بالنظر إلى عدم فاعلية جهاز «إف.إس.بي»

بوتين يعيد إحياء جهاز الـ «كي.جي.بي»

صورة

خلال يوم الأحد الماضي كان معظم اهتمام الروس منصباً على الانتخابات البرلمانية، ولكن صحيفة كوميرسانت الأكثر شعبية في هذا البلد، نشرت قصة، إذا كانت حقيقية سيكون لها تداعيات أكبر من مجرد تغيير في مجلس الدوما الروسي. وقالت «كوميرسانت» إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخطط لإجراء تغيرات شاملة في الأجهزة الأمنية في روسيا، وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من هذه التغيرات هو دمج جهاز المخابرات الخارجية المعروف بـ«في.إس.أر» مع جهاز المخابرات الاتحادية، أو «إف.إس.بي» والمسؤول عن الأمن الداخلي في روسيا. وسيتم اعطاء المخابرات بعد الدمج اسماً جديداً هو وزارة أمن الدولة. وكان هو الاسم الذي كان يحمله جهاز المخابرات المرعب، الذي كان أيام حكم جوزيف ستالين في الفترة ما بين 1943و 1953. وإذا كانت عملية دمج المخابرات الخارجية مع الداخلية يبدو عادياً، إلا أننا من المتوقع أن نشهد إحياء للمخابرات المعروفة بلجنة أمن الدولة أو «كي.جي.بي».

وبالطبع فإن «كي.جي.بي» لم تكن جهاز مخابرات تقليدياً بالمعنى الغربي للكلمة، أي إنها منظمة مسؤولة عن حماية مصالح الدولة والمواطنين. وإنما كانت مهمتها الرئيسة حماية النظام. وتتضمن نشاطاتها اصطياد الجواسيس والمنشقين والإشراف على أجهزة الإعلام، والرياضة وحتى الكنيسة. وكانت تدير عمليات داخل الدولة وخارجها، وفي كلا المجالين كانت مهمتها الرئيسة دائماً حماية مصالح من يقبعون في الكرملين.

•في نهاية العقد الماضي، كان من الواضح أن بوتين يخفي تغيرات كبيرة، ولكن لم يكن من الواضح عما إذا كانت هذه التغيرات ستؤدي إلى تقوية جهاز «إف.إس.بي» أو أنها ستدمره.

ولدى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 حاول الرئيس الروسي بوريس يلتيسن، إحداث إصلاحات في جهاز «كي.جي.بي»، ولكنه لم يكن لديه فكرة عما يمكن أن يقوم به فعمد الى تفكيكه إلى أجزاء، وكل جزء مخصص لعمل استخباراتي معين.

وكان الجهاز الرئيس الذي ورث تركة «كي.جي.بي» هو «إف.اس.بي»، ولكن هذا الجهاز الجديد الذي يكافح التجسس، لم يكن يملك مهمات سلفه وراء البحار. ولم يعد الجهاز الحامي للقادة الروس وحُرم مقراته السرية، التي أصبحت تحت سلطة الرئيس المباشرة، وإنما احتفظ بوجود اسمي في الجيش. وكان عمله شبيهاً بمهمات جهاز المخابرات البريطاني المعروف بـ«ام 15» أي لمحاربة الإرهاب والفساد. ولكن جهاز المخابرات الذي شكله يلتيسن لم يكن له استراتيجية واضحة لتحويل جهاز مخابرات كان ينتهج السرية سابقاً في دولة شمولية، إلى مخابرات في دولة ديمقراطية. وفي عام 1993، أدرك يلتيسن انه فشل في اصلاح اجهزة المخابرات، اذ إن التغيرات التي حدثت كانت شكلية وذات طابع تجميلي للمخابرات.

وعندما وصل بوتين الى السلطة عام 2000، حاول المضي قدماً على خطى سلفه يلتيسن نفسها. وكان هدفه الرئيس عدم حدوث صراعات مع أجهزة المخابرات المتعددة، كما أنه كان متأثراً بأساطير «كي.جي.بي» ودور أفراده في المجتمع الروسي، وكان يختار معظم الشخصيات الذين يعملون معه من جهاز «إف.إس.بي» ويمنحهم مناصب مهمة في الدولة.

وفي نهاية العقد الماضي، كان من الواضح أن بوتين يخفي تغيرات كبيرة، ولكن لم يكن معروفاً ما اذا كانت هذه التغيرات ستؤدي إلى تقوية جهاز «إف.إس.بي» أو أنها ستدمره. وفي عام 2007 انشأ بوتين جهاز مخابرات وسلمه لصديقه الشخصي فكتور تشركيسوف، لمراقبة عمل «اف. اس. بي»، ولكن هذا الجهاز فشل وألغي، ومن ثم قام بوتين بإنشاء جهاز آخر أطلق عليه اسم «لجنة التحقيقات»، وهو شبيه بمكتب التحقيقات الفدرالية الأميركي، وكانت مهمته التحقيق في القضايا الأكثر أهمية وحساسية.

وطوال فترة العقد الماضي وبداية العقد الجاري كانت استجابة بوتين القلقة من عدم فعالية جهاز المخابرات الروسي «اف.اس.بي»، هي تشكيل أجهزة جديدة مكانه. ومع ظهور أخبار يوم الأحد الماضي يبدو أن بوتين قد اتخذ قراره. وإذا كانت قصة صحيفة كوميرستانت حقيقة، فإنها تعني بأن بوتين قد وقع قرار نهاية عمل جهاز «إف. إس. بي» وقرر الرجوع مرة ثانية إلى المجد السابق الذي صنعه أقوى جهاز مخابرات في تاريخ روسيا.

تويتر