توطينهم يصب في مصلحة أنقرة

تجنيس اللاجئين السوريين في تركيا يثير جدلاً قبل الاستفتاء الدستوري

مسألة التجنيس أثارت ضجة داخل المجتمع التركي. أرشيفية

لاتزال مسألة اللاجئين السوريين في تركيا تثير الكثير من النقاش، في وقت تستعد فيه البلاد لانتخابات مصيرية، سيقرر خلالها الشعب التركي ما إن كان يريد تغيير نظام الحكم أم لا. وقد أجلت تركيا، منذ سنوات، النقاش حول مسألة تجنيس السوريين، وتجنبت الحكومة الخوض في تفاصيلها، حتى الأشهر الأخيرة الماضية.

أنقرة ماضية في طريقها

يؤكد المسؤولون الأتراك أن أنقرة ماضية في النظر في ملفات تجنيس السوريين، لكن عقب الانتهاء من عملية الاستفتاء على الدستور الجديد، المقرر منتصف أبريل المقبل. وفي حال رفضت غالبية الشعب التركي التعديلات المقترحة، فهذا يعني شيئاً غير مطمئن بالنسبة للسوريين الذين قطعوا أشواطاً في سعيهم للحصول على الجنسية التركية.


2000 عائلة سورية بدأت السلطات التركية عملية منح الجنسية لأفرادها.

ويتساءل كثيرون عن مصير السوريين الذين استقبلتهم تركيا، فعدد كبير منهم لن يعود إلى بلاده الغارقة في حرب مدمرة منذ أكثر من ست سنوات. والأمر يتعلق بنحو ثلاثة ملايين لاجئ منحتهم أنقرة «حماية مؤقتة»، منذ بداية الحرب، معتقدة أن الحرب ستكون مؤقتة أيضاً.

ويشمل نظام الحماية المؤقتة، الذي اعتمدته الحكومة التركية للتعامل مع الزيادة الكبيرة والمفاجئة في أعداد اللاجئين، الإقامة غير المحدودة في تركيا، والحماية من الإعادة القسرية، وتوفير خدمات الاستقبال، والتعامل مع الاحتياجات الأساسية.

وتقدم السلطات مساعدات للاجئين بشكل منتظم داخل المخيمات منذ 2011. أما السوريون خارج المخيمات، فيحصلون على مساعدات أيضاً، باستثناء الرعاية الصحية والطبية العامة، إلا أن قضية الحماية المؤقتة باتت تطرح مشكلة، فالسوريون في تركيا يعتبرون «ضيوفاً»، وفق المسؤولين في أنقرة، وهذا يحرمهم من صفة لاجئ وما يترتب عليها من حقوق.

في المقابل، ترى المعارضة التركية أن تسهيل إجراءات منح الجنسية التركية للسوريين الراغبين فيها، كما وعد الرئيس التركي رجب طيب أروغان في وقت سابق، يدخل ضمن سعيه للحصول على مليون ونصف المليون صوت إضافي، كي يتمكن من تعديل الدستور، وتحويل النظام من برلماني إلى رئاسي، واعتبرت المعارضة أن أردوغان يريد توطين اللاجئين السوريين في المناطق ذات الأغلبية الكردية والعلوية، ما يعني القيام بعمليات تغيير ديمغرافية في تلك المناطق.

لكن، بما أن البت في المسألة تأجل إلى ما بعد الاستفتاء على الدستور، فإن المعارضة غيرت لهجتها، على أمل ألا يصوت الشعب التركي لمصلحة التعديلات، التي تمنح الرئيس صلاحيات واسعة.

من جهته، أعلن محافظ اسطنبول، ياسب شاهين، في الـ23 من فبراير أن السلطات التركية بدأت عملية منح الجنسية لـ2000 عائلة سورية، أجبرت على الفرار من الحرب، إلا أنه أوضح أن جميع الطلبات لن تكون بالضرورة مقبولة.

وبعد أشهر عدة من أول إعلان في الاتجاه نفسه من قبل الرئيس التركي، في يوليو 2016، إذ اقترح إمكانية تجنيس اللاجئين السوريين والعراقيين، يبدو أن وعوده الآن بدأت تتحقق، الأمر الذي تسبب في ضجة داخل المجتمع التركي.

إلى ذلك، طالب حزب الشعب الجمهوري المعارض بتنظيم استفتاء شعبي حول منح الجنسية التركية للسوريين الموجودين على الأراضي التركية، الأمر الذي أثار مخاوف لدى اللاجئين الذين تقدموا بطلبات رسمية للحصول على الجنسية التركية، من عدم تمكنهم من الحصول عليها.

في أعقاب تصريحات محافظ إسطنبول، حاول نائب رئيس الوزراء فايسي يناك، تهدئة المعارضين والمنتقدين للتجنيس، قائلاً «لتجنب التساؤلات، فإن الحكومة لن تسلم (وثائق) المواطنة قبل الاستفتاء».

ويربط محللون قضية تجنيس السوريين في تركيا، بالمصلحة التركية في تجنيس أصحاب الكفاءات ورؤوس الأموال، وأيضاً بنتيجة الاتفاقات التي تبرمها أنقرة مع الاتحاد الأوروبي، لتشجيع السوريين على البقاء في تركيا، وبالتالي فإن من المرجح أن تمضي الحكومة التركية في هذا المشروع، حتى لو لم تحظ بالموافقة على التعديلات الدستورية.

تويتر