تستخدم مصطلح «جني الأوراق المالية الرابحة»

ميركل تدير بدهاء صفقة طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

ميركل تحاول تأمين خروج آمن لبريطانيا من الاتحاد. رويترز

يبدو أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ومعظم وسائل الإعلام البريطانية اطمأنا لما تمخض عنه اجتماعها مع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الأربعاء، لكن ينبغي أن نكون حذرين فقد تعرض البعض للخداع من قبل.

«هنا امرأتان تريدان أن تصلا إلى تسوية للأمر» كما عبرت عن ذلك ماي بارتياح واضح. وردت عليها ميركل كعادتها بابتسامتها الطفولية وعباراتها المبهمة «بالتأكيد».

وبالنسبة للمراقبين المحنكين، كان ترحيب ميركل «مسكراً للغاية»، وينبغي ألا ننخدع، وأن نضع في اعتبارنا أن قدرة ميركل على أن تجعل زميلتها البريطانية تحس بالارتياح ليس مؤشراً إلى افتقارها إلى العزيمة أو غياب لإرادة حديدية.

منهج ميركل في التعامل من الأشخاص لصيق الصلة بمنهج الكرملين إبان الحرب الباردة، ويتلخص في محاولة الاستمساك بمعاني أعمق من خلال القرائن غير المباشرة.

ونقلت محطة التلفزيون الألمانية (زد دي إف) عن ميركل قولها «نحن، بوصفنا ابنتا كاهنين، سنتوصل إلى تفاهم متبادل». الكثير من مثل هذا الحديث يعكس جزءاً من كيفية تعامل ميركل. فقد استطاعت المستشارة الألمانية أن تشحذ مهارات المحادثات القصيرة، التي يكمن وراءها عقل تحليلي لا يعرف المجاملة، بحيث تجعل نظيرها في حالة من الاسترخاء قبل أن تكيل له الضربات، ويعد هذا جزءاً من لعبتها في هذا الصدد.

عندما تولى رئيس الوزراء اليوناني، الكسيس تسيبراس، منصبه في عام 2015، أغرقته ميركل أيضاً بـ«تحيتها الساحرة»، وعباراتها الرقيقة، وكرمها الفياض، وبدا أن ميركل تستمع باهتمام شديد لمطالبه. وبعد ستة أشهر من ذلك تلقى إذلالاً ما بعده إذلال خلال المفاوضات، واضطر إلى قبول المطالب الألمانية لإعادة هيكلة الاقتصاد، ليس هناك سبب للاعتقاد بأن ماي سيتم التعامل معها بشكل مختلف.

ما أثار استغراب الكثيرين أن ميركل كانت مسرورة بالسماح للبريطانيين ببعض الوقت، وأكدت أنها تفهم ماي، ومرة أخرى ينبغي ألا نفهم تصريحات المستشارة بأنها نوع من الارتخاء أو انعدام التصميم.

وفي الواقع، هناك الكثير من الدلائل، التي تشير إلى أن ألمانيا ستعقد صفقة بالغة الصعوبة، ففي نهاية المؤتمر الصحافي تحدثت ميركل قائلة «بالطبع، علينا اتباع القواعد»، عندما يتعلق الأمر بالمادة 50. وهذا يشير إلى صلابة الموقف. ويعني وقف تطبيق معاهدة الاتحاد الأوروبي بعد عامين من الإخطار بذلك، ويبدو من المستحيل على بريطانيا الحصول صفقة خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن. وهذا يناسب البلدان الأخرى في الاتحاد الأوروبي، ويجعل موقف التفاوض البريطاني أكثر صعوبة.

وبشأن التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي استخدمت ميركل دائماً المصطلح الألماني Rosinenpickerei وهو أقوى قليلاً من عبارة «جني الأوراق المالية الرابحة»، وكانت مصرة على أن بريطانيا لن تستطيع الوصول إلى أي سوق أوروبية من دون قبول حرية حركة الناس ومن دون أن تسهم في الميزانية. ومهما كان مدى الفسحة التي تستطيع منحها لبريطانيا، فإن ذلك يعتمد على ما هو في مصلحة ألمانيا الاقتصادية.

ويبدو أن سماح ميركل لنظيرتها البريطانية بمتسع من الوقت عبارة تنم عن تحرك كلاسيكي آخر من قبل المستشار الألمانية المشهورة بتحليلها القضايا المعقدة لفترات طويلة من الوقت قبل اتخاذ أي قرار بشأنها، لدرجة أن الألمان ابتكروا عبارة عام 2015 وهي «مركلة» القضايا، بمعنى «يمركل»، وهي تعني الشخص الذي يحلل كل النتائج الممكنة قبل اتخاذ قرار لا رجعة فيه، وهكذا، فعندما ذكرت ميركل خلال المؤتمر الصحافي أنها «استغربت سماع موقف السيدة ماي»، فقد كانت تسعى لجمع الحقائق، وتزن الخيارات وتجهز الأرض.

مات كفورترب  محلل في «الغارديان»

 

تويتر