خلافاً لما انتهجته الإدارة الأميركية السابقة

إدارة ترامب تسعى إلى التدخل باليمن لتحجيم إيران

صورة

باشرت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عملها، وهي تضع نصب عينيها مهمة الحد من طموحات طهران في المنطقة، ما يجعل وكلاء إيران باليمن في مرمى اهتمام هذه الإدارة. وبدأت هذه الإدارة الجديدة بالفعل تصعيد إجراءاتها ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، حيث تعد هذه التدابير جزءاً من خطة أوسع لمواجهة طهران من خلال استهداف حلفائها في دول الخليج.

ويوم الخميس الماضي، حولت الولايات المتحدة إحدى مدمراتها إلى الساحل اليمني، لحماية خطوط الملاحة من هجمات المتمردين المدعومين من قبل إيران، فيما تدرس الإدارة خطوات أكثر صرامة، بما في ذلك هجمات بطائرات بدون طيار، ونشر مستشارين عسكريين لمساعدة القوات المحلية، وفقاً لمسؤولين مطلعين على هذه التدابير.

ويقول أحد المصادر التي تقدم المشورة لفريق الأمن القومي الخاص بترامب، إن «هناك اتجاهاً داخل الإدارة لاتخاذ مسار أكثر تشدداً» ضد إيران في اليمن. ويقول مصدر، رفض الكشف عن اسمه لأنه ليس مخولاً من قبل البيت الأبيض بالحديث في هذا الشأن، إنه بالنظر إلى الخطاب العام والمداولات الخاصة في البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة قد «تتجه بشكل أقوى لمحاربة الحوثيين بصورة مباشرة»، جنباً إلى جنب مع حليفتيها السعودية والإمارات.

ويرى مساعدو ترامب أن اليمن يعد ساحة معركة مهمة للولايات المتحدة، من أجل الوقوف بصلابة ضد إيران، وإنهاء ما يعتبرونه فشل الإدارة السابقة في مواجهة نفوذ طهران المتنامي في المنطقة. إلا أن مثل هذا النهج المتشدد يحمل خطر اندلاع أعمال انتقامية إيرانية ضد الولايات المتحدة في العراق وسورية، أو حتى الدخول في حرب شاملة مع إيران.

الجمعة الماضية أصدر مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، بياناً اتهم فيه المجتمع الدولي بأنه ظل «متسامحاً أكثر من اللازم حيال سلوك إيران السيئ»، مضيفاً «إن إدارة ترامب لم تعد تتسامح مع الاستفزازات الإيرانية التي تهدد مصالحنا».

هناك اتجاه داخل إدارة ترامب لاتخاذ مسار أكثر تشدداً ضد إيران في اليمن.

وفي استجابة واضحة هي الأولى من نوعها، بشأن الهجوم الذي تعرضت له الفرقاطة السعودية، الأسبوع الماضي، من قبل زوارق انتحارية حوثية، صدرت الأوامر في وقت متأخر، الخميس الماضي، للمدمرة كول، التي تحمل صواريخ موجهة، والتي كانت تبحر بعيداً في «مهمة روتينية» في الخليج العربي، بالتوجه لمضيق باب المندب، وفقاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون). المدمرة كول هي السفينة الحربية نفسها التي تعرضت لقصف مميت من قبل تنظيم «القاعدة» في عام 2000 في ميناء عدن باليمن، ما أسفر عن مقتل 17 بحاراً.

وستعمل المدمرة الأميركية على مرافقة السفن المارة عبر الساحل اليمني باتجاه البحر الأحمر. وشهدت هذه المنطقة هجمات الحوثيين بالصواريخ على مدمرة أميركية في يناير الماضي، ولم تستطع إصابتها، لكنها استهدفت سفينة تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة في أكتوبر.

بالإضافة إلى ذلك فرضت الإدارة الأميركية، يوم الجمعة، حزمة جديدة من العقوبات على الشركات الإيرانية، وذلك دعماً لتهديداتها وإداناتها لاختبار إيران صواريخ بالستية أخيراً.

ويعتقد مقربون من الإدارة الأميركية، أن هذه الإدارة في سعيها لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، تدرس تكثيف هجمات بطائرات من دون طيار، ونشر عدد أكبر من المستشارين، والقيام بغارات أكثر جرأة.

