نظام الكفالة في السجون الأميركية يحتاج إلى إصلاح

الموقوفون غير المكفولين يكلفون السجن مبالغ طائلة في الإعاشة والرعاية الطبية

صورة

حسب تقديرات وزارة العدل الأميركية يوجد 450 ألف محتجز كل يوم في السجن لا يستطيعون دفع كفالة إطلاق سراحهم في انتظار عرضهم على المحكمة. وتؤكد الدراسات أن هذا الاحتجاز يكلف سلطات السجن نفقات باهظة تتمثل في الطعام والإيواء والرعاية الطبية.

نيو أورليانز تتلقى 4.5 ملايين دولار سنوياً من إيرادات الكفالة وغيرها من الرسوم، وتدفع لسلطات المدينة 6.4 ملايين دولار سنوياً لإعاشة المسجونين الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف الكفالة.

عندما ألقي القبض على تايلر سميث لسرقته هاتفاً جوالاً وساعة في يوليو 2015، كان هذا الفتى البالغ من العمر 21 عاماً يعمل في وظيفتين بدوام جزئي، ويذهب الجزء الأكبر من دخله لتغطية النفقات اليومية، مثل الإيجار والكهرباء له ولأمه. وتم نقل سميث إلى سجن في مقاطعة كوك، وطلبت منه سلطات السجن دفع كفالة بمبلغ 2500 دولار لإطلاق سراحه، وهو مبلغ يساوي أكثر من شهر من دخله. وبسبب عدم قدرته على دفع الكفالة، ظل سميث عالقاً في السجن للأشهر السبعة التالية، ما جعله يفقد وظيفتيه، واقتربت عائلته من الطرد من المنزل الواقع على الجانب الجنوبي من مدينة شيكاغو. يقول سميث، الذي أطلقت المحكمة سراحه لعدم كفاية الأدلة: «لقد فقدت حياتي كلها تقريباً».

وفقاً لمكتب عمدة مقاطعة كوك، يوجد أكثر من 4000 موقوف على ذمة قضايا في سجن المقاطعة، أكثر من 60% منهم موجودون هناك لأنهم لا يستطيعون دفع كفالتهم. ويجادل دعاة إصلاح السجون بأن استخدام نظام الكفالة لحبس الأشخاص قبل محاكمتهم من شأنه أن يفاقم الفقر والعوز، والتمييز العنصري في نظام العدالة الجنائية. وخلصت الدراسات إلى أن المعتقلين السود يخضعون لدفع مبالغ من الكفالة أعلى مما هو مقرر للمعتقلين البيض، الذين يتم احتجازهم بتهم مماثلة وتاريخ جنائي مماثل، ومن المرجح أن يظل السود قابعين في السجن بانتظار المحاكمة.

يبدو أن هناك عدداً من المناطق القضائية في جميع أنحاء البلاد بدأت تأخذ هذا البحث مأخذ الجد، ففي ولاية إلينوي أدخل المشرعون في شهر فبراير تشريعات من شأنها حظر نظام الكفالة المالي، كما أقدم المحامي الحكومي في مقاطعة كوك كيم فوكس الشهر الماضي على إطلاق سراح السجناء الذين يجب عليهم دفع كفالة بقيمة 1000 دولار أو أقل ممن لا يستطيعون دفعها. وعلى الصعيد الوطني، أجرت كل من ولايتي نيوجيرسي وماريلاند، إصلاحاً جذرياً لطريقة الكفالة المالية هذا العام، بينما وعدت ولايات أخرى بأن تحذو حذوها. ويبدو أن زخم التغيير يأتي من اتجاهات عدة، أولاً: كان هناك كم هائل من الدعاوى القضائية التي رفعت في العامين الماضيين، والتي تعترض على استخدام الكفالة للإبقاء على الفقراء في السجن، وقد شاركت إحدى المجموعات، وهي هيئة الحقوق المدنية، في نحو 20 من هذه الاعتراضات، ورفعت دعاوى في هذا الشأن لاتزال قيد النظر في ولايات إلينوي ولويزيانا وتكساس وجورجيا وتينيسي وميسوري وماساتشوستس، وكانت هذه الدعاوى القضائية ناجحة إلى حد كبير في المحكمة، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى الإجراءات التي اتخذتها وزارة العدل في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، التي أصدرت موجزاً صادقاً حول هذه المسألة العام الماضي، ويقول ذلك الموجز إن «خطة الكفالة التي تفرض شروطاً مالية دون النظر في قدرة الشخص المعني على الدفع وعما إذا كانت هذه الشروط ضرورية لضمان مثوله أمام المحاكمة، فإن كل ذلك ينتهك التعديل الرابع عشر» وبنود الحماية المتساوية، وبالتالي فهو غير دستوري، وبالإضافة إلى ذلك، فإن بحثاً جديداً عن الخسائر المالية الناجمة عن الكفالة قد أقنع العديد من واضعي السياسات بالنظر في البدائل. وفي دراسة نشرت في يناير، وجد معهد فيرا للعدالة أنه على الرغم من أن الجهات الحكومية في نيو أورليانز تتلقى 4.5 ملايين دولار سنوياً من إيرادات الكفالة وغيرها من الرسوم، فإنها تدفع في الوقت ذاته لسلطات المدينة 6.4 ملايين دولار سنوياً لإعاشة المسجونين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الكفالة.

تويتر