ألمت بحقائق الحرم وأضرحة الأنبياء لتتحول إلى مرشدة سياحية

أمينة القاضي.. 22 عاماً في حراسة الحرم الإبراهيمي

الحارسة أمينة اكتسبت معلومات كثيرة من خلال حضورها للندوات داخل الحرم الإبراهيمي. الإمارات اليوم

يومياً، وبعد أن تعتني بأفراد أسرتها في الصباح، تغادر أمينة القاضي بهمة ونشاط منزلها الواقع في بلدة صوريف بمدينة الخليل، متجهة صوب الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة الذي تحرسه وتعتني به، وتستقبل الزائرين له، كما تنظم جلسات إيمانية لزائرات الحرم.

هذه الصورة تتكرر يومياً منذ 22 عاماً متواصلة، فعلى الرغم من تعرض السيدة أمينة للتفتيش والانتظار خلال مرورها عبر سبع بوابات عسكرية يقيمها الجيش الإسرائيلي داخل البلدة القديمة في الخليل، إلا أنها تداوم يومياً في رحلتها لحراسة الحرم الإبراهيمي، ومقام أبي الأنبياء إبراهيم وزوجته سارة، وقبور الأنبياء يعقوب وإسحاق وزوجاتهم.

أمينة القاضي 51 عاماَ وهي أم لسبعة أبناء، تلم بكل تفاصيل وحقائق الحرم وأضرحة الأنبياء، ما جعلها تعمل مرشدة سياحية تستقبل الزوار العرب والأجانب، وتقدم شرحاً مفصلاً لهم، مستندة إلى الروايات الإسلامية حول تاريخه، كما تقدم معلومات حول الواقع الذي بات عليه الحرم بفعل ممارسات المستوطنين الذين يقيمون في البلدة القديمة، ويؤدون صلواتهم بعد أن سيطروا على نحو 55% من مساحة الحرم عقب مجزرة عام 1994.

يخضع الحرم والبلدة القديمة في الخليل للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويسكن فيها أكثر من 400 مستوطن يحرسهم 1500 من جنود الاحتلال.

ويخضع الحرم والبلدة القديمة في الخليل للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويسكن فيها أكثر من 400 مستوطن يحرسهم 1500 جندي إسرائيلي.

«الإمارات اليوم» التقت السيدة أمينة وهي تستقبل وفوداً سياحية أجنبية قدمت لزيارة الحرم الإبراهيمي وقبور الأنبياء، حيث كانت تسلم كل سائحة زياً خاصاً وغطاء للرأس، احتراماً لقدسية المكان، لترافقهم إلى الداخل شارحة لهم تاريخ الحرم، ومرافقه، بينما كانت تشير إلى الجدران الخشبية والزخارف العمرانية.

وتقول حارسة الحرم وأضرحة الأنبياء إنه «بسبب تعلقي بالحرم، وحبي في وجودي بجوار الأنبياء أرابط يومياً في المكان، وكنت قد بدأت عملي في تنظيف الحرم، وترتيب أركانه، فأنا أداوم في الحرم طاعة وتقرباً لله».

وتمكنت حارسة الحرم الإبراهيمي من اكتساب معلومات دينية وتاريخية قيمة، من خلال وجودها في الحرم وحضورها للندوات التي يقدمها أئمة الحرم.

وتقول حارسة مقام أبي الأنبياء «بعد 22 عاماً من وجودي اليومي داخل الحرم أصبحت أمتلك خبرة كافية حول تاريخه، والروايات الدينية المتعلقة بسيدنا إبراهيم والأنبياء يعقوب وإسحق، فأنقل تلك المعلومات إلى السائحين العرب والأجانب».

وتضيف: «عندما تحضر تلك الوفود إلى الحرم أجتمع بهم داخل المكان، وأقدم لهم ندوات عن سير أبي الأنبياء، بالإضافة إلى تقديم شرح كافٍ عن تاريخ الحرم».

وتشعر القاضي من خلال عملها في الحرم الخاضع لسيطرة الجنود الإسرائيليين، براحة نفسية لتحقيق طموحها في مجاورة أضرحة الأنبياء، وزوجاتهم، حيث تقول «إن حراستي للحرم، ووجودي بشكل دائم بجوار أضرحة الأنبياء يمثلان لي الكثير من المعاني، فهذا شرف وواجب ديني وأخلاقي».

وتضيف «كما أستثمر دوري في الدفاع عن وطني، حيث أقدم الحقائق حول تاريخ المكان، وأحقية المسلمين والفلسطينيين بالحرم، وبذلك أفند مزاعم الاحتلال التي يدعي من خلالها بحقه في المكان».

رحلة معاناة

رحلة الحارسة الأمينة إلى الحرم الإبراهيمي محفوفة بأشكال مختلفة من المعاناة، وعن ذلك تقول «في صباح كل يوم أتعرض لسياسة الانتظار لأكثر من ساعتين عبر الحواجز، وأتعرض للتفتيش المذل لملابسي وحقيبتي، وكذلك التدقيق في بطاقة هويتي، وفي النهاية أمر رغماً عنهم».

وتضيف: «ما أعايشه يومياً عبر الحواجز يواجهه الزوار والمصلون القادمون إلى الحرم الإبراهيمي، الذي حول الاحتلال محيطه لثكنة عسكرية تتطلب عبور بوابات حديدية وأجهزة تفتيش وتدقيق في البطاقات الشخصية من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي».

وتشهد القاضي خلال وجودها في الحرم على عمليات الاعتداء التي يتعرض لها سكان البلدة القديمة، خصوصاً السيدات من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث تقول «مرات عدة يوقفون فتيات بذريعة احتياطات أمنية، ولكنني أتدخل لتخليص الفتاة من بين أيدي الجنود، وأصطحبها إلى الحرم لإيوائها حتى تتمكن من العودة إلى منزلها».

يذكر أن الاحتلال يقسم الحرم الإبراهيمي منذ عام 1994 إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين بمساحة 45%، وآخر باليهود بمساحة 55%، إثر قيام مستوطن يهودي بقتل 29 فلسطينياً مسلماً أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25 فبراير من العام ذاته. وتسمح إسرائيل لليهود بدخول القسم المخصص لهم طوال أيام السنة، وبدخول الحرم كاملاً خلال الأعياد اليهودية.

تويتر