المرصد

المكسيك أخطر مكان للصحافيين في العالم

تعرضت الصحافية المكسيكية الاستقصائية، ماريسلافا بريش، للقتل الخميس الماضي، برصاص مجهولين، ما يرفع عدد الصحافيين الذين لقوا حتفهم في هذا البلد خلال هذا الشهر إلى ثلاثة. وظلت هذه الصحافية حتى أيامها الأخيرة توثق لأحداث سلسلة من العنف اجتاحت البلاد، وتسعى لكشف غموضها، وكانت قبل ذلك قد أبلغت عن مقتل ستة أشخاص في ليلة واحدة في مدينتها شيهواهوا، وعن مقتل ناشط بيئي مشهور، واكتشاف مقابر سرية، وعن عدد من رجال الشرطة، الذين قتلوا في كمائن، وعن أجساد ثلاثة أخوة فصلت عنها رؤوسهم في مدينة جبلية.

وتلقت هذه السيدة، البالغ عمرها 54 عاماً، رصاصات عدة، بعد أن أخرجت سيارتها من المرآب في الصباح الباكر، ولم يصب أحد أطفالها الذي كان معها وقت الحادث، ونقلت بسرعة إلى المستشفى، حيث تم الإعلان عن وفاتها. وعلى الرغم من أن السلطات لم تعتقل أي مشتبه فيه، إلا أنها أقرت بأن بريش قتلت بسبب أعمالها الصحافية، ما يلقي باللوم ليس فقط على مجموعات الجريمة في المكسيك، وإنما أيضاً على فشل حكومتها.

في 19 من الشهر الجاري قضى كاتب العمود الصحافي، ريكاردو مونلوي، أجله رمياً بالرصاص، بعد مغادرته أحد المطاعم مع زوجته وابنه بولاية غلف كوست، وفي الثاني من هذا الشهر أيضاً قتل مسلحون الصحافي الحر، سيسيليو بينيدا بيرتو، في مكان لغسيل السيارات بولاية جوريرو.

ويعتبر مقتل هؤلاء الصحافيين جزءاً من تصفيات جسدية متزايدة، ظلت تثير القلق عبر المكسيك، حيث بلغت نسبة القتلى جراء العنف خلال الشهرين الأولين من هذا العام 4254 قتيلاً، منها 327 ضحية في شيهواهوا، وهذا العدد غير مسبوق، منذ أن بدأت الحكومة تنشر إحصاءات القتلى.

مضى أكثر من عقد من الزمان، منذ أن أطلقت المكسيك حملتها ضد كارتيلات المخدرات، وأرسلت الجنود داخل المجتمعات المحلية لمحاربة هذه العصابات، وهي الحرب التي لايزال أوارها مستعراً، ولايزال ضحاياها في ازدياد. وفي بيان أصدرته جمعية حماية الصحافيين بخصوص مقتل بريش، قالت إن «هذه الموجة من العنف تهدد حقوق المدنيين في الحصول على معلومات مهمة، وتهدد الديمقراطية المكسيكية من خلال الحد من الحوار العام».

عمليات القتل الموجهة ضد الصحافيين في المكسيك موجودة منذ عهد الرئيس بورفيريو دياز، الذي حكم المكسيك سبع فترات رئاسية، أي ما وصل إلى ثلاثة عقود ونصف، من 1876 إلى 1911، واستمر الوضع على ما هو عليه خلال الثورة المكسيكية، عندما حكم الحزب الثوري المؤسسي البلاد في الثلاثينات بعد الثورة، حيث احتكرت الحكومة عملياً الصحافة في المكسيك، من أجل الحصول على تغطية إيجابية في وسائل الإعلام. وظلت تدفع للصحافيين الذين امتثلوا لنهجها في العمل الهدايا والأموال، أما أولئك الذين امتنعوا عن ذلك فقد تم إبعادهم أو تصفيتهم. وطوال السبعينات والثمانينات، كانت المكسيك أخطر بلد للصحافيين في أميركا اللاتينية.

وقد تجرأ عدد قليل جداً من الصحافيين على الخروج عن سياسة الكبت وتكميم الافواه، إلا أن الحكومة كثيراً ما كانت تهددهم بسحب الإعلانات عن صحفهم، ومنع وكالة توزيع الصحف، المملوكة للدولة في ذلك الوقت، من بيع مطبوعاتهم ومنشوراتهم.

وعندما بدأت الحكومة المكسيكية بيع المؤسسات الإعلامية العامة في الثمانينات، ظهرت للوجود صحف مستقلة أكثر تنوعاً في تغطياتها الإخبارية.

 

تويتر