استطاعوا التغلغل بين الأهالي

هجمات المتشددين في نيجيريا تشكك في إمكانية القضاء على «بوكو حرام»

هاجم المتشددون أخيراً قرى عدة وأحرقوا الممتلكات فيها. أرشيفية

كانت مدينة «دواباي»، بمقاطعة «بورنو» في نيجيريا، أحد أهداف المسلحين المتشددين، في الآونة الأخيرة. وجاءت هذه الاعتداءات بعد أشهر من الهدوء النسبي، الذي أعقب الحملة العسكرية الواسعة النطاق، التي قام بها الجيش النيجيري.

• مصادر في البلاد تنفي مزاعم الجيش والحكومة، وتقول إن «التنظيم» لم يهزم، وإنما تراجع ليتحرك في الوقت المناسب.

• هناك القليل من الدلائل، التي تشير إلى أن «بوكو حرام» شارفت على نهايتها، أو حتى أنها تعاني ضعفاً شديداً.

يقول أبا كاكا، الذي نجا من الموت بأعجوبة، خلال انفجار عنيف في أحد أحياء «دواباي»: «وأنا أتحدث إليكم الآن، لا أعرف مكان زوجتي وأطفالي الأربعة»، مضيفاً «أجبرت على الفرار، لأنجو بحياتي وتركت عائلتي ورائي، وهذا شيء فظيع». وقبل أسبوعين فقط، أصدر قائد الجيش النيجيري، الجنرال توكور بوراتي، بياناً يقول فيه: «لقد هزمنا الإرهابيين»، وقال الجيش إنه يجري «عمليات تمشيط، تهدف إلى ضمان مسح بقية المناطق وتنظيفها من المتشددين». وكان ذلك أحدث إعلاناً من حكومة الرئيس محمدو بوخاري، بأن تنظيم «بوكو حرام» على وشك أن يتم القضاء عليه، بفضل حملة عسكرية منسقة ومتعددة الجنسيات.

إلا أن مصادر في البلاد تنفي مزاعم الجيش والحكومة، وتقول إن التنظيم لم يهزم، وإنما تراجع ليتحرك في الوقت المناسب. والأحداث الأخيرة في مقاطعة «بورنو» تؤكد أن «بوكو حرام» يستأنف المعركة. فقد هاجم المتشددون قرى عدة، وأحرقوا الممتلكات، كما فجروا عبوات في الأسواق العامة، في حين ينشطون بقوة في الأرياف. وقد قضى في الهجمات الأخيرة ضابطان في الجيش، وعدد غير محدد من الجنود والمدنيين.

وأعلنت «مجموعة حراس نيجيريا»، وهي قوة أمنية غير نظامية، تعمل جنباً إلى جنب مع جنود الحكومة لتأمين المجتمعات المحلية في ولاية «بورنو»، أن مقاتلي «بوكو حرام» قتلوا 13 شخصاً في «داسا»، وهي قرية على بعد أميال قليلة من «مونغونو»، حيث يوجد مقر الحكومة المحلية، وذلك قبل وقت قصير من الهجوم على «دواباي». وفي ذلك يقول عباس جافا، الذي يقود مجموعة حراسة محلية، إن «المسلحين الذين اقتحموا القرى بأعداد كبيرة، أحرقوا كل المنازل هناك».

وقال تيموثي ميشيليا، من منظمة «البحث عن أرضية مشتركة»، وهي منظمة إنسانية تسعى لحماية الأماكن المقدسة في المجتمعات المعرضة للعنف، إن المسلحين اندمجوا في المجتمعات المحلية، بعد حملة القمع التي أعقبت انتخاب بوخاري، العام الماضي.

ويقول الخبير في الشؤون النيجيرية والتشدد في معهد الدراسات الأمنية، ويليام أسانفو: «هناك القليل من الدلائل، التي تشير إلى أن هذه الجماعة شارفت على نهايتها، أو حتى أنها تعاني ضعفاً شديداً».

ويشن المسلحون هجمات منتظمة على القرى والأرياف، ويزرعون الجواسيس في كل مكان لجمع المعلومات. وفي ذلك يقول ميشيليا: «بالتأكيد، هناك جيوب مقاومة، خصوصاً من قبل المسلحين الذين تغلغلوا داخل المجتمعات القروية والريفية، خلال القتال»، موضحاً: «لا يمكن القول بالقضاء على التنظيم، إلا إذا رصدت القوات الأمنية جميع المسلحين، وتخلصت من التمرد المسلح بشكل نهائي».

وقد تكون هذه الهجمات الأخيرة نتيجة هدوء في الأنشطة العسكرية، بعد تأمين مفاوضي الحكومة الإفراج عن عدد 200 طالبة، تم اختطافهن من قبل مسلحين في قرية «تشيبوك» شمال شرق نيجيريا، عام 2014. ويقول ميشيليا إن فترة الهدوء كانت قصيرة، وإن انتهاء موسم الأمطار «سمح بعودة المسلحين، الذين وجدوا ملاذاً لهم في القرى والأرياف».

وعلى الرغم من تأكيد جهات حكومية تضييق الخناق على الجماعة المتطرفة في الشمال والمناطق الوسطى، إلا أن الأهالي في القرى المتضررة من الإرهاب تشكك في ما تقوله الحكومة، بأن قوة المتشددين تتقهقر بالفعل. ويقول مراقبون إن حكومة بوخاري قامت بجهود كبيرة، في السنوات الأخيرة لردع المتطرفين، ونجحت بشكل كبير في وضع طوق حول الغابات التي يوجد بها المتشددون، لمنعهم من الحصول على الإمدادات.

تويتر