تشتّتهم أسهم في هيمنته على المشهد في تركيا

خصوم أردوغان لا يتعلمون من دهائه السياسي

صورة

بالكاد فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الاستفتاء التاريخي، قبل أيام، ولكن مع 52% من أصوات الناخبين يمكن للرئيس تحويل تركيا إلى دولة تحكمها رئاسة قوية بدلاً من البرلمان، وهو الآن مخوّل لإعادة تشكيل البلاد بطريقته الخاصة، أكثر تديناً وأكثر سلطوية، في وقت تبتعد فيه عن أوروبا، وتقيم علاقات جديدة مع الأراضي العثمانية القديمة.

هناك فرصة أخرى من المحتمل أن تتاح لخصوم أردوغان القوي تكمن في إمكانية تحديه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2019.

احتفل مؤيدوه في حين أصيب الآلاف من معارضيه بالذهول، ولكن بدلاً من أن يكون سبب قوتها، فإن التنوع والاختلاف في التوجهات يقوّض معارضة الرئيس باستمرار، منذ 15 عاماً. وهم يجتمعون فقط عندما يريدون معارضة أردوغان، الذي يتصورونه «شريراً». وما عدا ذلك، فإن أحزاب المعارضة لا تمثل سوى المصالح الضيقة لكل منها، وتهمش بعضها البعض، في وقت فشلت في إيجاد سياسات شاملة مثل التي فاز بوساطتها حزب العدالة والتنمية، من خلال هذا الدعم واسع النطاق، بل بدأت تلك الأحزاب تتقلص شيئاً فشيئاً إلى سياسة الهوية والإقليم.

أهم تحدّ في السنوات الأخيرة جاء من جهة غير متوقعة، إنه حزب الشعوب الديمقراطي، الذي تمكن من تجاوز قاعدته العرقية (يشكل الأكراد نحو 20% من سكان تركيا)، إلى جذب الأتراك الليبراليين الذين يهتمون بالمرأة والحريات الاجتماعية. وفي يونيو 2015، أدى نجاح الحزب التاريخي إلى دخوله إلى البرلمان، وحرم حزب العدالة والتنمية الأغلبية للمرة الأولى.

ثم انهار كل شيء، إذ ان وقف إطلاق النار مع الميليشيات الانفصالية الكردية (حزب العمال الكردستاني) قد انهار مؤذناً باستئناف الصراع، الذي استمر 30 عاماً، شرق البلاد من جديد. استخدم أردوغان هذا الصراع لكسب التأييد الوطني (لا شيء يشعل حريقاً في قلوب القوميين الأتراك مثل حرب مع حزب العمال الكردستاني)، في حين عاد حزب الشعوب الديمقراطي إلى قاعدته القومية في الإقليم الكردي. وقد لقي أكثر من 2000 شخص مصرعهم منذ انتهاء وقف إطلاق النار، من بينهم أكثر من 100 شخص لقوا مصرعهم بتفجيرات السيارات المفخخة التي شنها حزب العمال في غربي تركيا.

وفى العام الماضي، وفي أحد تصرفاتهم التي تفتقد الحكمة، حضر بعض نواب الحزب، في الشرق، جنازات انتحاريين ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني، ما تسبب في ضجة كبيرة في غرب البلاد. وكنتيجة لمثل هذه التصرفات، انهار التصويت غير الكردي للحزب، وحتى في المناطق ذات الأغلبية الكردية فقد الحزب قدراً كبيراً من الدعم. وعلى الرغم مما يصور في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام اليسارية، فليس هناك تأييد واسع النطاق لحزب العمال وأساليبه في هذه المناطق، حيث جلب تمردهم المزيد من الحزن.

هذا يجعل من السهل جداً على أردوغان، الذي يعترف أشرس نقاده بأنه داهية سياسية، تبني مبدأ «فرق تسد». وخلال حملة الاستفتاء الأخيرة، طمس خصومه بوصفهم «إرهابيين»، فالزعيم الكردي البارز، صلاح الدين ديميرتاش، أكثر السياسيين انتقاداً للنظام الرئاسي، يقبع في السجن برفقة 11 نائباً آخرين من حزب الشعوب الديمقراطي، بتهمة «دعم الإرهاب».

يقول مارش أكيل، الذي مثل الحزب في الانتخابات المحلية، إن «أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي فقدوا رأسمالهم السياسي»، متابعاً «أشعر بأنهم كانوا مخادعين، وليسوا مهتمين حقاً بجعل تركيا مكاناً أفضل للجميع». هناك فرصة أخرى من المحتمل أن تتاح لخصوم الرئيس القوي، وتكمن في إمكانية تحديه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2019. وبينما ينزلق أردوغان نحو قاعدته المتعصبة الضيقة، فإن الفرصة الأفضل لخصومه تكمن في تعلم أسلوب الشمولية التي يتقنها خصمهم جيداً.

هانا لوسيندا : مراسلة «التايمز» في إسطنبول

تويتر