الاحتلال هدم 11 منزلاً في يوم واحد وشرّد العشرات

قلنسوة تواجه موجة تهجير جديدة بداية 2017

أصحاب البيوت أنفقوا كل مدخراتهم على بنائها لتأمين مستقبل أبنائهم. الإمارات اليوم

خطر التهجير أمر واقعي فرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة 1948 على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، الذين يعيشون نكبات متجددة ضريبةً لتمسكهم بأرضهم التي احتلتها إسرائيل منذ 69 عاماً.

وصلت إلى نتيجة مفادها أن رئيس البلدية لا يملك لنفسه نفعاً أو ضراً، ومن هنا أقدم استقالتي، فلا يليق بنا الاستمرار في هذا الأمر، هم يعلمون أن هناك مآزق في مساكن قلنسوة، ولا توجد أراضٍ كافية. عبدالباسط سلامة 

بلدة قلنسوة في مدينة الطيرة، بمنطقة المثلث الفلسطيني، تتعرض لموجة تهجير جديدة وقاسية مع بداية 2017، إذ هدمت الجرافات الإسرائيلية، المدعومة بقوات من الجيش، 11 منزلاً في يوم واحد، هو العاشر من يناير الجاري.

الجرافات التي نفذت عمليات الهدم كانت ترافقها قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، اقتحمت المنازل الفلسطينية وأخرجت السكان منها بقوة السلاح، لتهدم الجرافات مأواهم الوحيد أمام أعينهم، بذريعة البناء غير المرخص.

وما إن انسحبت قوات الشرطة، التي رافقت آليات الهدم، من المواقع التي هدمت فيها 11 منزلاً تعود لعائلات فلسطينية تقطن في المكان منذ عشرات السنوات، حتى تكشّف أمام الأهالي منظر تقشعر له الأبدان، فالمنازل التي كانت مكونة من طوابق عدة، أصبحت كومة من الركام في دقائق معدودة.

المواطن أحمد الخطيب ـ أحد الذين هدم الاحتلال منزله المكون من ثلاثة طوابق، ليصبح بعد ذلك مشرداً داخل وطنه ـ لا يمتلك خيارات أخرى لإيواء عائلته المكونة من 10 أفراد، نصفهم من الأطفال، ليعيش مأساة اللجوء مرة أخرى بعد أن تجرع مرارتها سابقاً في نكبة 48.

يقول الخطيب لـ«الإمارات اليوم»، وقد بدت ملامح الصدمة تعلو وجنتيه وهو يجلس على ركام منزله «إن قوات كبيرة من الشرطة والقوات الخاصة المعروفة بـ(اليسام)، وما يزيد على 20 جرافة، دهمت منطقتنا، صباح الثلاثاء الماضي، بوحشية غير مسبوقة، فيما اقتحمت القوات منازلنا وأخرجتنا بالقوة منها، وأخبرونا بأن منازلنا ستهدم بقرار قضائي، وفي تلك اللحظة تجمع كل سكان قلنسوة لمنعهم من الهدم، ولكن القوات الخاصة واجهتهم وأبعدتهم بالقوة».

ويضيف «لم يجرؤ أحد على منعهم من تنفيذ قراراتهم، لذلك لم يكن أمامي سوى أن أجمع أطفالي في حضني، ونشاهد سوية الهمجية الإسرائيلية في تشريد الأطفال، حتى يبقى هذا المشهد حاضراً في ذاكرة أولادي، ليعرفوا من هو عدوهم».

ويتابع الخطيب حديثه متسائلاً: «إلى أين سأذهب أنا وعائلتي؟ ما المستقبل الذي ينتظرنا بعد أن خسرت تعب وجهد سنوات أمام عيني في لحظات؟».

إبادة الأحلام

وإلى جانب منزل الخطيب، هدمت جرافات الاحتلال خمسة منازل تعود لعائلة أبومخلوف، ومنزلين لعائلة عميد خديجة، والمنازل المتبقية كانت لعائلات آدم كمال، وعرار، ومرعي.

المنازل التي هدمها الاحتلال في دقائق معدودة، تقف خلفها حكايات عدة استمرت على مدار سنوات طويلة، فكل عائلة من أصحاب تلك البيوت كانت لها أحلامها، وخططها المستقبلية تحت سقف مأواهم الوحيد.

فالمواطن ياسر مخلوف كان قد أنهى بناء الطابق الثاني لابنه حسونة استعداداً للاحتفال بزفافه خلال شهر فبراير الماضي.

ويقول مخلوف لـ«الإمارات اليوم» معلقاً على ما حدث: «إن منزلي كان مجهزا بكل أنواع الأثاث، وكان يؤوي تحت سقفه ثمانية أفراد، وكنت قد عملت ليل نهار حتى أتمكن من بناء مأوى لعائلتي، ولكن ما حدث اليوم أباد كل أحلامنا، ومنها الاحتفال بزفاف ابني البكر».

ويشير إلى أن قرار هدم منزله أمر انتقامي من قبل الحكومة الإسرائيلية ضمن استهدافها الوجود العربي في الأراضي المحتلة.

ويضيف صاحب المنزل المدمر بصوت مختنق «إن ما حصل معنا يعد ظلماً وقهراً، فالشرطة أخرجتنا بالقوة من منازلنا وباشرت بهدمها، على الرغم من توجهنا للقضاء من أجل توقيف قرار الهدم».

قرارات مخالفة

عقب هدم المنازل الفلسطينية في بلدة قلنسوة، أعلن رئيس بلديتها، عبدالباسط سلامة، استقالته من منصبه، التي هدد بها قبيل بدء عمليات الهدم.

ويقول سلامة «وصلت إلى نتيجة مفادها أن رئيس البلدية لا يملك لنفسه نفعاً أو ضراً، ومن هنا أقدم استقالتي، فلا يليق بنا الاستمرار في هذا الأمر، هم يعلمون أن هناك مآزق في مساكن قلنسوة، ولا توجد أراضٍ كافية».

وتواجه أكثر من 50 عائلة في قلنسوة خطر الهدم، بذريعة البناء غير المرخص، على الرغم من امتناع الاحتلال عن إصدار أي تراخيص بناء للفلسطينيين داخل أراضيهم، وذلك بحسب سلامة.

ويوضح قلنسوة أن المنازل التي هدمت بنيت على أراض زراعية تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية، لافتاً إلى أن تلك المنازل كانت تنتظر التراخيص من لجنة التنظيم الإسرائيلية خلال العامين المقبلين.

تويتر