القارة تحوي أزمات لاجئين منسية

إفريقيا تستحق اهتمام العالم

ملك المغرب اعتبر ضمان أمن إفريقيا مسألة أمن قومي وعالمي. ي ب ا

عبر النقاشات العامة للعالم الغربي، يمكن أن تكون كلمة «لاجئ» مرتبطة بسورية، و«الإرهاب» وتنظيم «داعش»، وإيران. ولكن عند التأمل في العالم، والتفكير مستقبلاً لبضع سنوات، يمكن أن يواجه المرء تحدياً أكثر خطورة مما سبق، حيث سيكون على الغربيين مواجهته: وهو مستقبل إفريقيا.

قامت دول إفريقية بتطوير هياكل حكم شاملة، وطورت اقتصادها عن طريق الاستثمار في سكانها، والاقتداء بمجموعة أكبر من الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، التي أصبح عددها الآن 13، وهي تتمتع بمعدلات نمو سنوي هي الأعلى في العالم.

وتحوي هذه القارة، الأكثر فقراً في العالم، أزمات لاجئين نسيها العالم، وهي كبيرة بحيث تقزم أزمات الشرق الأوسط أمامها: فهناك نحو مليون لاجئ في جنوب السودان، و250 ألفا في أحد معسكرات اللاجئين في أوغندا وحدها، وعشرات غيره. وأما في ما يتعلق بالإرهاب، فحسب النسخة الأخيرة من مجلة مؤشر الإرهاب العالمي، فإن المجموعة المتطرفة التي قتلت أكبر عدد من البشر ليس تنظيم «داعش» وإنما منظمة «بوكو حرام» في نيجيريا، ومن ضمن أفرع «داعش» البالغ عددها 18، التي اعتبرت فاعلة «بصورة شاملة»، منها ثمانية موجودة في إفريقيا. وفي جوهر هذه الأزمات يكمن الفشل في الحكم، إذ إن الأنظمة الاستبدادية التي تحمل مبادئ المساواة، في حين أنها تكون منحازة نحو الدين والعرق، ضد الجدارة، تسرق من موارد بلادها أكثر مما تنفق.

ونتيجة حجم هذه الأزمات ينبغي التوجه نحو هذه القارة والبدء في حل مشكلاتها، من دون النظر إلى الأديان أو الأعراق. وفي هذا المجال يجب إلقاء الضوء على منظمة «الاتحاد الإفريقي» الضعيف، الذي يلتقي أفراده من أجل التحادث في ما بينهم، غير أن هذا الاتحاد غير قادر على حماية نفسه. ومع ذلك يتعين تعديل وضع هذا الاتحاد، كما إنه يجب على الإدارة الأميركية ملاحظة الأسباب الداعية لذلك. ومن ضمن هذه الأسباب ظهور توجه مختلف تماماً في إفريقيا، يمكن أن يكون مدعاة للأمل، وهو الأمر الذي يجب أن تلاحظه الولايات المتحدة والدول العظمى الأخرى وتشجعه أيضاً. وبدأت دول عدة في القارة تتعاون من أجل إصلاح الخلافات الواقعة في ما بينها، إضافة إلى إصلاح الهياكل الاقتصادية والحكومية. وإضافة إلى ذلك بدأت ضخ طاقة جديدة في الاتحاد الأوروبي، كمطية لنشر أفضل ممارستها إلى الدول الأخرى في الجوار.

وقامت دول إفريقية بتطوير هياكل حكم شاملة، وطورت اقتصادها عن طريق الاستثمار في سكانها، والاقتداء بمجموعة أكبر من الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، التي أصبح عددها الآن 13، وهي تتمتع بمعدلات نمو سنوي هي الأعلى في العالم. ونرى هذه الدول في الاتحاد الإفريقي وهي تطالب بإصلاح القطاع الأمني، والعمل المشترك عبر الحدود، من أجل مواجهة المجموعات الإرهابية. وهي تنادي بالقضاء على الفساد، وتعرض تقديم المساعدة على الدول الأخرى، من أجل إصلاح أنظمتها الاقتصادية وهياكلها الحاكمة.

وثمة لاعب قوي في الاتحاد الإفريقي، هو المغرب، الذي أعاد انضمامه من جديد إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، بعد غياب 32 عاماً، كان قد انعزل عنه سياسياً. وبعد جيل تقريباً، تطور المغرب الآن كثيراً، وتحولت إلى ملكية دستورية، كما أنها طورت هياكلها للحكم التعددي، وحققت النمو في اقتصادها، وعززت من سلطة المجتمع المدني. وكرس الملك محمد السادس موارد ضخمة، في المحاولة الجديدة من أجل تكامل المنطقة والاستثمار في إفريقيا، والمساعدة في تطورها اقتصاديا، والمشاركة في المهام الأمنية. وهو يعتقد أن ضمان أمن القارة، قضية أمن قومي وعالمي، كما أنه يريد أن يلعب المغرب دور الجسر بين حلفائه الغربيين والدول الإفريقية النامية.

أحمد تشاراي كاتب مغربي يكتب في «ناشونال انترست»

تويتر