المرصد

المخابرات الألمانية تتجسس على الصحافيين الأجانب

عندما ظهرت أخبار تفيد بأن المخابرات الأميركية تتجسس على الهاتف النقال للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أثار ذلك ضجة كبيرة، خصوصاً أن ألمانيا هي الحليف الأكثر أهمية في الاتحاد الأوروبي لواشنطن. ولكن الأخبار التي ظهرت أخيراً تفيد بأن المخابرات الألمانية ليست قصيرة اليد وتتجسس أيضاً، ولكن على عدد كبير من الصحافيين الأجانب الذين يعمل بعضهم وراء البحار، بمن فيهم صحافيون يعملون في محطة «بي بي سي» البريطانية، ورويترز، وصحيفة نيويورك تايمز، الأمر الذي اعتبره الناقدون انتهاكاً صارخاً لقانون حرية الصحافة.

ومن بين هؤلاء الصحافيين الذين تعرضوا للتجسس، البلجيكي أرنود زايتسمان، (44 عاماً)، الذي يعمل مراسلاً في إفريقيا لمحطة «بي بي سي»، ومن ثم انتقل إلى التلفزيون الألماني 24، حيث أمضى 20 عاماً هناك، منها 10 في الكونغو، حيث ركز على الأطفال المنسيين في هذا البلد خلال المعارك التي دارت هناك.

ولم يكن زايتسمان يدرك أنه تحت الرقابة، كما أن أحداً من الألمان لم يخبره بذلك، ولذلك فإنه شعر بالرعب عندما اتصلت به صحيفة «ديرشبيغل»، لتخبره بأن المخابرات الالمانية الخارجية تتجسس عليه. وحسب الوثائق التي حصلت عليها «ديرشبيغل»، فإن هذا الرجل ليس الوحيد الذي خضع للتجسس، اذ إن المخابرات الألمانية تجسست على 50 رقم تليفون وفاكس وإيميل تخص صحافيين، أو غرف أخبار موزعة حول العالم، في الأعوام التي تلت عام 1999.

ومن المعروف أن الصحافيين في ألمانيا يتمتعون بحماية كبيرة جداً ضد تدخل الدولة في شؤونهم، وهم يتمتعون بحماية قضائية شبيهة بما لدى المحامين، والأطباء والكهنة، وهي المهن التي تتطلب السرية. ويمتلك الصحافيون الألمان حق رفض الشهود في المحاكم، بهدف حماية مصادرهم. ويمنع القانون الألماني المخابرات الداخلية من مراقبة الأشخاص الذين يتمتعون بمثل هذه الحماية. وبناء عليه انبرى الفرع الألماني لمنظمة «صحافيون بلا حدود» لتوجيه انتقادات لاذعة إلى المخابرات الخارجية الألمانية، واعتبرها تقوم «باعتداء فاضح على حرية الصحافة»، وظهرت مزاعم التجسس على الصحافيين الأجانب، في الوقت الذي كانت لجنة التحقيق المنبثقة عن البرلمان الالماني التي تعمل بقضية التجسس في ألمانيا قد أنهت تحقيقاتها. وعلى الرغم من أن اللجنة عالجت حالات كثيرة من تجسس وكالة المخابرات الخارجية الألمانية، فإن التجسس على الصحافيين كان مجرد قضية جانبية.

وتجسس الدول الغربية على الصحافيين الأجانب ليس بالأمر الغريب، فهذا ديدن هذه الدول دائماً، ففي الوقت الذي تضع قوانين صارمة وتطبقها لمصلحة شعوبها، فإنها طالما تطبق نقيضها على شعوب الدول الأخرى، فالصحافيون الألمان يتمتعون بحماية قوية في بلادهم، بهدف الحفاظ على حرية الصحافة، لكن مخابرات ألمانيا تتجسس على صحافيي دول أخرى وتنتهك هذا الحق، وهذا من بديهيات تعامل الدول الغربية مع الآخرين، الأمر الذي يوحي بأن حرية الصحافة تعد حقاً لبعض الصحافيين في حين لا يستحقها البعض الآخر.

تويتر