السكان ساعدوهم في التغلب على برودة الطقس

لاجئون سوريون يتلقون ترحيباً حاراً في شمال كندا

صورة

اضطر آلاف السوريين لترك منازلهم، ووجدوا أنفسهم مشتتين في أرجاء مختلفة من العالم. ومن هؤلاء مصطفى حجي، الذي لم يكن يتوقع يوماً أن ينتهي به الأمر في ركن متجمد من العالم، حيث تبقى طبقات الثلج لشهور، وتنخفض درجات الحرارة إلى ما دون 40 درجة. وعندما كان مع عائلته بأحد مخيمات اللاجئين في لبنان، تلقوا دورات لإعدادهم للانتقال إلى كندا، وتم تحذيرهم حينها بأن الطقس سيكون بارداً جداً، وهذا يعتمد على المكان الذي سيستقرون فيه.

لسوء حظ عائلة عرفات، أنهم وصلوا إلى وايت هورس، في شهر يناير، ما جعل التكيف مع الثلوج ودرجات الحرارة المتدنية أمراً صعباً للغاية.

يقول حجي: «وصلنا إلى يلونايف، التي تضم نحو 19 ألف نسمة، وتعد من بين أبرد المدن في العالم»، مضيفاً: «لقد كان ذلك مفاجئاً». وخلال العام الماضي، استقبلت كندا 40 ألف لاجئ سوري. وبالنسبة للكثيرين منهم – خصوصاً أولئك الذين انتهى بهم المطاف في شمال كندا – فقد عانى الوافدون الجدد الكثير أثناء التعامل مع سوء الأحوال الجوية. وبعد ساعات من الوصول إلى يلونايف، كان مستقبلو عائلة حجي التي تضم زوجته وأطفاله الأربعة، برفقتهم في رحلة تسوق لتخزين مؤونة الشتاء. واقتنت الجهة الراعية لهم ألبسة وأحذية، تتناسب مع الطقس الشديد البرودة.

وقبل أشهر من قدوم العائلة وآخرين، بدأت مجموعة صغيرة من سكان مدينة يلونايف جمع الأموال، بموجب برنامج يسمح للكنديين بجلب اللاجئين إلى البلاد مقابل تغطية نفقاتهم للسنة الأولى، ومساعدة القادمين الجدد على الاستقرار في حياتهم الجديدة. وقد وجدت عائلة أخرى، وصلت ضمن البرنامج، نفسها في بلدة وايت هورس في يوكون، وذلك في وقت بدأ فيه فصل الشتاء القارس. وتقول اللاجئة السورية هناك، سميرة أحمد، «كان البرد واللغة أكبر تحديين»، وقبل وصولهم إلى وايت هورس، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة أيضاً إلى 40 دون الصفر، كان كل من سميرة وزوجها وأطفالهما الثلاثة يعيشون في تركيا، حيث انتهى بهم المطاف بعد أن فروا من سورية. وتقول الأم «في البداية كان الأمر صعباً للغاية، لكن الآن تعودنا وأصبحنا نتعامل مع الأمر بشكل جيد للغاية». وكانت عائلة سميرة قادرة على تعلم الدروس في التعامل مع فصل الشتاء أكثر من عائلة عرفات، التي أصبحت في يناير 2015، أول عائلة سورية تستقر في أقصى شمال كندا.

وقال حسن عرفات، وهو أكبر أبناء العائلة التي تتألف من تسعة أطفال: «عندما كنا في طريقنا إلى وايت هورس، توقفت بنا الطائرة في مونتريال، حيث سئلنا عن المدينة التي نتجه إليها». مضيفاً «قيل لنا: لا تذهبوا إلى وايت هورس.. ليس هناك الكثير من الناس والجو قارس هناك». وبعد وقت قصير من وصولهم إلى المدينة، أدركت العائلة أن ما قيل لهم عن المدينة كان صحيحاً. وقال حسن (23 عاماً)، إن «الناس هنا كانوا طيبين جداً معنا، عندما وصلنا إلى المدينة».

ولسوء حظ عائلة عرفات، أنهم وصلوا إلى وايت هورس في شهر يناير، ما جعل التكيف مع الثلوج ودرجات الحرارة المتدنية أمراً صعباً للغاية. وفي ذلك يقول حسن: «الجو هنا شديد البرودة، ومن الصعب أن يتخيل الإنسان برودة الطقس في وايت هورس». ولحسن الحظ، يضيف اللاجئ السوري: «التدفئة في كل مكان هنا، بما في ذلك السيارات، لذلك لا نشعر بالبرد إلا إذا كنا خارج المنزل». وبينما لايزال يفضل حسن لعب كرة القدم، يفضل أشقاؤه الأصغر سناً التغلب على قساوة المناخ في فصل الشتاء، بألعاب رياضية أخرى مثل التزلج على الجليد.

ومثل بقية العائلات المستقرة في شمال كندا، تمكنت عائلة عرفات من تجاوز تحديات فصل الشتاء بمساعدة الأهالي وفرص العمل المتاحة، فقد كان حسن وشقيقه البالغ من العمر 21 عاماً، قادرين على العثور على فرص عمل بعد وقت قصير من وصولهما إلى المدينة.

وفي يلونايف، وجدت عائلة حجي استقبالاً منقطع النظير، واحتضنت من قبل السكان المحليين في هذه المدينة الباردة، وفي ذلك يقول مصطفى حجي: «أحب يلونايف كثيراً، لأنها أعطتني الفرصة للعيش والعمل». وبعد وقت قصير من وصوله إلى المدينة، بدأ العمل في مقهى، فقد كان المستقبلون على علم باحتياجات الوافدين الجدد، «جهزوا لنا كل شيء لنا، المأوى والطعام وحتى العمل، نشعر كأننا بين أهالينا».

ولا يتردد مصطفى في وصف يلونايف، التي تبعد نحو 400 كيلومتر إلى الجنوب من الدائرة القطبية الشمالية، بأنها «وطنه الثاني». ويضيف اللاجئ «الجميع يعلم أننا لاجئون من سورية، إنهم يتوقفون لمصافحتنا وسؤالنا عن أحوالنا». وأخيراً.. يقول مصطفى: «الطقس ليس دافئاً هنا، لكن وجدنا دفئاً في العواطف والمشاعر».

تويتر