فك شراكة الميليشيات مع التنظيمات الإرهابية.. وقضى على 90% من عناصرها

«التحالف» ينجح في تأمين المناطــق المحرّرة باليمن من خطر «القاعدة» و«داعش»

صورة

شكل تنظيما «القاعدة» و«داعش» المتطرفان خطراً لا يقل أهمية عن خطر الانقلابيين في اليمن، وبرزا كأحد أهم الأهداف التي يجب على التحالف التعامل معها لضمان عودة الاستقرار لليمن والمنطقة، فكانا أحد أبرز المهددات الرئيسة للاستقرار بعد تلقيهما دعماً بالأسلحة الثقيلة والذخائر المتعددة من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية بين عامي 2014 و2015، وربطتهما علاقة محرمة امتدت من سجون صنعاء إلى المناطق المحررة التي شهدت تبادلاً للأدوار بين الجانبين في تقليل الأمن والسكينة، وتهديد السلم المحلي والإقليمي.

إنجاز «التحالف»

حققت «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» والعمليات العسكرية المتواصلة لقوات التحالف في اليمن مكاسب كبيرة على أرض المعارك، تمثلت في الوصول إلى تخوم مديرية أرحب على مشارف العاصمة اليمنية صنعاء، والسيطرة على ميناء المخاء وباب المندب وأجزاء كبيرة من الساحل الغربي، إلى جانب تحرير ثماني محافظات جنوبية، تشكل نحو 70% من المساحة الكلية لليمن، «عدن – لحج – الضالع – أبين – شبوة – حضرموت – المهرة – سقطرة»، فيما بقيت محافظات مأرب والجوف وصعدة وتعز والبيضاء مناطق نزاع غير محسومة.

وفي تعز تبسط الشرعية نفوذها على 11 مديرية من أصل 23 مديرية تابعة للمحافظة ذات الكثافة السكانية الكبيرة في اليمن، فيما بات يتنازع الطرفان على ثلاث مديريات واقعة غرب المدينة وشرقها.

كما تدور المعارك بين الجانبين في مناطق عدة من ريف العاصمة ومديريات ذي ناعم والزاهر والقريشية في محافظة البيضاء، ومديريتي دمت وقعطبة في الضالع، وحرض وميدي في حجة، وكهبوب والقبيطة وكرش في لحج، وعسيلان وبيحان في شبوة، وعتمة في ذمار، وبعدان والعدين في اب.

وفي هذا الصدد، تؤكد التقارير الميدانية أن التحالف العربي لم يستهدف أي مدنيين أو يوجه ضربات لمناطق سكنية مأهولة، وعلى الرغم من توافر المعلومات الكافية لدى قياداته عن وجود أسلحة وذخائر في مناطق سكنية، امتنع التحالف عن قصف تلك المناطق حفاظاً على أرواح الأبرياء، واعتمد في عملياته العسكرية على استخدام القنابل الموجهة بنسبة 90%، تجنباً لأي خسائر في الأرواح المدنية.

تحجيم خطر «القاعدة» و«داعش»

كان لكل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم «داعش» وجود في اليمن قبل التدخل بقيادة السعودية، فقد سيطرا على مناطق واسعة في اليمن، ومع سيطرة التحالف على مدينة عدن في يوليو 2015 وطرد الحوثيين منها، بدأت عناصر التنظيم التي تؤكد تقارير دولية ومحلية ارتباطها بطرفي الانقلاب في صنعاء، موجة من التفجيرات الانتحارية والاغتيالات التي حالت دون الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة في جنوب اليمن.

وبعد سبعة أشهر من طرد المقاتلين المتمردين وميليشيا الحوثي من عدن، كانت الاغتيالات شبه يومية ضد القضاة والمسؤولين الأمنيين والشرطة، وتوسع التنظيمان من عدن إلى مدينة عزان في شبوة مروراً بأبين.

وبعد إجبارها على الانسحاب قسراً من مدينة المكلا في حضرموت، وعواصم محافظات لحج وأبين وشبوة، لاتزال الجماعات المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» تنشط في المدن الثانوية لهذه المحافظات، لكنها باتت لا تشكل خطراً داهماً على اليمن، بعد تقليص نفوذها على يد قوات التحالف العربي وعملياته البرية التي قادتها دولة الإمارات بجدارة في تلك المناطق، لتسجل إنجازاً عسكرياً على أرض اليمن، يضاف إلى الإنجازات العسكرية الأخرى ضد الانقلابيين.

قوات التحالف تمكنت من القضاء على «القاعدة» و«داعش» في شبوة بنسبة 70%، ومن تبقى بات مطارداً ومحاصراً في مناطق محدودة

ودفعت عمليات الإرهابيين من «القاعدة وداعش» التي مارستها في المناطق الجنوبية المحررة عقب طرد الانقلابيين منها، والتي شكلت تهديداً واضحاً لاستقرار الوضع، وعبرت عن الوقوف ضد الحكومة الشرعية، وقوات التحالف المتواجدة على الأرض، بهدف قيادة المعارك لتحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية من الانقلابيين ــ دفعت تلك العمليات قوات التحالف إلى فتح جبهة جديدة ومسار آخر لا يقل أهمية عن محاربة الانقلابيين، تمثل في تأمين المناطق المحررة في الجنوب من عناصر «القاعدة»، فنجح بذلك على نطاق واسع.

