حالة من عدم الثقة تكبر بين الطرفين

عواصم أوروبيةتتعامل بحذر مع الإدارة الأميركية

ميركل تتعامل بحذر شديد مع ترامب. غيتي

الشهر الماضي، وخلال محادثة هاتفية جرت بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، تبادل الاثنان وجهات النظر حول الزعيم التركي، رجب طيب أردوغان، حيث أشاد ترامب بأردوغان، واصفاً إياه بأنه «رجل عظيم». واستمعت ميركل بأدب قبل أن تشير إلى أن أردوغان كان يضغط على مزاج ألمانيا وحلفائها الأوروبيين لأسابيع، ويصفهم بأنهم نسل النازيين.

وتقول المصادر إن ترامب فوجئ بما ذكرته ميركل، ويبدو أنه لم يكن يدرك أن أنقرة وبرلين كانتا على خلاف دبلوماسي شرس حول ما إذا كان يجب السماح لوزراء تركيا بتنظيم حملة في ألمانيا لإجراء استفتاء حول تعزيز سلطات أردوغان.

ترامب، كما يعترف مساعدوه، يشكل لها تحدياً فريداً من نوعه بسبب عدم قابلية مواقفه للتوقّع، ونظراً لموقفه المتناقض تجاه أوروبا.

ولم يعلق البيت الأبيض على هذه المزاعم، ورفضت الحكومة الألمانية التعليق أيضاً، مؤكدة الطبيعة السرية للمحادثة الهاتفية.

ويؤكد هذا الحوار الهاتفي، الذي جرى بعد أسابيع من أول زيارة لميركل لواشنطن، على التحدي الذي تواجهه الزعيمة الألمانية خلال محاولتها إقامة علاقة مع الرئيس، الذي وصفه نصف المسؤولين الأوروبيين الذين تحدثوا إليه بأنه شخص لا يمكن توقع ما سيقدم عليه، سيئ التنظيم، ويجنح إلى الأحاديث البلاغية.

بعد ستة أشهر من انتخاب ترامب، وقبل أكثر من أسبوع بقليل من قيامه برحلته الأولى إلى أوروبا كرئيس، لايزال المسؤولون في برلين وعواصم أوروبية أخرى غير متأكدين من موقف إدارة ترامب من العديد من القضايا الكبرى التي تهمهم.

لكن هؤلاء الزعماء يعبرون عن ارتياحهم بأنه لم يحوّل السياسة الخارجية الأميركية رأساً على عقب، كما كان يخشى البعض، خلال أشهره الأولى في المنصب، إذ لم يعد يصف حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشيء عفا عليه الزمن، وحافظ على علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأغراض تجارية. وبصرف النظر عن اقتراحه، الشهر الماضي، بأن الهجوم على رجال الشرطة في باريس سيساعد الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان في الانتخابات الفرنسية، لم يتدخل ترامب في السياسة الأوروبية أو يسعَ إلى تقويض الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من ذلك لايزال المسؤولون الألمان يشعرون بالقلق إزاء تحوّل أميركا إلى الحمائية تحت ترامب، على الرغم من خطابه الأقل تصادماً تجاه الصين وقراره بإسقاط خطط مثيرة للجدل لتعديل ضريبة الحدود.

وأعرب العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين عن قلقهم إزاء ما يعتبرونه عدم وجود استراتيجية أميركية متماسكة بشأن سورية.

ويعبّر بعضهم عن مخاوفه من أن الإقالة المفاجئة لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، أظهرت أن ترامب باستطاعته اتخاذ قرارات متهورة حول قضايا ذات أهمية كبرى. ويبدو ان المزاعم بكشفه عن معلومات سرية للغاية لوزير خارجية روسيا، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، من المحتمل أن تفاقم من مستوى عدم الثقة في العواصم الأوروبية.

ويقول دبلوماسي ألماني، إن «الشكوك حول الكفاءة المهنية لفريق ترامب على الأقل في السياسة الخارجية والأمنية قد انحسرت». ويضيف: «لكن الشكوك حول ترامب نفسه، وشخصيته ونضجه وجدارته بالثقة، لاتزال تتنامى».

ويقول مسؤول ألماني آخر: «يجب ألا نقلل من شأن نفوذ ترامب على إدارته».

عدد قليل من القادة الأجانب لديهم الكثير من الشكوك مثل ميركل حول العلاقة مع أميركا. وتعتمد ألمانيا بشكل كبير على الولايات المتحدة في ما يتعلق بأمنها. ويمكن أن تهدد دوامة الحمائية المتصاعدة اقتصادها المعتمد على التصدير.

في يوليو المقبل، وقبل شهرين فقط من إجراء ألمانيا انتخاباتها، ستستضيف ميركل قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، إذ من المتوقع ان يجتمع ترامب مع بوتين أول مرة. وسيكون هناك أيضاً الرئيس التركي أردوغان، والرئيس الصيني شي جين بينغ. يذكر أن ميركل ظلت تتشاجر مع بوتين وأردوغان منذ أكثر من 10 سنوات، وعملت مع رئيسين أميركيين قبل ترامب. وأنشأت علاقة وثيقة مع الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش في فترة ولايته الثانية التي شهدت صداقة قوية مع أوروبا. وعلى الرغم من أنها اصطدمت بعلاقات صعبة في البداية مع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، بعد أن حرمته فرصة التحدث في بوابة براندنبورغ خلال حملته الانتخابية عام 2008، انتهى الاثنان إلى تشكيل رابطة وثيقة. وقبل السفر إلى بروكسل للقاء ترامب يوم 25 مايو، ستظهر مع أوباما في ذلك المعلم وسط برلين.

إلا أن ترامب، كما يعترف مساعدوه، يشكل لها تحدياً فريداً من نوعه بسبب عدم قابلية مواقفه للتوقع، ونظراً لموقفه المتناقض تجاه أوروبا. وهو لا يحظى بشعبية كبيرة في ألمانيا، ما يجعل من المحرج سياسياً بالنسبة لها زيارته إلى البلاد في عام الانتخابات.

تويتر