقة هي في غنى عنها. الصراعات في سورية واليمن والعراق، ومكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، وسط هجمات إرهابية شبه يومية، حولت بالفعل الشرق الأوسط إلى برميل بارود.

لا جديد في السياسة التي تنتهجها الدوحة، ومن المعروف أن الأخيرة لديها علاقات جيدة مع إيران، لأن هناك إرادة في بقائها. ومنذ فترة طويلة وُجهت انتقادات للإمارة الصغيرة بسبب تقديمها الدعم المالي لميليشيا «حزب الله»، ولتنظيم «الإخوان المسلمين» أيضاً، ما أثار استياء القيادة المصرية. دون أن ننسى تمويل قناة الجزيرة والدفاع عنها، التي انتهجت خطاً إعلامياً ينتقد أنظمة حكم قائمة في المنطقة دون حرج.

أما النتيجة الثانية فهي تتعلق بالتأثير في سوق الغاز، فمنذ ثورة الغاز الطبيعي المسال، التي أسهمت في أن يكون هذا المنتج الاستراتيجي أقل اعتماداً على خطوط الأنابيب، وبالتالي نقله عن طريق البحر على ظهر الناقلات العملاقة إلى جميع أنحاء العالم، أصبحت قطر أكبر مصدر للنفط على المستوى العالمي.

ومع أنه أقل استخداماً من النفط، باتت الجغرافيا السياسية للغاز قضية رئيسة. ومن المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز أكثر من 30% بحلول عام 2035. وبالنسبة إلى قطر، التي تحتكر مبيعات سنوية قدرها 80 مليون طن، تمثل نسبة 30% من العرض في السوق العالمية، فإن هذا يعطيها دوراً مهماً واستراتيجياً في الاقتصاد العالمي في ما يخص الطاقة.

ولأنه أقل تلويثاً بكثير من النفط، يبقى الغاز الطبيعي بديلاً مهماً في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري على وجه الخصوص لإنتاج الكهرباء في البلدان الآسيوية، إذ إن اليابان وكوريا الجنوبية والهند والصين تمثل أكثر من نصف صادرات الغاز من قطر.

في الواقع، الحظر المفروض على الناقلات القطرية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، في مياه السعودية وحلفائها، يؤثر بشكل كبير على تسليم الغاز إلى البلدان الأوروبية. ومع ذلك، تستطيع الناقلات الوصول إلى مضيق هرمز لإيصال الشحنات إلى عملائها في آسيا، عبر مسارات في المياه الإقليمية الإيرانية.

وتعتبر إيران أيضاً من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال، وتأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولايات المتحدة وروسيا. وهي تشارك قطر أحد أكبر حقول الغاز البحرية في العالم، ويسميه القطريون «القبة الشمالية» في حين يطلق عليه الإيرانيون اسم «جنوب فارس».

إذا أرادت السعودية منع شحنات الغاز الطبيعي المسال، تماماً، فلابد لها أن تفرض الحظر على إيران، وهو ما يعني تدخلاً عسكرياً. وتستبعد أسواق الطاقة الدولية هذا التصعيد، في الوقت الراهن، إذ لاتزال أسعار الغاز الطبيعي مستقرة، لكن الخطر يكمن في التنافس بين الدول المنتجة للغاز الطبيعي وتلك المنتجة للنفط، وقد تعول الأولى على زيادة الطلب.

وعلى المدى القصير، فإن الضغط على قطر يسعى في المقام الأول إلى إجبار الأخيرة على وقف تمويل الإرهاب، واختيار أحد المعسكرين - ضد أو مع التطرف، خصوصاً أنها تستضيف واحدة من كبرى قواعد الجيش الأميركي، مهمتها الرئيسة هي محاربة تنظيم «داعش».

لكن الأزمة الحالية قد تدفع بالدوحة إلى أحضان إيران، بدعم من روسيا (التي فتح فيها عملاق الغاز «روسنفت» أخيراً جزءاً من رأسماله أمام صندوق الثروة السيادية القطري)، وبدعم صيني أيضاً، باسم المصالح الاقتصادية ذات الصلة باستغلال الغاز.

ربما يكون ترامب قد تناول هذه المسألة. الخطاب الذي استخدمه الرئيس الأميركي خلال كلمته في الرياض - إيران تنتمي إلى «محور الشر» - هي العبارة نفسها التي استخدمها من قبل جورج بوش الابن في الشأن العراقي، وقد سبق هذا الوصف حرب الخليج الثانية، والنتيجة نعرفها جميعاً.

تويتر