«العنصرية» تلاحق أداء الشرطة الفرنسية في الأحياء الفقيرة

صورة

كانت الشعارات التي حملها المتظاهرون في شهر يوليو الماضي ضد عنف الشرطة في باريس تقول «حياة السود مهمة»، إذ إنه فيما تركزت عيون العالم على الولايات المتحدة بسبب مقتل رجلين من السود هما التون سترلنغ وفيلاندو كاستيل على يد رجال شرطة من البيض، تجمع الآلاف في العاصمة الفرنسية للاحتجاج على موت الشاب ادم تراور، (24 عاماً)، وهو شاب فرنسي تعرض للخنق بعد اعتقاله من قبل الشرطة الفرنسية خلال التحقق من هويته.

الإدانات لم تدفع الشرطة الفرنسية إلى إعادة تقييم أدائها، وفي معظم الحالات ظلت تتحلى بالحصانة.

وخلال الأسابيع الأخيرة أصبح شاب آخر من ضاحية بانليو عنواناً مهماً للصحف، ويعتقد أنه في الثاني من فبراير الماضي وفي منطقة «الناي سوبوا» في شمال باريس حاول الشاب ذيو لوهاكا، (22 عاماً)، التدخل عندما كان صديقه ضحية عنف الشرطة خلال التحقق من هويته. ويقال إن الشرطة قامت بضربه والبصق عليه، وأخضعته لإهانات عنصرية ودفعته بالهراوة على مناطق حساسة من جسده. وعلى الرغم من حقيقة أنه لم يرتكب أي جريمة، تم نقل لوهاكا إلى مركز الشرطة، لكنه استيقظ في المستشفى، حيث اكتشف طبيب أن لديه جرحاً بطول 10 سنتيمترات في المستقيم والشرج، ومنحه إجازة مرضية مدتها 60 يوماً.

ويبدو أن المجتمع الفرنسي اكتشف على حين غرة قسوة ووحشية الشرطة، على الرغم من أن هذه المزاعم جاءت عادية جداً، وغير مفاجئة، بالنسبة لمن يقطنون في الأحياء الفقيرة الفرنسية. وتنشر أخبار ضحايا العنصرية التي ترتكبها الشرطة الأميركية في وسائل الإعلام الفرنسية، ولكن مثل هذه الأحداث لا تحظى بتغطية كبيرة، وإن حدث ذلك فإنهم لا يأتون على ذكر الملامح العنصرية للحادث.

وتظهر الدراسات التي قامت بها المنظمة غير الحكومية المعروفة باسم «تحرك مسيحيين للقضاء على التعذيب»، أنه ما بين 10 أشخاص و15 شخصاً يموتون في فرنسا كل عام بسبب الشرطة. وعادة ما يكون الضحايا من الشبان السود، أو ذوي أصول ترجع إلى شمال إفريقيا، ويعيشون في أحياء فقيرة.

وكشف الخبير في علم الإنسان ديديير فاسين، عن الهوة الواسعة بين الشرطة والمواطنين في الأحياء الفقيرة، اذ إن 80% من أفراد الشرطة ينحدرون من المناطق الريفية أو البلدات النائية، حيث يكون التركيب الاثني والاجتماعي مختلفاً. وحسب منظمة تطلق على نفسها «حماية الحقوق، والمسؤولية عن حماية المواطنين من التمييز الرسمي»، فإن الشبان الذين يعتقد أنهم عرب أو سود، تزداد احتمالات التدقيق في هوياتهم 20 مرة. وعادة ما يشعر ضحايا التحقق من الهوية - المسيء - بالظلم، وهو ما يؤدي إلى وقوع حوادث الشغب.

وبعد فضيحة لوهاكا، انتهت العديد من التظاهرات بأعمال عنف، وفي إحدى التظاهرات خارج المحكمة في بوبني، وقعت أحداث عنف تذكر بتظاهرات فيرغسون في الولايات المتحدة.

ويستغل اليمينيون المتطرفون هذه المناسبات لتسجيل النقاط في حملات الانتخابات الرئاسية، حيث بدأت الجبهة الوطنية حملة توقيع عريضة لدعم الشرطة، ورفضت زعيمة الجبهة ماري لوبان إدانة ممارسات رجال الشرطة.

وكان الرئيس فرانسوا هولاند قد زار لوهاكا في المستشفى، ربما في محاولة منه لمنع سكان الأحياء الفقيرة من إشعال الوضع. ويلوح تهديد وقوع أعمال الشغب في الأفق، خصوصاً أن أحداث عام 2005 لاتزال ماثلة في الاذهان.

وفي عام 2016 كشفت لجنة الأمم المتحدة ضد التعذيب عن قلقها بشأن مزاعم بالاستخدام المبالغ فيه للقوة من قبل الشرطة الفرنسية، والتي أدت في بعض الأحيان إلى إصابات خطيرة وربما الموت، وفي عام 1999 اتُهمت فرنسا صاحبة حقوق الإنسان باستخدام التعذيب بعد أن اعتدت الشرطة على شاب من شمال إفريقيا بصورة وصفت بأنها «بشعة»، ولكن هذه الإدانات لم تدفع الشرطة إلى إعادة تقييم أدائها، وفي معظم الحالات ظلت تتحلى بالحصانة.والمهم في الموضوع أن الشرطة الفرنسية تعاني من مشكلة متجذرة فيها تتلخص في العنصرية الممنهجة التي لا يتم الاعتراف بها.

تويتر