وتتضمن الإجراءات أيضاً تسريع الموافقة على توجيه ضربات عسكرية للمتشددين في اليمن - التي كانت تتطلب مستوى عالياً من المداولات في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما - وتوسيع الجهود لمنع إرسال شحنات من الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

ترامب، الذي روج في حملته الانتخابية لسياسات صارمة تجاه إيران، جاء أول اختبار له في هذا الصدد خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما أجرت إيران تجربة على صاروخ باليستي، تلاه هجوم قارب الحوثيين على الفرقاطة السعودية. وهذه الأحداث هي التي غذت شعور فلين المتشدد بالفعل حيال إيران.

ويعتقد المحللون أن فلين يريد بقوة مواجهة الأنشطة الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكن لاتزال هناك تساؤلات حول توقيت ومبررات أي تصعيد للدور الأميركي في اليمن أو في أي مكان آخر.

الحزمة الجديدة من العقوبات تستهدف أفراد وشركات إيرانية مشاركة في برنامج الصواريخ الإيراني، بعضها موجود في لبنان والصين. هذه العقوبات التي صدرت، الجمعة، لا تنتهك الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، ولكن ينظر إليها على نطاق واسع كخطوة أولى في سلسلة من الإجراءات من قبل وزارة الخزانة، للضغط على إيران وتحجيم الاستثمار الأجنبي الوارد إليها، حيث فرض الاتفاق النووي لعام 2015 قيوداً على البرنامج النووي لطهران في مقابل رفع العقوبات الدولية.

وقللت إدارة أوباما لفترة من شأن حجم المساعدات الإيرانية للمتمردين في اليمن، ولم تصور نشاط طهران في المنطقة على أنه تهديد أمني كبير. وبدلاً من ذلك، وضعت الإدارة السابقة أولوية أعلى لاستهداف الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» في اليمن، التي وصفتها وكالات الاستخبارات بأنها الجماعات الأكثر قدرة في الشبكة الإرهابية.

ويوم الأربعاء الماضي، أصدر فلين في غرفة الإيجازات الصحافية بالبيت الأبيض، تحذيره بأن الإدارة «وضعت إيران رسمياً نصب عينيها»، لكنه رفض توضيح ما تعنيه هذه العبارة.

ويساور الإدارة شيء من القلق، يتمثل في أن إيران ستوسع دعمها للمتمردين الحوثيين، إذا استمرت الحرب الأهلية الطاحنة في اليمن من دون حل، ما يهدد السعودية المجاورة ويؤثر في خطوط الملاحة الدولية على طول الساحل - الذي يعد من النقاط البحرية الحيوية في العالم الأكثر ازدحاماً.

إلا أن التدخل العسكري في عمق اليمن أمر محفوف، بالمخاطر حيث إن الهجوم من قبل قوات البحرية الأميركية يوم السبت في وسط اليمن - الذي استهدف مهاجمة أفراد «القاعدة» غير المنتسبين لطهران - هو أول هجوم أميركي بري معروف في هذه البلاد التي تسودها الفوضى منذ ديسمبر 2014، ويبرهن على مدى خطورة إرسال قوات أميركية لليمن، حيث أدى لمقتل أحد أفراد البحرية الأميركية، كما قضى على عدد غير معروف من المدنيين.

ويقول المستشار السابق لقوات العمليات الخاصة وخبير مكافحة الإرهاب، سيث جونز، إن «الغارة قد تعد مؤشراً إلى اهتمام الولايات المتحدة المتزايد بالقيام بعمليات سرية في اليمن»، ويعتقد أن أميركا «تريد أن تحد من وجود جنودها على الأرض، لكنها تلجأ للعمل المباشر أو استخدام الطائرات بدون طيار»، ويضيف: «أتوقع أن أكثر جهودها سيتمثل في العمل مع القوات المحلية الشريكة على الأرض».

إلا أن المحللة بمعهد أميركان إنتربرايز، كاثرين زيمرمان، تعتقد أن تكثيف الضغط على الحوثيين قد يأتي بنتائج عكسية، ويصب المزيد من الزيت على الحرب الأهلية، ويدفع المتمردين أكثر في أحضان طهران.

تويتر