بسبب عجزها عن سداد ديونها

اليونان على شفا أزمة مالية أخرى

صورة

تماماً كما حدث من قبل، تواجه اليونان مشكلة تسديد الديون التي لا تستطيع الوفاء بها، إذ إنه من المفروض أن تسدد 86 مليار يورو في شهر يوليو المقبل. وبناء عليه فإنها بحاجة إلى دعم مالي من جديد من الاتحاد الأوروبي، أو صندوق النقد الدولي، لأن الاقتراض بصورة مباشرة من أسواق المال العالمية ينطوي على تكاليف عالية. وتقول ألمانيا التي تقود الاتحاد الأوروبي، إنه قبل أن تحصل اليونان على أي يورو عليها أولاً الالتزام بسياسات تقشفية في الميزانية. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن اليونان لا تستطيع الوفاء بمطالب ألمانيا، وحتى لو تمكنت من ذلك فإن هذه الدولة لن تكون قادرةعلى سداد ديونها الثقيلة التي تعادل 181% من إجمالي الناتج المحلي. ويطلق صندوق النقد الدولي تلميحات مفادها أن اليونان ربما سيتعين عليها مغادرة منطقة اليورو. وطوال فترة أزمة اليونان المالية، قلة من الناس ركزوا على حاجة هذا البلد إلى القيام بإصلاح اقتصادي أساسي، يمنح الدولة أملها الوحيد لاستخدام مواردها من أجل الوفاء بالتزاماتها.

- يبدو أن الجميع يتجاهلون الإصلاحات الاقتصادية الأساسية التي من الممكن أن تخرج اليونان من وضعها الذي لا يحتمل.

- لن تكون اليونان قادرة على سداد ديونها الثقيلة التي تعادل 181% من إجمالي الناتج المحلي.

وإلى حد كبير، بقي اللاعبون أنفسهم ينفذون الأدوار ذاتها منذ نحو عامين، عندما نظمت أوروبا هذه المهزلة، وصلّب رئيس الحكومة اليوناني اليكسيس تسيبراس موقفه المبدئي إزاء الأطراف الدائنة لليونان، قبل أن يذعن لمطالب الاتحاد الأوروبي. وأصر وزير المالية الالماني ولفغانغ شوبل على أن الاتحاد الأوروبي لن يقدم أي مساعدة حتى تزيد اليونان ضرائبها على الدخل وتخفض من التقاعدات بما يكفي، للحصول على فائض في الميزانية باستثناء نفقات خدمة الدين، والمعروفة بالفائض الرئيس، والتي تساوي 3.5% من إجمالي الناتج المحلي، والحفاظ على هذا الفائض لمدة 10 سنوات.

ولكن اليونان واجهت هذا الطرح بالقول إنها يمكن أن تلتزم بمثل هذا الفائض لمدة ثلاث سنوات. ويرى رئيس صندوق النقد الدولي في الفرع الأوروبي بول تومسين، أن تحقيق مثل هذه الأهداف مهمة مستحيلة. وأشار إلى أن اليونان تتوقع فائضاً في ميزانيتها يصل إلى 1.5%، حتى بعد عامين من ميزانية تتسم بشد الأحزمة، موضحاً أن مثل هذه الميزانية يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، بالنظر إلى اقتصاد اليونان الكئيب وسياستها الضعيفة.

ويبدو أن صندوق النقد الدولي على حق، اذ إن ميزانية التقشف السابقة فشلت في تخفيف مأزق اليونان، والمؤكد ان اليونان لم تف بالتزاماتها في هذا المجال، ولكن زيادة الضرائب وتقليل النفقات أديا إلى ضعف النمو، إذ إن التقدم في ما يتعلق بالوضع المالي العام بقي يعاني من المشكلات. ومنذ نشأة هذه الأزمة في عام 2010 وبدء اليونان بالامتثال لمطالب الاتحاد الأوروبي في تحديد الميزانية، تقلص الاقتصاد الحقيقي بنسبة 4.2% سنوياً خلال عام 2015، وهي آخر سنة يوجد عنها معلومات كاملة، وارتفعت البطالة بنسبة 26.2% من القوة العاملة، وبلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب 49.8%، وساعدت مثل هذه النكسات الاقتصادية على زيادة الحاجة لإغاثة الحكومة، بالنظر إلى أنها سببت تخفيض عائدات الحكومة من الدخل وضرائب القيمة المضافة.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن الجميع يتجاهلون الإصلاحات الاقتصادية الأساسية التي من الممكن أن تخرج اليونان من وضعها الذي لا يحتمل، وإذا أرادت اليونان تخفيف القوانين المقيدة للعمل والإنتاج، وتخفيف القيود على إنشاء الأعمال الجديدة، فعندها يمكن أن ينمو اقتصادها حتى في وضع أنظمة الميزانية المتقشفة. ولكن لسوء الطالع منذ عام 2010، أي منذ بدء هذه الأزمة، قاومت الحكومة اليونانية من اليمين واليسار مثل هذه الخطوات، وبدلاً من ذلك، حافظت اليونان على مجموعة من قوانين الانتاج تعوق تدفق البضائع لصالح الشارين الحاليين الموردين الموجودين حالياً.

واذا أرادت أثينا التخلص من أزمتها فعليها أن تتبع آلية اقتصادية هي بأمس الحاجة إليها، اذ إن الزخم الاقتصادي العضوي (أي زيادة الإنتاج) سيتغلب على آثار المطالب الألمانية بشأن الميزانية. ويمكن أن تتخلص الدولة من الدوران في الدائرة المغلقة التي تعيش فيها، حيث فشل التقشف في الميزانية في تحسين الوضع المالي العام، لأنه يعوق النمو ويؤدي إلى مزيد من الدعوات إلى مزيد من التقشف. وعندها فإن الدائرة ستضاعف العبء على اقتصاد الدولة وميزانيات المستقبل. وعن طريق النمو العضوي الواعد فإن الإصلاحات الأساسية يمكن أن تمنح المستثمرين الخاصين ما يكفي من الثقة لإقراض اليونانيين المال بفائدة مدعومة، ويلغي الحاجة إلى طلب المدد من أوروبا، في حالة إفلاس.

تويتر