الأوروبيون لا يجدون من يتحدثون إليه في واشنطن

رسائل طمأنة تُخفق في تهدئة قلق أوروبا من ترامب

صورة

بعد مرور شهر واحد على تولّي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وتوالي سلسلة من الأحداث غير العادية، توجه عدد من كبار المسؤولين في إدارته إلى بروكسل وبون وميونيخ، الأسبوع الماضي، لطمأنة أوروبا التي انتابها القلق، بأن كل شيء سيكون على ما يُرام.

ماتيس حاول طمأنة الأوروبيين بالقول إن حلف شمال الأطلسي ليس مؤسسة عسكرية «عفا عليها الزمن»، رغم أن ما يردده ترامب يشير إلى عكس ذلك.

واستمع الأوروبيون إلى وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، وهو يقول لهم إن حلف شمال الأطلسي ليس مؤسسة عسكرية «عفا عليها الزمن»، رغم أن ما يردده ترامب يشير إلى عكس ذلك.

وقال لهم نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إن روسيا «ستحاسب» على أفعالها في أوكرانيا، رغم مفاتحات ترامب الودية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

غير أن دبلوماسيين وساسة ومحللين أوروبيين تجمّعوا في ميونيخ قالوا إنه إذا كانت هذه الزيارات تهدف إلى طمأنة أوروبا، وأن أسس السياسة الخارجية الأميركية مازالت كما هي، فإن هذه الزيارات لم تحقق الهدف المنشود.

وقال الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني، روبرخت بولنز، لـ«رويترز»، بعد كلمة بنس أمام مؤتمر ميونيخ للأمن: «ما سمعناه ليس مطمئناً». وأضاف «لا توجد رؤية على الإطلاق للكيفية التي سنعمل بها معاً مستقبلاً».

وبنس هو أرفع مسؤول أميركي في إدارة ترامب يتوجه إلى أوروبا، وكانت كلمته محل اهتمام كبير. فقبل ثماني سنوات وفي القاعة ذاتها، وعد سلفه جو بايدن «بإعادة ضبط» العلاقات مع روسيا لتحتل كلماته عناوين الصحف.

غير أن بنس، على النقيض من بايدن، جاء إلى ميونيخ ومعه عائق مدمر، يتمثل في إحساس شائع أنه ليس من أفراد الدائرة المقربة من ترامب، وهو إحساس غذته الظروف التي أحاطت باستقالة مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، أخيراً.

وقال ديريك كوليت، أحد كبار مستشاري السياسة الدفاعية للرئيس السابق باراك أوباما، ويعمل الآن مع صندوق مارشال الألماني، الذي أنشأته الولايات المتحدة: «مهمته كانت بطبيعتها صعبة، لكنها ازدادت صعوبة بسبب تساؤلات حول افتقاره إلى النفوذ داخل البيت الأبيض».

«تحية آلية»

حاول نائب الرئيس معالجة تلك الشكوك مباشرة، بإعلانه في بداية كلمته أنه يتحدث باسم ترامب.

لكنه ذكر الرئيس 19 مرة خلال الكلمة التي استمرت 20 دقيقة، ما دفع المؤلف والمؤرخ روبرت كاجان الذي كان بين جمهور الحاضرين، لوصف الخطاب بأنه «تحية آلية للرجل صاحب السلطة».

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، إلمار بروك، أحد الحلفاء الحزبيين للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل: «بنس وماتيس و(وزير الخارجية الأميركي ريكس) تيلرسون يمكنهم المجيء إلى هنا، والحديث عن أهمية العلاقات عبر الأطلسي، وعن حلف شمال الأطلسي، وكل هذا أمر حسن،

لكننا لا نعرف ما سينشر على (تويتر) صباح غد»، مشيراً إلى ولع ترامب بإصدار بيانات سياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وشبّه دبلوماسي أوروبي صعوبة معرفة الشخصية التي يجب الإنصات لها في إدارة ترامب، بمهمة المتخصصين في شؤون الكرملين خلال الحرب الباردة.

وقال محلل السياسة الخارجية في مركز إلكانو للأبحاث في بروكسل، أولريك سبيك، إن المعضلة التي طرحها هنري كيسنجر عندما تساءل عمّن يوجه حديثه إليه، عندما يريد التحدث مع أوروبا قد انقلبت رأساً على عقب.

وأضاف سبيك«الآن أوروبا تسأل عمن تتصل به إذا أرادت التحدث مع الولايات المتحدة».

وبخلاف التطمينات الخاصة بحلف شمال الأطلسي، والعلاقات مع روسيا، حاول بنس تهدئة المخاوف من أن الولايات المتحدة تبتعد عن القيم الديمقراطية في عهد ترامب، الذي هاجم وسائل الإعلام والقضاء مراراً منذ تولّى السلطة قبل شهر.

وقال بنس: «هذا هو وعد الرئيس ترامب. سنقف مع أوروبا اليوم وكل يوم، لأن مُثل الحرية والديمقراطية والعدالة وسيادة القانون النبيلة، تربط بيننا».

دعم أوروبي

تلك الرسالة قوبلت بالترحاب، لكن غيرها ساء مآله، فقد أثار بنس الاستغراب بإشارته إلى أن الاتفاق النووي بين القوى الكبرى في العالم وإيران - والذي يحظى بدعم قوي في أوروبا - يتيح لطهران موارد لدعم الإرهاب.

كما أن إشاراته المتكررة إلى «الإرهاب الإسلامي المتشدد» أزعجت البعض ممن يشعرون أن إدارة ترامب تستهدف المسلمين كلهم، في حربها على المتطرفين، بل إن ميركل نفسها حذرت من ذلك في كلمة ألقتها قبل كلمة بنس مباشرة.

كذلك رفض بعض الحاضرين ما وعد به بنس من إلقاء تنظيم «داعش» في «مزبلة التاريخ»، وقالوا إن هذه المبالغات الطنانة، تناسب حملة انتخابية في الولايات المتحدة، أكثر مما تناسب جمهوراً أوروبياً.

تويتر