يقول العقيد أحمد صالح العقيلي، قائد كتيبة الحزم في شبوة لـ«الإمارات اليوم»: إن سيف التحالف كان ذا حدين في اليمن، فعمل على مقارعة الانقلابيين في مختلف الجبهات إلى جانب مكافحة الإرهاب المتمثل في عناصر تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في المناطق المحررة، واستطاع التحالف أن يحد من فاعلية تلك العناصر الى حد كبير.

وأضاف العقيلي أن الانقلابيين و«القاعدة وداعش» هما وجهان لعملة واحدة، وشبكة متداخلة تدار من غرفة عمليات واحدة في صنعاء، وقد تمكنت قوات التحالف والشرعية من فك هذه الشراكة، واستطاعت القضاء بنسبة 90% على التنظيمات والعناصر الإرهابية في المحافظات المحررة، ولم تعد تشكل تلك التنظيمات أي تهديد أو خوف، كما يروج له الانقلابيون.

وأوضح أن التحالف الذي نوجه له الشكر الكثير ولقياداته وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية قائد التحالف، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، قد وقف معنا بشكل متواصل ودعم اليمنيين بشكل مباشر حتى يتمكنوا من استعادة دولتهم، وطرد النبتة الإيرانية الخبيثة من أراضيهم، واجتثاثها من فوق الأرض، حيث شاركنا همومنا وحروبنا منذ اللحظة الأولى لانطلاق «عاصفة الحزم».

وأشار إلى أن التحالف استطاع أن يجتث الميليشيات في مناطق عدة، إلى جانب اجتثاث العناصر الإرهابية في ضربات وعمليات عسكرية أذهلت العالم، لدقة تخطيطها وتنفيذها من قبل قيادة التحالف، وعلى رأسها القوات الإماراتية التي شاركت إخوانها اليمنيين في مواجهة تنظيم «القاعدة» في مناطق عدة.

وقال قائد كتيبة الحزم العقيد العقيلي لـ«الإمارات اليوم»، إن تحرير التحالف لباب المندب وتأمين الممر المائي الدولي، شكل الضربة الموجعة لإيران التي عملت بعدها على تزويد الميليشيات بصواريخ ومتفجرات بحرية، بهدف زعزعة الملاحة الدولية، لكنها تلقت الضربة الثانية من التحالف والشرعية بتحرير ميناء المخاء وبدء «الرمح الذهبي» لتحرير كامل الساحل الغربي لليمن.

وأضاف: «لقد عملت قوات التحالف على تأمين الحدود اليمنية البحرية والبرية وتأمين الأجواء، وهذا بحد ذاته يعد إنجازاً كبيراً في سبيل تمكين قوات الشرعية والمقاومة التي تلقت السلاح والتدريب من التحالف لخوض معارك برية في سبيل استعادة دولتهم»، مشيراً الى أن ما تبقى من موانئ مثل الحديدة والصليف سيتم تحريرها قريباً، وبذلك سيكون التحالف قد حقق الضربة القاضية لإيران وميليشياتها الحوثية في اليمن.

وكانت الميليشيات الانقلابية في شمال اليمن اتخذت حجة تواجد تنظيم «القاعدة» في الجنوب، خصوصاً لحج وعدن وأبين، للسيطرة على تلك المناطق واجتياحها، والتوسع في الجنوب اليمني، وسمحت بطريقة أو بأخرى لتنظيم «القاعدة» بالسيطرة على مناطق واسعة في الجنوب امتدت من لحج الى حضرموت، وسيطرت على مقرات عسكرية وأمنية لديها كل العتاد والأفراد للقضاء عليهم، إلا أنها انسحبت من مقراتها وثكناتها بأوامر من صنعاء، كي تواصل الميليشيات عملياتها باتجاه الجنوب.

تلك المعطيات على الأرض التي أوجدتها الميليشيات بالتنسيق مع «القاعدة» دفعت التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن الى اتخاذ مسار جديد في عملياته العسكرية الى جانب مساراته الأخرى لـ«عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، والمتمثلة في:

■استعادة الدولة اليمنية من قوى الانقلاب المتمثلة في الميليشيات الحوثية وحليفها المخلوع صالح.

■تحرير اليمن من أيادي إيران وتأمين الممرات المائية الدولية من هيمنتها.

■تأمين الجوار الإقليمي لليمن من الصواريخ التي تهدد دوله، والتي يطلقها جيش المخلوع الذي تحول إلى ميليشيات.

■العمل على بناء دولة يمنية حديثة على أسس مخرجات الحوار الوطني، وما تضمنه من منطلقات لبناء الدولة الحديثة، وإعادة بناء مؤسساتها على أسس وطنية بما فيها الجيش والأمن.

