بعد مقتل مهندس كمبيوتر في أميركا

المهاجرون الهنود يشعرون بعـدم الترحيب بهم في الولايات المتحدة

صورة

تفاعلت الهند إيجاباً مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وتشعر نيودلهي بالارتياح كون علاقاتها مع واشنطن تتحسن باطراد - باستثناء بعض العثرات - طوال عقدين من الزمن، خلال الإدارات الديمقراطية والجمهورية. وتودد ترامب للأميركيين من أصول هندية خلال حملته الرئاسية، لاسيما خلال حشد سياسي جمع شخصيات من بوليوود، مقر صناعة السينما الهندية، حيث أعلن «أنا أحب الهنود»، ووعد بأن تكون الولايات المتحدة والهند «أفضل الأصدقاء» تحت قيادته.

بيد أن هذا التودد الهندي لترامب تحول إلى خوف وقلق، منذ إطلاق النار الأسبوع الماضي، على اثنين من مهندسي الكمبيوتر الهنود في إحدى حانات كانساس. وأطلق عليهما النار جندي متقاعد في البحرية الأميركية، يبلغ من العمر 51 عاماً. ويقال إن المشتبه فيه قال للرجلين: «اخرجا من بلدي»، قبل أن يطلق النار عليهما، ما أسفر عن مقتل أحدهما وهو سرينيفاس كوشبهوتلا.

اعتقادات سخيفة

كشف استطلاع أجرته مؤسسة «بيو» أن لدى ما يقرب من 70% من الهنود انطباعاً إيجابياً عن الولايات المتحدة، إلا أن العنف ضد الهنود في أميركا، وعدم مبالاة الجهات الرسمية بتلك الجرائم، قد يقوضان تلك الصورة الإيجابية.

السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، سين سبايسر، رفض وجود أي صلة بين الهجوم على المهندسين الهنود، والخطاب المعادي للمهاجرين، واصفاً مثل هذه الاعتقادات بـ«السخيفة»، إلا أن الرابط لا يبدو سخيفاً على الإطلاق حسب اعتقاد الهند، التي ترسل مئات الآلاف من مواطنيها إلى الولايات المتحدة كل عام للدراسة والعمل، وكذلك مليون سائح. ففي مؤتمر صحافي مشحون بالشعور العاطفي في مقر شركة غارمين، حيث يعمل الضحيتان، تحدثت زوجة المهندس القتيل، سونيانا دومالا، مخاطبة الأمة الهندية، قائلة «أريد إجابة واضحة من الحكومة، وأريد إجابة عن التساؤلات التي يطرحها الجميع هنا وهناك، ماذا تنوي الحكومة فعله لوقف جريمة الكراهية هذه؟». وتلقفت وسائل الإعلام الهندية صدى عباراتها.

وكتبت صحيفة «إنديان إكسبريس»، في افتتاحيتها قبل أيام، أن «الرئيس دونالد ترامب وحلفاءه السياسيين، الذين ينفخون في جمر النزعة القومية البيضاء الملتهب خلال مسار الحملة الانتخابية، ينبغي أن يجيبوا عن الأسئلة التي أثارتها هذه الجريمة»، كما أشارت افتتاحية صحيفة «ذي هندو» أن ترامب، المولع بحب التغريدات، التزم الصمت بشأن هذه الجريمة النكراء، رغم أنه لن يضبط نفسه دون شك، لو كان القتيل مهاجراً أميركياً أبيض.

وسائل التواصل

وسائل التواصل الاجتماعي الانتقائية صبت جامّ غضبها على ترامب، مدعية أنه هو السبب في أعمال العنف بجميع أنحاء أميركا، وتقول «إن هذا الاتجاه العنصري المتعاظم بشأن كراهية الأجانب، قد يجعل الولايات المتحدة إحدى أخطر وجهات الهجرة، أكثر مما كانت عليه الحال من قبل».

وتحت هذا البركان الكامن وراء الغضب، يبدو مسار العلاقة بين الهند والولايات المتحدة متجهاً نحو طريق مملوء بالوحول، رغم المحادثة الودودة على الهاتف، التي أجراها ترامب مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بشأن الحادث.

وعلى مدى السنوات الـ15 الماضية أو نحو ذلك، كان التقارب بين واشنطن ونيودلهي مدفوعاً بالاعتقاد السائد بأن تحفيز النهوض الاقتصادي للهند والتحديث العسكري، من شأنهما أن يحققا فوائد طويلة الأمد للولايات المتحدة. إلا أن ترامب يقول إنه يريد أن تحصل أميركا على «أفضل الصفقات» في علاقاتها مع الحلفاء والدول الصديقة الأخرى، وتوفير الوظائف الأميركية مرة أخرى من الخارج، ما يضرب العلاقات الاستراتيجية مع الهند في مقتل.

وبالنسبة لكثير من المهندسين الهنود، خصوصاً الشباب منهم، فإن السؤال الذي يطرحونه الآن هو: هل هم لايزالون موضع ترحيب؟ وهل هناك حاجة إليهم؟ وهل سيعيشون في أمان بالولايات المتحدة؟ عداء ترامب لإيران يشكل أيضاً إحراجاً بالنسبة للهند، التي تربطها علاقات ودية مع طهران. وتنتظر نيودلهي بفارغ الصبر مزيداً من الوضوح بشأن سياسات ترامب تجاه جارتيها: باكستان وأفغانستان. ويقول الخبير البارز في السياسة الخارجية بمركز الهند لمعهد بروكينغز، جاي شانكار دروفا: «لا أعتقد أن العلاقات عن العمل ستكون كالمعتاد، على الأقل خلال العامين المقبلين». ويضيف: «سيكون لدينا بالتأكيد تفاوض على الكثير من الأمور بطريقة حساسة جداً».

طوال عقود، عندما كانت العلاقات الرسمية بين نيودلهي وواشنطن رهينة لمنافسات الحرب الباردة، وكان الشعب الهندي معجباً بالولايات المتحدة، باعتبارها أرض الفرص والحرية. وقبل عامين، كشف استطلاع أجرته مؤسسة «بيو» أن لدى ما يقرب من 70% من الهنود انطباعاً إيجابياً عن الولايات المتحدة، وهذا الانطباع من أعلى المستويات في العالم، إلا أن العنف ضد الهنود في أميركا، وعدم مبالاة الجهات الرسمية بتلك الجرائم، قد يقوضان تلك الصورة الإيجابية، والعلاقة التي حافظ عليها الشعب الهندي طويلاً.

 

 

 

تويتر