يستأنفان حملتهما الانتخابية بعد المناظرة الحامية

ترامب يتعثر في طرح نفسه كمرشح «التغيير» أمام كلينتون

صورة

وقف دونالد ترامب، الذي يصور نفسه على أنه المرشح المناهض للمؤسسة القديمة، على مسرح المناظرة الرئاسية مساء أمس، محاولاً توصيل رسالته للجمهور بضرورة إجراء تغيير سياسي شامل، والفوز بتأييد ملايين الناخبين الذين لم يحسموا آراءهم حتى الآن.

غير أن ترامب المرشح الجمهوري بدا عاجزاً عن الاستفادة من الفرصة التي سنحت له أمام جمهور شاشات التلفزيون، الذي ذكرت بعض التقديرات أن عدده بلغ 100 مليون مشاهد.

وبدلاً من أن يقدم نفسه عاملاً من عوامل التغيير، أمضى ترامب معظم فترات المناظرة في تبادل إهانات شخصية مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وسلط ذلك الضوء على المفارقة التي لازمت حملة ترامب الانتخابية، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين يتوقون للتغيير، وأن غالبيتهم يعتقدون أن البلاد تسير في الطريق الخطأ. غير أن رعونة شخصية ترامب ونزوعه للمشاكسة وإثارة النزاعات أضعف رسالته في بعض الأحيان.

بدأ ترامب المناظرة بداية قوية، والتزم بالفكرة الرئيسة التي دارت حولها حملته الانتخابية، وتتمثل في تآكل الوظائف في قطاع التصنيع. لكنه سرعان ما فقد رباطة جأشه، خصوصاً عندما شككت كلينتون في نجاحه بأعماله، ورفضه الكشف عن إيراداته الخاضعة للضرائب، واتهمته بالعنصرية والتعصب للرجال على حساب النساء.

ويصور ترامب في رسالته صورة قاتمة للولايات المتحدة، إذ تتفوق عليها الصين في التجارة جوراً، ويتواصل فيها نزيف الوظائف لصالح المكسيك، وتعاني من عصابات تهريب المهاجرين، التي تجوب الشوارع في «منطقة حرب» بالمدن الداخلية وترتكب الجرائم.

وقال ناخب لم يحسم رأيه من بويز بولاية أيداهو، ويدعى روبرت آدمز، إنه يعتقد أن رأي ترامب المتشائم في أميركا رأي صحيح. وأضاف «أعتقد أن المدن الكبرى هي الجحيم».

غير أنه بعد المناظرة رأى في المرشحين ترامب، قطب صناعة العقار، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة كلينتون، خياراً «محزناً» للناخبين الأميركيين، وأنه يميل لمرشح التحرريين غاري جونسون.

ويظهر استطلاع للرأي لرويترز/‏‏‏إبسوس أن الناخبين في حالة اكتئاب، وأن 64% من الاميركيين يعتقدون أن البلاد تسير في طريق خاطئ. ويشمل هذا الرقم 87% من الجمهوريين، و44% من الديمقراطيين.

وعندما طلبت «رويترز» من الناخبين اختيار أول كلمة تخطر على بالهم عندما يفكرون في بلادهم، كانت أكثر الكلمات شيوعاً «الإحباط» وتلاها «الخوف» ثم «الغضب».

وجاءت واحدة من أقوى اللحظات التي ميزت مواقف ترامب في مناظرة أمس، عندما وصف كلينتون، العضو السابق في مجلس الشيوخ، بأنها «من الساسة العاديين»، واتهمها بأنها لم تنجز شيئاً خلال السنوات التي قضتها في الكونغرس والحكومة.

ومع تطلع الناخبين للتغيير، تجد كلينتون نفسها مكبلة بسجل أعمالها الطويل وارتباطها الوثيق بإدارة أوباما.

وبدلاً من اقتراح تغيير سياسي شامل، تعرض كلينتون رؤية لبلد يسير في الطريق الصحيح، وإن كان بحاجة لبعض التغييرات لمعالجة اختلالات الدخل ولخلق الوظائف.

وكان لرؤيتها الأكثر تفاؤلاً أثرها على ناخبة أخرى لم تحسم رأيها، وتدعى نانسي ويلهايت (61 عاما)، من بورتلاند بولاية أوريغون، إذ قالت: «تبدو أكثر اتصالاً بالواقع في نظري».

