الاحتلال يُزيل 1023 بيتاً ويشرّد 1600 مواطن في الضفة والقدس

تزايد عمليات هدم منازل الفلسطينيين إلى 114% خلال 2016

صورة

لم تكن بداية عام 2017 مبشّرة للمواطن المقدسي، أحمد مأمون العباسي، فمنزله الذي ورثه عن والده، وقضى فيه هو وعائلته عشرات السنين، لن يجمعهم تحت سقفه في العام الجديد، لأنه تعرّض للهدم بقرار إسرائيلي.

ففي شهر نوفمبر من العام الماضي اقتحمت قوات الاحتلال حي سويح في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، برفقة أربع جرافات، وشرعت في هدم منزل العباسي، دون تمكينه من إخراج محتوياته، وذلك بذريعة البناء غير المرخّص.

وبذلك حُرم العباسي من منزله الذي يعيش فيه منذ 19 عاماً، والبالغة مساحته 200 متر مربع، وأصبح مشرداً هو وأسرته المكونة من 14 فرداً، نصفهم أطفال.

ويقول العباسي لـ«الإمارات اليوم»، إن «طواقم بلدية الاحتلال في القدس، دهمت المنزل برفقة قوات مسلحة، واعتدت على أفراد العائلة، وعلقت عليه (أمر هدم إداري) تم تأجيله مرات عدة، وكان من المفترض عقد جلسة في الأسبوع الأخير من شهر فبراير المقبل، للنظر في قرار المحكمة بشأن المنزل، لكنهم باغتونا ونحن في منزلنا، وأخرجونا منه، وهدموه أمام أعيننا».

زيادة جنونية

1023

منزلاً هدمتها قوات الاحتلال في 2016، بالإضافة إلى 302 منشأة مموّلة من جهات دولية مانحة.

- أصدر الاحتلال، العام الماضي، إخطارات هدم لأكثر من 657 منزلاً ومنشأة، 227 إخطاراً منها في القدس، و430 إخطاراً توزعت على مناطق الضفة الغربية.

ما تعرّض له المقدسي العباسي في بلدة سلوان، هو نموذج صغير لعمليات وإنذارات الهدم الواسعة التي طالت المنازل الفلسطينية في القدس المحتلة، ومدن وقرى الضفة الغربية خلال العام المنصرم، إذ كشف تقرير إحصائي صادر عن «مركز الحوراني للتوثيق»، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، عن زيادة جنونية طرأت على عدد المنازل الفلسطينية التي هدمتها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس، خلال عام 2016، بلغت (114%) مقارنة بعام 2015.

فقد هدمت قوات الاحتلال، خلال عام 2016، ما يزيد على 1023 منزلاً، بالإضافة إلى 302 منشأة مموّلة من جهات دولية مانحة، فيما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ارتفاع عمليات هدم منازل الفلسطينيين، والتي تسببت في تشريد أكثر من 1600 فلسطيني أصبحوا بلا مأوى، نصفهم من الأطفال، بالإضافة إلى تضرر 7000 آخرين.

وأكد «أوتشا»، في تقريره الصادر نهاية العام المنقضي، أن هذه الأرقام تعد أعلى أرقام مسجلة في الضفة الغربية والقدس لعمليات الهدم والتهجير، على الأقل منذ أن بدأ بتوثيق هذه العمليات عام 2009، وهدمت الغالبية العظمى من هذه المباني، بذريعة عدم حصولها على تراخيص إسرائيلية للبناء.

وكانت أعلى نسبة هدم في مدينة القدس، حيث هدمت قوات الاحتلال نحو (188) منزلاً و(121) منشأة صناعية وزراعية، وتبعتها محافظة نابلس التي شهدت تدمير (97) مسكناً و(103) منشآت، ثم طوباس والأغوار الشمالية.

ويقول مدير مركز الحوراني للتوثيق، سليمان الوعري، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الاحتلال واصل سياسة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين في الضفة والقدس، من خلال سياسة هدم المنازل والمنشآت التجارية والصناعية والزراعية والبنى التحتية، بهدف اقتلاع المواطنين من أراضيهم».

