يرى جيرانها أنها تراهن على الحصان «الأسود المقاوم»

قطر تستخدم العالم طاولة روليت للمراهنات على المجموعات «الرابحة»

صورة

قطع عدد من الدول العربية علاقاته مع قطر، واتهمها بدعم الإرهاب، إلا أن تسلسل الأحداث قد يخلق صعوبات للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تحتفظ بإحدى أكبر قواعد عملياتها الجوية في الصحراء خارج العاصمة القطرية، الدوحة، التي تضم نحو 11 ألف جندي أميركي، تعززت علاقات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع المملكة العربية السعودية، بعد زيارته الأخيرة للشرق الأوسط.

- يعتقد عدد كبير من المحللين أن الولايات المتحدة تحاول كل ما هو ممكن لإحلال السلام في المنطقة لأنها تعتمد بشكل كبير على دول الخليج في معركتها ضد تنظيم (داعش) الإرهابي.

- الدعم القطري للإسلاميين في المنطقة، وبالذات «الإخوان المسلمين» وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» التي تتخذ من غزة مقراً لها، أثار قلق السعودية والإمارات من أن قطر توفر منبراً لهذه المجموعات.

- كثيراً ما اعتمدت قطر على المنفيين لديها ليكونوا قنوات مهمة لسياستها الخارجية، وكانوا في الغالب إسلاميين.

وتأسست قاعدة العديد في قطر عام 2003، لتستضيف مقر القيادة المركزية الأميركية، بعد نقلها من قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية. وتعتبر القاعدة، التي تضم مدرجاً طويلاً يبلغ طوله 12 ألفاً و500 قدم، أهم منشأة عسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، حيث يمكنها استيعاب ما يصل إلى 120 طائرة. وتعمل القاعدة في قطر كمركز للوجستيات والقيادة لمنطقة العمليات التابعة للجناح الأميركي، بما في ذلك العراق وأفغانستان.

ويقول المحاضر في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط في جامعة لانكستر، في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»، سيمون مابون، الإثنين الماضي «قد يتورط الغرب في هذا الأمر، وهذا من شأنه أن يستدعي قدراً كبيراً من التدخل».

ويضيف أن «دول مجلس التعاون الخليجي هي عبارة عن هيئة أو كيان مستقل، وظل يحتاج على مدى العقد الماضي، أو أصبح أكثر اعتماداً على الأمن، وأعتقد أنه في الأسبوع الماضي أو نحو ذلك، ومع زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية، كنا نظن أن هناك وحدة أكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الأحداث الأخيرة أثبتت عكس ذلك».

ووضعت المواجهة الحالية بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر، الولايات المتحدة في مكان صعب، لأسباب عدة، فخلال مؤتمر صحافي انعقد يوم الإثنين في سيدني، قدم وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ووزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، دعماً أميركياً للتوسط في حل الازمة.

وصرح تيلرسون قائلاً «أعتقد أن ما نشهده الآن هو قائمة متزايدة من بعض المهيجات في المنطقة التي كانت موجودة بعض الوقت، ومن الواضح أنها قد وصلت الآن إلى مستوى جعل بعض البلدان تقرر أنها بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة تلك المصالح»، وأضاف «إننا بالتأكيد نشجع هذه الأطراف على الجلوس معاً ومعالجة خلافاتها». ويعتقد عدد من المحللين أن الولايات المتحدة تحاول كل ما هو ممكن لإحلال السلام في المنطقة، لأنها تعتمد بشكل كبير على دول الخليج في معركتها ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

هل يضر الصدع العربي بالعمليات الأميركية؟

في وقت سابق من هذا الأسبوع قالت وزيرة سلاح الجو، هيذر ويلسون، لوسائل الإعلام إن الانقسام الدبلوماسي بين قطر ودول عربية أخرى، لن يؤثر في الحرب ضد تنظيم «داعش» والعمليات الأميركية الأخرى. وقالت إن الرحلات الجوية الأميركية من القاعدة الجوية في قطر لم تتأثر بالأزمة الدبلوماسية الخليجية.

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية، اللفتنانت كولونيل داميان بيكارت «لم نر أي تأثير على عملياتنا، وإن جميع الرحلات مستمرة كما هو مقرر».

تصاعد التوترات في المنطقة

وكانت السعودية والإمارات العربية المتحدة واليمن وليبيا والبحرين وجزر مالديف قطعت أخيراً علاقاتها مع قطر. وقد استاءت دول الخليج العربية ومصر منذ فترة طويلة من دعم قطر للإسلاميين، لاسيما الإخوان المسلمين، الذين يتخذون من قطر مقراً لهم، وتعتبرهم عدواً سياسياً خطراً.

وأدى هذا التحرك المنسق، الذي انضمت إليه المالديف وحكومة ليبيا التي تتخذ من شرق البلاد مقراً لها في وقت لاحق، إلى حدوث شرخ كبير بين هذه الدول العربية وقطر.

وقال مابون «كان هناك توتر طويل الأمد بين القطريين وبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، خصوصاً السعودية والإمارات العربية المتحدة». وأضاف أن هذا التوتر ينبع من سببين، هما: أولاً، الدعم القطري للإسلاميين في المنطقة، الذين تقيم معهم دول كثيرة علاقات معقدة. وأضاف «كنت أتحدث في الغالب عن الإخوان المسلمين وحماس التي تتخذ من غزة مقراً لها، لذلك أعتقد أن السعوديين والإماراتيين يشعرون بالقلق من أن قطر توفر منبراً لهذه المجموعات».

السبب الثاني، وفقاً لمابون، هو علاقة قطر مع إيران «هذه التوترات طويلة الأمد التي كانت تغلي تحت السطح، لكن مع تعليقات أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأسبوع الماضي، التي تحدث فيها بإيجابية عن إيران وبسلبية عن دول أخرى، أصبحت هذه التعليقات بمثابة الفتيل الذي أشعل الأزمة بين قطر وهذه الدول». ويقول المحاضر في الدراسات الدفاعية في كلية كينج بلندن، ديفيد روبرتس «كثيراً ما اعتمدت قطر على المنفيين في الدوحة ليكونوا قنوات مهمة لسياستها الخارجية، ومعظم المنفيين في الشرق الأوسط هم إسلاميون، منفيون في الدوحة على مدى عقود»، وأضاف «أعتقد أيضاً أنهم (القطريين) رأوا اتجاهاً شعبياً ناشئاً، وحرصوا على دعمه». واتهم النقاد الدوحة بمعاملتها العالم مثل طاولة الروليت، وذلك باستخدام ثروتها الهائلة لوضع رهانات عشوائية عبر مسارح مختلفة من الصراع، ويرى جيرانها أنها تراهن على الحصان «الأسود المقاوم». ويقول سفير الإمارات لدى روسيا، عمر سيف غباش «إننا نبحث عن اعتراف بانتهاء هذه السياسة الخارجية، ولن يكون هناك دعم للإسلام المتطرف». وأضاف «لقد وصلنا إلى نهاية الطريق مع قطر، إنهم بحاجة إلى الاختيار».

تويتر