مع اقتراب الانتخابات الرئاسية

المتشددون الإيرانيون يسعون بــلا هوادة لتشكيل جبهة موحدة قبل الانتخـابات

صورة

بعد فترة وجيزة من اعتماد رجل الدين المحافظ، إبراهيم رئيسي، مرشحاً من الجناح المتشدد لخوض الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ابتكر هذا المرشح طريقة ذكية لاستقطاب أصوات الجماهير، وكشف فجأة عن سلاح يخبئه في مستودع حملته الانتخابية، وذلك السلاح هو زوجته.

- حاول المتشددون إظهار الوحدة قبل الانتخابات، واتفقوا في ما بينهم على أن كل من يبرز كمنافس خلال الحملة سيخوض الانتخابات، بينما يتنحى له الآخرون جانباً.

- مؤيدو رئيسي، بمن فيهم زوجته، يعتقدون أن افتقاره إلى الخبرة السياسية يمكن أن يعمل لمصلحته في سعيهم لتصويره رجلاً للشعب.

ففي خطوة لم يسبقه إليها من قبل رجل دين محافظ يشغل منصباً سياسياً، نشر رئيسي شريط فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أشاد فيه بزوجته، جميلة علم الهدى، وهي أستاذة في جامعة شهيد بهشتي، وناجحة في مهنتها، وتحدث في الفيديو قائلاً «إذا عدت إلى المنزل ولم تكن هي هناك لا أحتج، وإذا لم يكن هناك عشاء لا أحتج أيضاً»، ويمضي رئيسي بحديثه في الفيديو، بينما تظهر صورة زوجته بجانبه «أنا أؤمن حقاً بأن عملها يفيدها هي والبلد، وبأن لها تأثيراً».

وكان رجل الدين المحافظ هذا، الذي يتمتع بالنفوذ، قد أوصى منذ فترة طويلة النساء بالبقاء في بيوتهن والعمل كربات منازل.

لكن بعد أن تبقى من الاقتراع أقل من شهر واحد، فإن الجهود التي بذلها رئيسي للضغط ضد التقاليد، اعتبرها كثير من المحللين محاولة للوصول إلى الناخبين خارج قاعدة الدعم الأساسية للمتشددين، حيث تعتبر هذه القاعدة الأكثر فقراً وتديناً من قطاعات المجتمع الأخرى.

بعض المراقبين فسروا هذه الخطوة بأنها اعتراف صريح من رئيسي بالعقبات التي يواجهها في محاولته للإطاحة بالرئيس الوسطي، حسن روحاني، في انتخابات 19 مايو.

ويعتقد المحللون المؤيدون للإصلاح أن رئيسي، وهو رجل دين كبير ونائب عام سابق، هو المرشح المفضل للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، وهو من أبرز المنافسين للرئيس، إلا أن رئيسي (56 عاماً) يفتقر إلى المواقف الوطنية، ولا يتمتع بخبرة سياسية، في حين أن المعسكر المتشدد الذي يدعمه قد انقسم على نفسه، ويفتقر إلى القيادة منذ أن خسر انتخابات عام 2013 التي قادت روحاني إلى سدة السلطة.

ويعتقد محللون أن رئيسي إذا أراد أن ينجح فإنه سيحتاج إلى استقطاب الناخبين من الطبقة الوسطى، الذين يأمل الكثير منهم، منذ فترة طويلة، إجراء إصلاحات اجتماعية، ويعتبرون رجال الدين عفا عليهم الزمن، «وإن حقيقة لجوء المتشددين إلى مرشح مجهول مثل رئيسي، فإن ذلك يعكس أزمة في معسكرهم».

ويقول أحد المطلعين على النظام ويرتبط بعلاقات مع الإصلاحيين والمتشددين، «لقد استخدم رئيسي زوجته لأنه يعرف أنه لا يستطيع الفوز بالانتخابات من خلال الاعتماد فقط على الفقراء».

كما أن صراعات القوى في المعسكر المتشدد، الذي يضم ثلاثة مرشحين يتنافسون على الانتخابات، يمكن أن تعوق أيضاً فرص رئيسي. كما أن منافسه الرئيس المدعوم من المتشددين هو عمدة طهران القوي، محمد باقر قليباف، الذي جاء في المرتبة الثانية بعد روحاني قبل أربع سنوات.

