خروج بريطانيا شكل دليلاً على رؤيته

ترامب محق في توقعه تفكك الاتحاد الأوروبي

صورة

تتحدث تقارير وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، عن «الدهشة والإثارة»، وأما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فإنه يحتج بسخط على ما يعتبره «نصائح خارجية» غير مرغوب فيها. وحتى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري يرى تصرف الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير لائق، عندما تحدث الرجل في مؤتمر صحافي توقع فيه تفكك الاتحاد الأوروبي، ولكن على الرغم من الرعب الذي يصيب من يسمع هذه الكلمات، إلا أنه ثمة بعض الحقيقة في رسالة ترامب، فقد لاحظ ترامب أن الاتحاد الأوروبي، تسيطر عليه ألمانيا. ولذلك فإن «شعوب دول الاتحاد الأوروبي تريد هويتها الخاصة بها».

الأداء الاقتصادي السيئ أثر بصورة كبيرة جداً في الأوروبيين، وأصبحت نسبة البطالة في منطقة اليورو 9.8%.

ويأتي التأكيد الأكثر وضوحاً لتحذيرات ترامب، من بريطانيا، التي وضعت رئيسة حكومتها تيريزا ماي، خططاً من أجل الانفصال الصعب عن الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن تفسر ماي استفتاء يونيو بصورة مختلفة، وتتبع «النموذج النرويجي» بحيث تواصل عضويتها في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، في حين تنسحب من التركيبة السياسية للاتحاد الأوروبي. ولكن استناداً إلى كلمات ترامب، فإن رئيسة الحكومة على ما يبدو تعتقد بأنه يتعين على بريطانيا الحفاظ على هويتها، وهي مصممة على منع الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الهجرات يمكن أن تسهم بصورة إيجابية في الاقتصاد، كما أنها تريد الخروج من محكمة العدل الأوروبية، على الرغم من أن هذه المحكمة دعمت المصالح البريطانية في السابق.

ولطالما كان ارتباط بريطانيا غير قوي في الاتحاد الأوروبي، وبناء عليه فإن الشعور بالضيق في قلب القارة الأوروبية يعتبر مثالاً أقوى على أن ما قاله ترامب ينطوي على بعض الصواب.

وربما يشعر الأميركيون بأن التحسن الاقتصادي بعد الأزمة المالية كان ضعيفاً. ولكن الاقتصاد الأميركي نما بصورة جماعية بنسبة 12% في عام 2008 مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28، التي حققت نمواً جماعياً نسبته 4%، كما أن معظم دول اليورو باستثناء ألمانيا عانت المتاعب. وعلى الرغم من أن ارتفاع الدولار يمكن أن يساعد أوروبا هذا العام، إلا أن معظم دول البحر المتوسط عانت خسارة عقد كامل.

وبالطبع فإن هذا الأداء الاقتصادي السيئ أثر بصورة كبيرة جداً في الأوروبيين، فقد أصبحت نسبة البطالة في منطقة اليورو 9.8% أي أكثر من ضعف المعدل في الولايات المتحدة. إلا أن البطالة في صفوف الشبان في أوروبا أكثر رعباً من ذلك ففي اليونان وإسبانيا وفرنسا وكرواتيا وإيطاليا والبرتغال، فإن 25% من الشبان الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً عاطلون عن العمل. وأظهرت قدرة أميركا في إعادة بيتها الاقتصادي إلى وضعه الطبيعي بعد عام 2008 أنه ليس هناك أي شيء محتوم عليها.

وكان معظم هذه القرارات التي أدت إلى كل هذا الخراب اتخذت في ألمانيا، تماماً كما قال ترامب. وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وحكومتها معارضين تماماً لترامب. وعملت ميركل لحماية دافع الضرائب الألماني فقط وهو أمر معقول، ولكنه يؤيد أيضاً وجهة نظر ترامب، الذي قال إن المصالح الوطنية أكبر من التلاحم في منطقة اليورو.

وكانت قيادة ميركل الحذرة لأوروبا هي التي زرعت بذور الشعبوية في القارة. وبدا ذلك إثر حدوث أزمة اليورو في عام 2010، حيث لم تؤثر أوضاع التقشف والبطالة الكبيرة عن العمل في تغيير آراء الناخبين ضد المؤسسة الحاكمة. ولكن الانتخابات التي أجريت في إيطاليا تؤكد أن قيام أي انتخابات الآن ضد العولمة واليورو ستحقق انتصاراً كبيراً. وفي ألمانيا نفسها ارتفعت نسبة المعارضين للمهاجرين من 5% في عام 2013 الى 16% حالياً.

وإذا أخذنا تعليقات ترامب بحرفيتها عن أوروبا فإننا سنجدها مُبالغاً بها ومتخبطة. وأما الشعبوية فحتى لو كانت في ارتفاع، إلا أنه من المبكر جداً القول إنها يمكن أن تؤدي إلى تفكك الاتحاد الأوروبي. كما أن محاولة الإساءة لمكانة ميركل لأنها استقبلت المهاجرين الهاربين من حرب أشعلتها الذبذبة الأميركية فإنه أمر مخجل، ولكن إذا أخذنا كلمات ترامب بصورة جدية وإجمالية، فإننا سنجد أن أوروبا تعاني متاعب كبيرة ويتعين على قادتها الآن معالجتها.

تويتر