على الرغم من أنه يعمل لجعل روسيا دولة عظمى

سيطرة بوتين على السلطة هي هدفه الأسمى

صورة

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعيش عصره الذهبي من النجاحات التي حققها. أما الخطوات المقلقة التي قام بها، فهي: العدوان على أوكرانيا، والتدخل في سورية إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، والجهود الاستخباراتية التي ربما تكون قد أدت إلى خسارة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، وآلة دعائية غزيرة العمل، ودعم الحركات المتشددة قومياً، وكذلك الشعبوية منها. لكن لماذا يقوم الرئيس الروسي بكل هذا؟ يكمن الجواب عن ذلك في أن الرئيس بوتين، والدائرة المحيطة به، يرون أن علاقة روسيا مع الغرب عبارة عن لعبة محصلتها صفر.

ولطالما تميزت وجهة نظر بوتين في الغرب أو على الأقل نخبته بأنها خصامية وانتقامية. واستمرارية سيطرته على السلطة هي هدفه على ما يبدو، ويؤكد ذلك جهوده في القضاء على المعارضة الداخلية بشتى الوسائل، بدءاً من تزوير الانتخابات إلى خنق الإعلام. لكن كل هذه الأفكار تعتبر مبالغاً في تبسيطها. وفي اندفاعه لاستنباط ظروف ما بات يعرف ولو بالاسم تجدد الحرب الباردة، الأمر الذي يجعل صانع السياسة الغربي يغرق في هذه الشروط، دون الانتباه إلى المشهد العام. وللتقييم بصورة أفضل ما هي الأعمال التي تنبغي مواجهتها، يتعين عليهم أولاً محاولة فهم الأهداف الاستراتيجية التي يصبو إليها بوتين.

الأزمة الأوكرانية حدثت عندما حاول بوتين جمع الدول المجاورة لروسيا في منطقة تجارة حرة، في ما بعد الاتحاد السوفييتي، لكن بدلاً من ذلك أرادت أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ثمة منهج تفكير، يستند إلى نظرية «إما نحن أو هم»، يحرك بوتين وأصدقاءه ومساعديه.

وشارك أنطون فينو، الذي عينه بوتين رئيس موظفيه العام الماضي، في تأليف كتاب يحمل عنوان «صورة النصر»، حيث يعتبر السياسة العالمية كلعبة. لكنه يقدم الكثير من الأدلة على طريقة تفكير قاطني الكرملين حالياً. وعلى سبيل المثال فإنه يقدم هذا التمييز بين الحرب واللعبة: ففي الحرب ثمة نحن وهم، أي أصدقاء وأعداء، وجبهة ومؤخرة. أما في اللعبة فإن كل شيء مختلف، فاللعبة هي مثل الشطرنج أو الورق، والتي تتم في مكان مختلف عن الحرب، وبعملية تتميز بدرجة عمق وتقارب مختلفة عن انخراط الخصوم ضد بعضهم بعضاً. ولطالما أطلق على بوتين لقب السفاح، لكنه يرى نفسه اليوم معلماً كبيراً في خوض الألعاب المعقدة، التي تنطوي على عناصر عنيفة وخادعة. وكان الهدف الرئيس في كتاب «صورة النصر» اقتصادياً، إذ إن الزيادة الكبيرة في حجم الاقتصاد الروسي ستجعل روسيا متساوية مع الدول الكبرى.

ومنذ عام 2012، عندما تم نشر هذا الكتاب، اتخذ بوتين خيارات سياسية كانت الأولوية فيها للسياسة وليس للاقتصاد، وهذا لا يعني أن الهدف الأساسي قد تغير.

وثمة مؤشرات إلى أن الأولوية لم تتغير. نشر فاروق بيتري، أحد قادة حزب البديل من أجل ألمانيا، قبل أيام في مجلة «ويلتفوخ» السويسرية، مقالاً يطالب فيه بإنشاء منطقة تجارة حرة تتضمن الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، وتحويل الاتحاد الأوروبي إلى تكتل اقتصادي فقط، بخلاف ما عليه الحال الآن.

الجدير بالذكر أن الأزمة الأوكرانية حدثت، عندما حاول بوتين جمع الدول المجاورة لروسيا في منطقة تجارة حرة، في ما بعد الاتحاد السوفييتي، لكن بدلاً من ذلك أرادت أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي الشرق الأوسط على سبيل المثال، أرادت روسيا بيع أسلحتها وعقد صفقات للطاقة. وبالطبع فإن أوروبا لنتخسر شيئاً إذا سمحت بذلك، وإذا تشاركت مع روسيا ضد تهديدات إرهابية مشتركة.

تويتر