ويعتقد بعض المتشددين أن ملفه الوطني وخبرته السياسية يعنيان أن قليباف (55 عاماً) لديه فرصة أفضل لهزيمة الرئيس.

وحاول المتشددون إظهار الوحدة قبل الانتخابات، واتفقوا في ما بينهم على أن كل من يبرز كمنافس خلال الحملة سيخوض الانتخابات، بينما يتنحى له الآخرون جانباً. وكان الهدف من ذلك هو تجنب تكرار ما حدث في عام 2013 عندما تهاون المتنافسون المتشددون في دعم بعضهم بعضاً، وبدلاً من ذلك رشحوا أنفسهم ضد بعضهم البعض. إلا أن أياً من رئيسي وقليباف لم يؤكدا التزامهما بمثل هذه الصفقة. ويقول هذا المطلع على النظام إن «المتشددين ليسوا فقط ضد الإصلاحيين بل أيضاً ضد بعضهم بعضاً».

وعلى النقيض من ذلك، يستطيع روحاني الاعتماد على الإصلاحيين والمعتدلين، الذين يتحدون حول مساعيه لولاية ثانية. وتم تسجيل نائب الرئيس، اسحق جهانجيري، كأحد المرشحين في الحملة الانتخابية، لكن فقط للدفاع عن السجل الاقتصادي للحكومة، ومن المتوقع أن يتنحى جانباً.

ويمكن أن يعتمد رئيسي على دعم السياسيين ورجال الدين الذين أيدوا الرئيس السابق المتشدد، محمود أحمدي نجاد، الذي رفض طلبه الترشح في مايو. وسرعان ما تبنى لهجة شعبية لا تختلف عن أحمدي نجاد.

وخلال زيارة له لبيرجاند، وهي بلدة تقع في الشمال الشرقي من البلاد، يوم الاثنين، وعد رئيسي بأنه سيعمل على رفع المستحقات الشهرية للمواطنين إلى ثلاثة أضعاف، إذ يحصل معظم الإيرانيين على 450 ألف ريال (14 دولاراً) للتعويض عن التخفيضات في دعم الطاقة، وتعهد أيضاً بالتصدي للفساد، وإيجاد مليون فرصة عمل.

ويتساءل «إلى متى يجب أن يعم الفساد في الأسر بسبب البطالة التي يعانيها الشباب، وغيرها من المشكلات؟»، إنها رسالة تتفق مع استراتيجية المتشددين الرئيسة، المتمثلة في مهاجمة السجل الاقتصادي للحكومة، وما يعتقدونه بفشل الاتفاق النووي الإيراني التاريخي مع القوى العالمية، وهو أكبر إنجازات روحاني، لتحقيق فوائد جوهرية.

وفي يوم الثلاثاء، حث خامنئي المرشحين على «عدم النظر إلى ما وراء الحدود» من أجل التنمية الاقتصادية الإيرانية، الأمر الذي قد يشجع المتشددين، الذين ينتقدون روحاني لسعيه استخدام الاتفاق النووي كوسيلة للتقارب مع الغرب.

ومع ذلك، يقول أحد أقارب المرشد الأعلى، إنه حتى لو كان صحيحاً أن رئيسي يتمتع بدعم المرشد، فإن هذا المبتدئ في السياسية يحتاج إلى دعم مواقفه الشخصية بسرعة.

وأضاف «إنه لايزال شخصية مجهولة للناس، وإن الشعبوية عفا عليها الزمن بالنسبة لمجتمع اليوم».

ومع ذلك، فإن مؤيدي رئيسي، بمن فيهم زوجته، يعتقدون أن افتقاره إلى الخبرة السياسية يمكن أن يعمل لمصلحته في سعيهم لتصويره رجلاً للشعب.

وتقول السيدة علم الهدى لوكالة أنباء «تسنيم» القريبة من الحرس الثوري: «لدينا أسلوب حياة بسيط جداً»، حتى لو حدث أن بعض أقاربنا يوقف سياراته الرباعية الدفع أمام منزلنا، فإن رئيسي يطلب منهم نقلها بعيداً لكيلا يعتقد الناس، لا سمح الله، أنها لنا».

تويتر