وأوضح استطلاع لرويترز/‏‏‏إبسوس نشرت نتائجه امس، أن نحو نصف الناخبين المحتملين في الولايات المتحدة يتطلعون إلى المناظرة لمساعدتهم في اختيار أحد المرشحين بصفة نهائية.

وقال خبير الاستراتيجية بالحزب الجمهوري في واشنطن، رون بونجين، إن أداء ترامب في المناظرة سيطرح أسئلة في أذهان كثير من الناخبين، الذين لم يحسموا آراءهم بعد في ما يتعلق بقدرته على قيادة البلاد.

وقال بونجين: «على دونالد ترامب إقناعهم بأنه سيكون بديلاً آمناً، وأعتقد أن مدى نجاحه في ذلك محل أخذ ورد».

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة دايتون في أوهايو، كريستوفر ديفاين، إن رسالة ترامب امس ضاعت في بعض الأحيان، وسط الإغراق في مبالغات استدعت ردوداً ساخرة من جانب كلينتون.

وأضاف «فهو يحدد مشكلة يشعر الناس بالقلق حيالها، لكنه في حماسه لإثبات وجهة نظره يتجاوز الحد ويطلق إدعاءات لا تستقيم. وعند هذه النقطة تفقد فعاليتها».

وأول التعليقات واستطلاعات الرأي التي لاتزال غير محددة، تعطي تقدماً لهيلاري كلينتون، فقد استطلعت شبكة «سي إن إن» آراء 521 ناخباً محتملاً، وخلصت الى ان 62% اعتبروا ان المرشحة الديمقراطية فازت بالمناظرة مقابل 27% لترامب.

ولايزال يتعين معرفة ما اذا كانت المناظرة ستترك اثراً على الاميركيين الذين لم يحسموا خيارهم بعد قبل 42 يوماً من الانتخابات. واظهرت استطلاعات الرأي في وقت سابق تقارباً في السباق، حيث نالت هيلاري كلينتون 43% من نوايا التصويت مقابل 41.5% لترامب، بحسب المعدل الذي احتسبه موقع «ريل كلير بوليتيكس».

وانتقد الملياردير الشعبوي أداء كلينتون السياسي، قائلاً إن «هيلاري تحظى بالخبرة، لكنها خبرة سيئة». وقال «إن بلادنا تعاني بسبب القرارات الخاطئة التي اتخذها أشخاص مثل كلينتون».

وبدا المرشح الجمهوري منضبطا نسبياً، لكن اكثر حدة منها، حيث كان يشرب الماء ويحرك يديه ويتنهد مرات عدة. كما اعترض ضد الاعلامي الذي كان يدير المناظرة ليستر هولت، بعدما صحح له معلومات بخصوص مكان ولادة الرئيس باراك أوباما.

وقال الخبير في معهد بروكينغز، جون هوداك: «لقد حظي دونالد ترامب بثلاثة اسابيع جيدة، لكن سلسلة النجاحات هذه انتهت مساء الإثنين» مضيفاً «سيكون من الصعب لناخب لم يحسم أمره ان يخرج من هذه المناظرة بقناعة بأن دونالد ترامب مستعد بشكل أفضل للمهام الرئاسية».

وتوقع في المقابل مايكل هيني، استاذ العلوم السياسية في جامعة ميشيغن «ألا يحقق أي من الناخبين الكثير بفضل هذه المناظرة».

وقال الخبير السياسي في جامعة ايوا، ستيفن شميت: «إن ترامب تمكن من الدفاع عن نفسه بشكل جيد، ولم يفقد السيطرة على نفسه».

وحاول ترامب، الذي يسعى للحصول على اصوات الناخبين من الطبقة العاملة، استعارة حجج من اليمين واليسار للتنديد بالآثار المسيئة للعولمة.

وقال: «نحن نخسر الكثير من وظائفنا، انها تذهب الى المكسيك والى دول أخرى كثيرة». واضاف «سأعيد وظائفنا، انت لا يمكنك فعل ذلك». ورغم مقاطعته المستمرة لاحقاً، حافظت كلينتون على ابتسامتها وهدوئها.

وقد سعت كلينتون التي شاركت في اكثر من 30 مناظرة سياسية منذ عام 2000 الى التركيز على جديتها في القسم المتعلق بالسياسة الخارجية والأمن، خصوصاً لجهة طمأنة حلفاء الولايات المتحدة.

تويتر