الجيش الأفغاني ليست لديه الرغبة في القتال

أميركا تتجه إلى تصعيد حرب لا حسم لها في أفغانستان

واشنطن لم تفلح في تجهيز الجيش الأفغاني للقتال. رويترز

أكد دونالد ترامب، في حملته الانتخابية، أنه في حال أصبح رئيساً للولايات المتحدة، فإنه سينهي «عهد بناء الدولة». واليوم، يعتزم الرئيس الأميركي إرسال آلاف الجنود الإضافيين، للمشاركة في حرب مستمرة، منذ كان بعض هؤلاء الجنود أطفالاً صغاراً. بالتأكيد سوف يتخذ الديمقراطيون موقفاً آخر. وسوف تستمر أطول حرب في التاريخ الأميركي في حصد الأرواح، على الرغم من حقيقة ألا أحد في أميركا تقريباً، يعتقد أنه يمكن الانتصار فيها. لا أحد في أميركا يعير اهتماماً للمسألة، عدا العائلات التي تستقبل ضحايا الحرب من أبنائها القتلى أو الجرحى، أو الذين يعانون آثار الصدمات النفسية.

الفساد متشابك - إلى حد كبير - مع عدم الرغبة في القتال. أما ثاني أكبر مصدر للإيرادات في حركة «طالبان»، بعد تجارة الأفيون، فهو دافعو الضرائب الأميركيون، الذين يرسلون أسلحة وإمدادات إلى الجيش الأفغاني، قيمتها بالمليارات، وتنتهي معظمها في أيدي «طالبان».

لقد أصبحت الحرب الأفغانية غير مجدية سياسياً. لم يذكر دونالد ترامب ذلك في خطاب القبول أمام مؤتمر حزبه، ولم يذكره خلال مناظراته الثلاث مع هيلاري كلينتون. ولم يشر إلى هذه الحرب في خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس. هذا من حسن حظ ترامب. لأنه إذا كان المزيد من الأميركيين أعاروا اهتماماً، فسيدركون أن الحرب التي ينوي تصعيدها قريباً، ميؤوس منها. وبما أن معظم القوات الأميركية غادرت أفغانستان في عام 2014، فإن حركة «طالبان»، تمكنت من إعادة الانتشار بسرعة.

وفي نوفمبر 2015، وافق مسؤولون على إعادة إعمار أفغانستان، فيما كانت الحكومة الأفغانية تسيطر على 72% من الأراضي الأفغانية. وبحلول فبراير من هذا العام، انخفضت النسبة إلى 52%. ومع ذلك، فإن التقديرات غير الرسمية هي أسوأ من ذلك بكثير. ويقول دوغلاس ويسينغ، مؤلف كتاب «ميؤوس منه لكن متفائل: رحلة عبر حرب أميركية لا نهاية لها في أفغانستان»، «لقد أخبرني بعض المحللين الاستخباراتيين، بأنهم (طالبان) يسيطرون على 90%، من المناطق الريفية».

ولا تحظى حركة «طالبان» بشعبية، لكن لديها عدد من المزايا المهمة: أهمها، أن الجيش الأفغاني يفتقر إلى التحفيز. ويوضح كارل إيكنبيري، الذي قاد قوات «الناتو» في أفغانستان، قبل أن يصبح سفيراً في كابول، الأمر بالقول: «حاول الجيش الأميركي، منذ 15 عاماً، مساعدة أفغانستان في بناء جيش محترف». متابعاً «كان يفترض دائماً أن هدفه يكمن في هزيمة التمرد، وهو هدف يفترض أن يتقاسمه قادة الجيش الأفغاني»، لكن يوضح السفير الأميركي «هذا ليس صحيحاً في كثير من الأحيان، إذ عادة ما وجدنا الضابط الأفغاني أكثر اهتماماً بضمان رفاهية أسرته ومؤيديه»، يشرح إيكنبيري «إضافة إلى البقاء على اتصال مع الرعاة السياسيين، وتجنب القتال من أجل الحفاظ على الوحدة التي يقودها، والتي تعتبر مصدراً للدخل».

الفساد متشابك - إلى حد كبير - مع عدم الرغبة في القتال. أما ثاني أكبر مصدر للإيرادات في حركة «طالبان»، بعد تجارة الأفيون، فهو دافعو الضرائب الأميركيون، الذين يرسلون أسلحة وإمدادات إلى الجيش الأفغاني، قيمتها بالمليارات، وتنتهي معظمها في أيدي «طالبان». وقال المفتش العام للأمم المتحدة الخاص بأفغانستان، جون سوبكو: «نسمع قصصاً عن قادة (أفغان) يسرقون الوقود، ويبيعونه لـ(طالبان)»، متابعاً «المفارقة هي أن الإرهابيين هم في نهاية سلسلة التوريد التي نطلقها». وفي الشهر الماضي، وفي ما يعتقد أنه كان أكبر هجوم على قاعدة عسكرية أفغانية، منذ بدء الحرب، اقتحمت «طالبان» موقعاً للجيش في شمال البلاد، وقتلت 170 شخصاً. كيف قاموا بذلك؟ لأنهم كانوا يرتدون زيّ الجيش الأفغاني، ويسافرون في مركبات الجيش الأفغاني، ويحملون بنادق رشاشة من طراز «إم 16».

وفي فبراير، اعترف قائد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان، الجنرال جون نيكولسون، بأنه «من الصعب جداً النجاح في ساحة المعركة، عندما يتمتع عدوك بدعم خارجي وملاذ آمن». والحركة تتلقى الإمدادات من ثلاث دول، هي: باكستان، وروسيا، وإيران.

ومن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع.. روسيا وإيران خصمان لأميركا، إنهما لا تريدان وجوداً عسكرياً أميركياً دائماً، قريباً من حدودهما. إن قادة باكستان أقل قلقاً من أن تصبح أفغانستان عميلاً للولايات المتحدة، لكنهم يشعرون بالذعر من أن تصبح أفغانستان عميلاً لخصمها القوي - الهند.

بيتر بينارت أستاذ الصحافة والعلوم السياسية في جامعة مدينة نيويورك

تويتر