الانتخابات التشريعية المقبلة الاختبار الحقيقي لقوة الرئيس المنتخب

ماكرون أمام مهمة إصلاح الاتحاد الأوروبي

ماكرون فشل في تقديم خطة اقتصادية ناجحة عندما كان في حكومة هولاند. أرشيفية

تنفس العالم الغربي الصعداء، يوم الأحد، بعد أن تمكن إيمانويل ماكرون من هزيمة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، بشكل حاسم، ليتولى رئاسة فرنسا. ومع ذلك، فإن الحسم لم يتم بعد، فهناك انتخابات تشريعية، الشهر المقبل، حيث سيتم اختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وإذا لم تحقق الأطراف المتعاطفة مع الرئيس المنتخب فوزاً بالأغلبية، فإن الأخير سيجد نفسه أمام «تعايش» مع برلمان غير ودي، أقرب إلى الانقسام الذي يحدث حالياً في الولايات المتحدة، وما تلا ذلك من حالة الجمود.

عندما التحقت البلدان المعنية بمنطقة اليورو، احتفظت أيضاً بمعظم سيادتها الاقتصادية.

لكن لنفترض أن ماكرون لديه علاقة عملية على الأقل مع الجمعية الوطنية، فإن السؤال الكبير بالنسبة له الآن، هو كيفية تجنب مصير سلفه، فرانسوا هولاند، الذي تراجعت شعبيته الآن إلى نحو 4%، لإنقاذ نفسه، يجب عليه إنقاذ الاتحاد الأوروبي، من خلال إصلاح منطقة اليورو.

ما دمر رئاسة هولاندا كان الشيء نفسه الذي دمر الحركة الشعبية في اليونان «باسوك»، وحزب العمال الاشتراكي الإسباني: التقشف واليورو. قبل الأزمة المالية عام 2008، تدفقت مبالغ ضخمة من الأموال «الساخنة» من البنوك الألمانية والفرنسية إلى دول جنوب أوروبا، ما تسبب في انهيار اقتصادي حاد، عندما توقفت فجأة بعد الأزمة.

الاستجابة الحكيمة في بلد يعاني ركوداً حاداً تبدو واضحة؛ وهي الإنفاق الحذر والتحفيز النقدي لاستعادة الطلب، وخفض قيمة العملة لتحسين التوازن التجاري، وطالما أن هناك بطالة، والبنك المركزي يقف وراء الاقراض الحكومي، فلن يكون هناك تضخم مفرط.

عندما التحقت البلدان المعنية بمنطقة اليورو، احتفظت أيضاً بمعظم سيادتها الاقتصادية، والآن يملي صندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية، وأيضاً البنك المركزي الأوروبي، السياسة الاقتصادية. ويستخدم هؤلاء سيطرتهم على اليورو للتصرف عكس الحكمة: التقشف بدلاً من التركيز على عجز الميزانية والتحفيز النقدي. وكانت النتيجة أداء اقتصادياً كارثياً بشكل عام، وتركز ذلك في بلدان جنوب أوروبا، التي عانت كارثة اقتصادية كبيرة.

وحصلت فرنسا على جزء صغير من ذلك خلال سنوات حكم هولاند، عندما تم تنفيذ الإصلاحات التقشفية تحت ضغط من المفوضية الأوروبية، وتم ترويج هذه الإجراءات على أنها ستحفز النمو وتنعش سوق العمل، إلا أن أثرها كان معاكساً تماماً، فقد انخفض النمو الاقتصادي، وظلت مستويات البطالة في فرنسا أسوأ من الدول المجاورة.

بالتأكيد لا تعاني فرنسا مثل اليونان، لكن الناس يميلون إلى مقارنة وضعهم بأقرب مقياس متاح، لذلك فمن المفهوم أن الفرنسيين سيكونون مستائين من التراجع، خصوصاً أن المزايا الموعودة لا تتحقق. وكون هولاند كان يأخذ بالأساس الأوامر من تكنوقراط (في بروكسل)، خارج الحكومة الفرنسية، وغير خاضعين للمساءلة، فإن ذلك يزيد خيبة الأمل.

لذلك يتعين على الرئيس المنتخب أن يقف في وجه هؤلاء المنظرين في بروكسل، وعليه مواجهتهم علناً إذا لزم الأمر، ويطالب بوقف التقشف الذي لا معنى له والإصلاح المناهض للعامل، والسلوك المناهض للديمقراطية. وكحد أدنى، يجب عليه أن يطالب بتحفيز مالي، لاستعادة فرص العمل في دول منطقة اليورو، التي تعاني الركود.

بصراحة.. لا أعتقد أن ماكرون سوف يفعل أي شيء من هذا القبيل، فلا يمكن أن نتصور أن شخصاً لديه خلفية بغيضة (مصرفي سابق كتب حرفياً مشروع القانون الإصلاحي الفاشل لهولاند)، يمكنه مواجهة ديكتاتورية منطقة اليورو.

في حين يواجه ماكرون مهمة صعبة، لأن منطقة اليورو خارج نطاق السيطرة الديمقراطية على وجه التحديد، فإن تكنوقراط بروكسل سوف لن يترددوا في معاملة فرنسا مثل اليونان.

والشراكة الفرنسية الألمانية هي قلب منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، ما يعطي ماكرون نفوذاً أكبر بكثير من ألكسيس تسيبراس في اليونان. بالإضافة إلى ذلك، سيكون بمقدور ماكرون أن يجادل بشيء من العقلانية، أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى اتفاق معه، فسوف يواجه زعيماً فرنسياً لديه قناعة بأن منطقة اليورو غير مجدية اقتصادياً، وينسحب ببساطة.

إذا لم يفعل رئيس فرنسا الشاب شيئاً، وظل اقتصاد فرنسا متأرجحا أو ازداد سوءاً، فقد تكون مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان أوفر حظاً في الانتخابات المقبلة.. وعلى الفرنسيين أن يحترسوا.

راين كوبر محلل سياسي

تويتر