إن عمليات الهدم التي نفذها الاحتلال، العام الماضي، تظهر بصورة واضحة في مناطق القدس والأغوار، المصنفة (ج)، حسب اتفاقية أوسلو، وكذلك الزيادة الحادة في نسبة هدم المنازل والمنشآت، الذي وصل إلى أكثر من ضعف ما تم هدمه في عام 2015، باستهداف واضح لمقومات المجتمع الفلسطيني، في تحدٍّ واضح لقواعد القانون الدولي.

ويتذرع الاحتلال، بحسب الوعري، من خلال ما يقوم به، بعدم حصول أصحاب المنازل المهدمة على التراخيص اللازمة للبناء من الجهات المختصة، علماً ان سلطات الاحتلال تفرض قيوداً معقدة ورسوماً باهظة على إصدار رخص البناء في منطقة القدس والمناطق المصنفة «ج» في الضفة الغربية، كما أن قوانين البناء الاسرائيلية مُصمّمة للحد من التوسع العمراني للسكان الفلسطينيين.

وأصدر الاحتلال، العام الماضي، إخطارات هدم لأكثر من 657 منزلاً ومنشأة، 227 إخطاراً منها في القدس، و430 إخطاراً توزعت على مناطق الضفة الغربية.

الهدم باليد

لم يكتفِ الاحتلال بهدم المنازل في القدس والضفة الغربية، وتشريد آلاف السكان، بل تعمد إذلال أصحاب تلك المنازل، وذلك من خلال إجبارهم على هدمها بأيديهم، ومن يرفض يتعرض للسجن ولقرار صادر من المحكمة العليا الإسرائيلية بدفع غرامة مالية وهدم منزله.

في شهر أكتوبر من العام المنقضي، أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المواطن نبيه الباسطي (53 عاماً) على هدم منزله بنفسه، في شارع الواد بالبلدة القديمة في القدس المحتلة، بحجة البناء دون ترخيص.

ويقول الباسطي لـ«الإمارات اليوم»: «إن بلدية الاحتلال أصدرت قرارات عدة لهدم منزلي، وفي مطلع أكتوبر قرر قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية أن أتولى هدم منزلي بيدي، وإلا سيفرض حكماً ضدي بغرامة مالية، وتعرضي للحبس المنزلي، فيما لو رفضت تنفيذ الهدم، بالإضافة إلى دفع تكاليف الهدم لطواقم البلدية، التي ستنفذ قرار الهدم إن رفضت أنا هدمه».

ويضيف «لم يكن أمامي أي خيار سوى أن أهدم منزلي بيدي، بدلاً من الحبس، ودفع غرامات مالية باهظة تصل إلى نصف مليون شيكل، وكذلك دفع تكاليف الهدم المقدرة بـ100 ألف شيكل».

وكانت بلدية الاحتلال في القدس قد فرضت على الباسطي، خلال السنوات الماضية، مخالفة بناء قيمتها 56 ألف شيكل، قبل أن تقرر إجباره على هدمه بيده.

وأنشأ الباسطي منزله عام 1997، وهو عبارة عن طابق ثالث في بناية تعود لوالده، وتبلغ مساحته 60 متراً مربعاً، وهو مؤلف من ثلاث غرف ومنافعها، ويعيش فيه هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد (الزوجان وثلاثة أبناء، أكبرهم 23 عاماً وأصغرهم 10 أعوام).

وفي بلدة الطور، شرق القدس المحتلة، أجبرت بلدية الاحتلال المواطن جمال الهدرة على هدم موقف خاص في منزله.

ويقول الهدرة: «اضطررت إلى هدم الموقف، البالغة مساحته 100 متر مربع، بيدي تنفيذاً لقرار محكمة الاحتلال، وتفادياً لدفع أجرة الهدم لطواقم البلدية التي تبلغ قيمتها 100 ألف شيكل».

وكانت جرافات بلدية الاحتلال، خلال العام الماضي، قد هدمت أجزاءً من منزل الهدرة، الذي تبلغ مساحته 150 متراً، بينما كان لايزال يجري التجهيزات الداخلية فيه.

تويتر