قدم دعماً سرياً إلى ماكرون

هولاند.. الفائز الحقيقي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية

صورة

لعب الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، دوراً مهماً في جعل المرشح إيمانويل ماكرون، سلفه المؤكد الذي سيتقلد السلطة في قصر الإليزيه، وذلك بتواطؤ وسائل الإعلام، والقضاة، وأقل من 25% من الناخبين.

وإذا كان هولاند رئيساً سيئاً، فإن نتيجة الجولة الأولى من التصويت تؤكد أنه أستاذ في السياسة، مع تخصص في الحيل القذرة، ويبدو أنه من المستحيل أن يتقاعد بهدوء من الحياة العامة، وسواء سيكون له دور رسمي، أو سيكون مجرد شخص يمثل السلطة في ظلال الرئاسة، فإن ذلك ستكشف عنه الأيام المقبلة.

أسوأ السيناريوهات التي كانت ممكنة قد تم تجنبها، والتي تتمثل في منافسة بين الاشتراكي المتشدد جان لوك ميلينشون، ومرشحة اليمين لوبان.

وتمت إزالة العقبات الواحدة تلو الأخرى من أمام ماكرون، وكانت بصمات هولاند موجودة في كل مكان.

وبعد ظهور مرشح الحزب الجمهوري، فرانسوا فيون، كأخطر الخصوم المحتملين لماكرون، تم وضعه تحت التحقيق بتهمة تسجيل أسماء زوجته وأطفاله كموظفين وهميين وأخذ رواتبهم، مع عدم وجود أي دليل على ذلك.

ويبدو أن الدليل ضد فيون جاء مباشرة من خلية سرية ضمن وزارة المالية، مطلعة على عائدات ضرائب فيون وزوجته الاسكتلندية بنلوب. وأخذت هذه الوثائق طريقها إلى قضاة التحقيق، والسذج هم فقط الذين يستطيعون تخيل أن القضاة لا يتحفزون انطلاقاً من تعاطفهم السياسي، خصوصاً بعد أن انكشف أن نقابتهم حددت قائمة من الأعداء من السياسيين اليمينيين، الذين تم استهدافهم للملاحقة القضائية، حتى أنهم نشروا صورهم على جدران مقارهم في باريس.

وكان السلاح الثاني لهولاند هو وسائل الإعلام، وكانت محطة «ب في إم»، وهي المعادل الفرنسي لمحطة «سي إن إن» الأميركية، قد تبنت أسلوباً من شعبتين: الأولى تهاجم فيون ولوبان بقسوة، والثانية تعزز مكانة ماكرون، وتتجاهل الأسئلة المطروحة بشأن مشكلاته المالية. وعلى الرغم من أنه صنع الملايين من عمله كمصرفي، إلا أن إعلانه عن وضعه المالي أوحى بأنه كان مفلساً عملياً.

وتلتها الصحافة المطبوعة، إذ إن الصحافيين الذين يتمتعون بنظام ضريبي خاص في فرنسا، والذي هددت لوبان بإلغائه، لم يكونوا بحاجة إلى الكثير من التشجيع ليقوموا بعملهم. ووقف كثيرون منهم خلف ماكرون، وتدخل الاتحاد الأوروبي بصورة واضحة، وأنشأ خلية أزمة في بروكسل، لمواجهة «الأخبار الكاذبة» التي قيل إن لوبان تقوم بنشرها، وحتى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كان موجوداً على القائمة، حيث اتصل بماكرون قبل التصويت مباشرة، في إشارة واضحة عن دعمه.

وقال البعض هنا: إن انتصار ماكرون يمثل القضاء على الحزب الاشتراكي، لكن ذلك ينافي الواقع، إذ إن ماكرون نفسه كان عضواً في الحزب قبل استقالته كي يصبح مستقلاً، وقد اعترف أصلاً بأنه رجل يساري، على الرغم من أنه أنكر ذلك.

وستندفع وسائل الإعلام الفرنسية لتقديم ماكرون، باعتباره وجهاً جديداً في عالم السياسة الفرنسي، وسينجحون لفترة من الزمن، ولكن ثمة أدلة على أن حب الناخبين لماكرون ليس كبيراً.

أما بالنسبة لفرنسا كدولة، فإن المشهد الرئيس يبقى قاتماً، إلا أن أسوأ السيناريوهات التي كانت ممكنة قد تم تجنبها، والتي تتمثل في منافسة بين الاشتراكي المتشدد جان لوك ميلينشون، ومرشحة اليمين لوبان، وهو الأمر الذي كان سيحرض على حدوث أزمة سياسية ومالية، من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الجمهورية الخامسة. وبدلاً من ذلك يبدو أن الفرنسيين ميالون إلى انتخاب رئيس يواصل ما بدأ به نظام هولاند الفاشل، حيث ستكون هناك خمس سنوات أخرى من الركود الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

تويتر