إلى جانب تلك المسارات المهمة كان لـ«عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» وقوات التحالف العربي هدف لا يقل أهمية عن تأمين منطقة الخليج واليمن والممرات المائية، يتمثل في محاربة تنظيم «القاعدة» الذي مكنته الميليشيات من التوسع عبر السماح لعناصره بالسيطرة على عدد من المعسكرات في كل من حضرموت وعدن وأبين ولحج وشبوة، مقابل أن يستمر في تزويدهم بالنفط، وأن يؤمّن طرق تهريب الأسلحة القادمة إليهم من إيران عبر شواطئ الجنوب الشرقي لليمن.

وكانت عملية استهداف مقرات قوات التحالف العربي في عدن بالتزامن مع استهداف الحكومة اليمنية في 6 أكتوبر 2015، الذي ضرب فندق القصر، مقر إقامة بحاح، ومواقع عسكرية، بسيارات مفخخة أودت بحياة 15 شخصاً من قوات التحالف العربي واللجان الشعبية، البداية الحقيقية للمواجهة بين التنظيم الإرهابي والتحالف وحكومة الشرعية العائدة الى عدن.

في 25 أبريل 2016، أعلنت قيادة قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، انطلاق عملية عسكرية مشتركة ضد تنظيم «القاعدة» في اليمن، يشارك فيها الجيش اليمني وعناصر من القوات الخاصة السعودية والإماراتية.

ووفقاً لبيان صادر عن التحالف العربي فقد أسفرت العملية في ساعاتها الأولى عن قتل ما يزيد على 800 من عناصر تنظيم «القاعدة» وعدد من قياداتهم، وفرار البقية منهم.

وأضافت قيادة التحالف أن هذه العملية «ستتيح تكثيف جهود الإغاثة الإنسانية في تلك المدن، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق، وتؤكد الدول المشاركة في هذه العملية استمرارها في ملاحقة التنظيمات الإرهابية في جميع المدن اليمنية، وهزيمتها وحرمانها من الملاذ الآمن حتى إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة».

وكانت قوات حكومية بدعم من المقاومة الشعبية وإسناد من التحالف قد سيطرت في وقت سابق على أجزاء من المكلا مركز محافظة حضرموت (شرق البلاد)، بعد معارك مع «القاعدة».

فيما كانت قوات التحالف بدأت قصفها الجوي على مواقع التنظيم في 22 مارس 2016 باستهداف معسكر لتدريب عناصر التنظيم في غرب مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، ما أدى الى مقتل وإصابة العشرات من عناصر التنظيم، بحسب ما أفاد مسؤولون حكوميون في المنطقة.

وفي 23 مارس 2016 قتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في غارة جوية أميركية على معسكر تدريب للتنظيم الإرهابي غرب مدينة المكلا على الساحل الجنوبي لليمن. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن الغارة على معسكر تدريب التنظيم في جزيرة العرب أسفرت عن مقتل عشرات المقاتلين.

واستهدفت طائرات أميركية بدون طيار مساء يوم 28 مارس مقار لتنظيم القاعدة في محافظة أبين، ما أدى لمقتل 21 من أفراد التنظيم. وضربت طائرات التحالف أيضاً أهدافاً لمتشددين في ضواحي مدينة عدن، المقر المؤقت للحكومة، حيث هاجم مسلحون متشددون من «القاعدة» على نحو متكرر، أهدافاً ومقار تابعة للحكومة وللتحالف خلال الأشهر الأخيرة.

وفي هذا الإطار يؤكد مدير عام مديرية عسيلان في شبوة وقائد المقاومة فيها، الشيخ علي بن أحمد الحجري، في تصريح لـ«الإمارات اليوم» أن قوات التحالف تمكنت من القضاء على «القاعدة» و«داعش» في شبوة بنسبة 70%، ومن تبقى بات مطارداً ومحاصراً في مناطق محدودة.

وأشار الحجري إلى أن عناصر الإرهاب والميليشيات الانقلابية لا فرق بينهم من وجهة نظرهم في المقاومة والجيش الوطني، بما أنهم عملوا مع التحالف في جبهات القتال وأسهموا معهم خلال أشهر قليلة في القضاء بشكل شبه نهائي على تنظيمي «القاعدة» و«داعش» من المناطق المحررة، علماً بأن الجهود تتواصل من أجل القضاء على ميليشيات الانقلاب.

وبمناسبة الذكرى الثانية لـ«عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» توجّه الشيخ الحجري بالشكر والامتنان إلى قيادة التحالف ممثلة بالملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وجميع قادة التحالف وشعوب دولهم، على نجدتهم لليمنيين، مضيفاً أن عمليات التحالف حققت أهدافها العسكرية بنسبة 70%، وشلت قدرات الانقلابيين في مجال الطيران في الدقائق الأولى لانطلاق العمليات، وهذا أهم إنجاز عسكري للتحالف.

تويتر