المرصد

هجوم واضطهاد يطال الصحافة والصحافيين

نعيش في وقت تتعرض فيه حقوق الإنسان، التي اكتسبها بشق النفس، لخطر تغوّل تيار الاستبداد المتعاظم، وكراهية الأجانب، والهجوم على الحريات المدنية الأساسية، وهذا بدوره ينتقص من حرية الصحافة، ويتعرض عدد متزايد من الصحافيين لخطر التهديد، وفقدان سبل العيش، والهجوم البدني.

وأظهر أحدث البحوث، التي أجراها التحالف المدني الدولي «سيفيكوس»، أن الهجمات على الصحافيين أصبحت الآن سمة شائعة بشكل ملحوظ في معظم الدول والشركات الخاصة وغيرها، سعياً للحد من الانتقادات أو التقارير التي تكشف حقائق لا تروق لبعض الكيانات، وتساعدنا هذه النتائج أيضاً على فهم سبب تعرض الصحافيين للهجوم.

ففي الوقت الراهن نجد أن 23% من الهجمات على الصحافيين، والتي أوردتها «سيفيكوس مونيتور»، وهي منصة على الإنترنت توفر معلومات محدثة عن نشاط المواطنين في جميع أنحاء العالم، ترتبط بكتابة تقارير سياسية لا تروق للجهة المعنية. وهذا أمر مثير للقلق لأنه من دون وجود وسائل إعلام حرة لنشر مثل هذه التقارير، لا يمكننا أن نعرف ما إذا كان زعماؤنا المنتخبون يتصرفون على وجه أفضل لمصلحة الجمهور. كما أن التقارير الخاصة بالاحتجاجات تستحوذ على 18٪ من هذه الهجمات، تليها تقارير فضح الفساد (15٪)، وتغطية النزاعات المسلحة (15٪). وتعتبر قضية مراسل صحيفة «صنداي تايمز»، مزيليكازا وأفريكا، مثالاً لهذه التحديات التي يواجهها الصحافيون في جنوب إفريقيا وفي القارة الإفريقية كافة. فقد ظل هو وعائلته تحت الحماية الأمنية على مدار الساعة، بعد أن تلقى تهديدات بالقتل، بسبب مقال استقصائي كتبه عن الفساد في مرفق الكهرباء «إسكوم».

كما يتم توفير حماية للصحافي الاستقصائي الجنوب إفريقي، سيفو ماسوندو، بعد تلقيه تهديدات بالقتل تتعلق بتقاريره حول فساد الدولة. ووفقاً لصحيفة لأفريكا، فإن «هذه التكتيكات تكتسب زخماً، لإجبار الصحافيين على التراجع».

هذا الأسبوع، حكمت محكمة عسكرية في الكاميرون بالسجن لمدة 10 سنوات، على الصحافي بإذاعة فرنسا إنترناشونال، أحمد أبا، الذي كان محتجزاً منذ يوليو 2015 بتهمة «ارتكاب أعمالاً إرهابية»، بسبب تقارير عن الإرهاب.

وعلى الصعيد العالمي، تشمل التقارير التي سجلتها «سيفيكوس» في الأشهر الأخيرة، هجمات بالقنابل على مكاتب إعلامية، وهجمات بالسواطير، والاختفاء القسري، واستخدام القوة البدنية من جانب ضباط الشرطة أثناء الاحتجاجات. وتنفذ هذه الهجمات إما من قبل الدولة ووكلائها، أو من قبل جهات فاعلة غير تابعة للدولة، بما في ذلك الشركات الخاصة والعصابات الإجرامية والجماعات المتطرفة. وما يبعث على القلق أن الأشخاص المسؤولين عن هذه الهجمات مازالوا مجهولين في نحو ثلث القضايا التي سجلتها «سيفيكوس». وهذا يدل على ما وصفه المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بحرية التعبير، ديفيد كاي، بأنه «فشل واسع النطاق في محاسبة الجناة عن الاعتداءات على الصحافيين»، بسبب «عدم الاهتمام بالدور الذي يلعبه الصحافيون في المجتمعات الديمقراطية».

تويتر