%33 من الفلسطينيين يريدونه الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية

مروان البرغوثي.. «مانديلا فلســـــطين» أو «كابوس إسرائيل»

صورة

إنه أحد ثلاثة رجال محبوسين في الزنزانة رقم 28 في سجن هادريم، وهو يحب القراءة، سواء أكان ذلك باللغة العربية، أم العبرية، أم الإنجليزية، فهو يلتهم كتب التاريخ والمجموعات الشعرية والسير الذاتية لقادة إسرائيل المشهورين بنهم شديد، فهو يريد الاطلاع على الطريقة التي يفكرون بها. إنه مروان البرغوثي، (56 عاماً)، الذي يعتني بنفسه داخل السجن بصورة جيدة، حيث يمشي ويركض للحفاظ على صحته.

ويلتقى البرغوثي مرة أسبوعياً مع أحد محاميه، ومرة كل أسبوعين مع زوجته فدوى، التي تخبره عن أحوال أبنائه الأربعة. وخلال 14 عاماً قضاها في السجن حتى الآن، لم يتمكن من رؤيتهم إلا لماماً. وكانت صورته المنقوشة على جدران الضفة الغربية، تذكر الأطفال بأن والدهم لديه مكانة خاصة في وطنه، إنه مقاوم صلب ورمز الحركة الوطنية الفلسطينية. وقال البرغوثي في مقابلة مكتوبة مع صحيفة لوموند الفرنسية «سيتم إطلاق سراحي عاجلاً أم آجلاً. ويتعين على إسرائيل أن تطلق سراحي، وكذلك الأسرى الآخرين. وخلال العقود الماضية، تم الإفراج عن العديد من الأسرى من خلال عمليات تبادل الأسرى، أو عبر المفاوضات السياسية».

وكان البرغوثي مسؤولاً عن «تنظيم»، وهو أحد الأفرع المسلحة لحركة فتح، العضو المسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية. واتهم البرغوثي بتوجيه العديد من الهجمات التفجيرية خلال الانتفاضة الثانية، التي جرت في الفترة ما بين 2000 و2004، وفرضت عليه عقوبة السجن لخمسة مؤبدات متعاقبة في عام 2004.

وفي نهاية شهر مارس الماضي، رفضت المحكمة العليا طلباً من صحيفة «هآرتس» التي تعتبر يسارية في إسرائيل، لإجراء مقابلة مع البرغوثي. وقالت المحكمة إنه يجب على البرغوثي أن يقدم طلباً لهذه المقابلة بنفسه، وهو أمر لا يقبله البرغوثي، بالنظر إلى أنه لا يعترف بشرعية القضاء الإسرائيلي.

وقامت حملة دولية دعماً لطلبه للحصول على جائزة نوبل للسلام، التي انطلقت عام 2013، وتصاعدت إلى حد كبير هذا العام، حتى إن الأرجنتيني أدولف بيريز إسكويفيل، الذي نال جائزة نوبل للسلام عام 1980، اقترح اسم البرغوثي لنيل الجائزة، بيد أن نجاحه في الحصول على «نوبل» غير مرجح. ويقارن العديد من أنصار البرغوثي بينه وبين الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، المناهض للفصل العنصري، وهو الأمر الذي لا يوافق عليه الجميع.

وقال الدبلوماسي الفلسطيني ماجد باميا «إنها أكبر حملة في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولم يكن أحد يتوقع أن نحشد كل هؤلاء الناس من أجل قضايا الأسرى. واعتقدنا أن موضوع أمن إسرائيل يمكن أن يخيف الكثير من الناس ويدفعهم إلى رفض مساعدتنا، لكن العكس بالضبط هو ما حدث. وتثبت هذه العقوبة السخيفة ضد البرغوثي، أن القضاء الإسرائيلي هو جزء من الاحتلال».

وأيد البرغوثي اتفاقات أوسلو في عام 1993، لكنه أدرك في ما بعد أن المفاوضات الثنائية مع إسرائيل كانت بلا جدوى. وهو لا يعارض الكفاح المسلح مع إسرائيل، لكنه يعتقد بأن الوقت الحالي ليس مناسباً لذلك، كما يعتقد بأن الهجمات بالسكاكين ضد الجنود الإسرائيليين، التي بدأت منذ نهاية أكتوبر الماضي غير مثمرة، بالنظر إلى أنها ليست استراتيجية عالمية ضد إسرائيل. وقال البرغوثي «نحن نؤمن بالمقاومة الشعبية المترافقة مع حملة مقاطعة لإسرائيل، بأسلوب فرض المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ونحن نطالب بفرض العقوبات على تل أبيب كي يتم عزلها لإجبارها على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، وأن تسمح بقيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية».

ويقول البرغوثي إنه يحلم بالمصالحة الوطنية، التي تعمل على حل الخصومات بين الفصائل الفلسطينية. وأظهر مسح شعبي قام به المركز الفلسطيني للسياسة والدراسات الاستقصائية، وهو منظمة فكرية مقرها في رام الله أن 33% من الفلسطينيين، يرغبون في أن يكون البرغوثي رئيساً للسلطة الفلسطينية، بعد أن يغادر الرئيس الحالي محمود عباس السلطة، في حين أن 24% منهم يقولون إنهم سيصوتون لإسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقال رئيس نادي الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس «مروان البرغوثي يمثل حالة مثالية بالنسبة للكثير من الفلسطينيين».

وعلى الرغم من أن فارس قال إنه يؤمن بإيقاف الحياة اليومية في الضفة الغربية، لجعل حياة المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون فيها بائسة ولا تطاق، حيث قال «سنقوم بتخريب خطوط أنابيب المياه وقطع الكابلات الكهربائية». إلا أن البرغوثي لا يتفق معه في مثل هذه الاستراتيجية. وقال أحمد غانم، الذي قاد الحملة الانتخابية الرئاسية للبرغوثي لفترة قصيرة عام 2005 «إنه لا يعتبر الناس العاديين جيشاً، في حالة استعداد لتحريكه ببساطة عن طريق كبسة زر».

ويقول البرغوثي إن شعبيته المتنامية لا تزعج السيد عباس، الذي لا يعتبر إطلاق سراح البرغوثي من أولوياته، وهو القائد الذي كان البرغوثي قد انتقد سياسته في السابق، وقال البرغوثي بالنسبة لعباس «قال مراراً وتكراراً إنه لن يرشح نفسه للانتخابات المقبلة» وقالت زوجة البرغوثي فدوى، «خلال السنوات الـ14 الماضية، لو أراد عباس إطلاق سراح مروان، فإنه لن يكون في السجن في الوقت الحالي».

ومن السمات الإيجابية للبرغوثي، مقارنة بأعضاء اللجنة التنفيذية في فتح، هي قدرته على وقف الصراع مع «حماس»، الذي بدأ منذ عام 2007. وقالت زوجته فدوى، وهي جالسة في مكتب مريح مخصص لقضية زوجها في رام الله «مروان يريد استراتيجية مقبولة من الجميع. ولقد كان يقوم بذلك عندما كان يقود الانتفاضة الثانية، وحالما يتم إطلاق سراحه ستعود الوحدة بين الفلسطينيين»، وكانت فدوى قد زارت تونس والقاهرة، كمرسال شخصي للبرغوثي. والتقت أيضاً ممثلي «حماس». وفي نهاية ديسمبر الماضي، قاد أصدقاء البرغوثي مفاوضات سرية في العاصمة القطرية الدوحة، وفي نهاية يناير التقوا في إسطنبول مع قادة من «حماس». وساهمت هذه اللقاءات في تحديد الحوارات بين وفدي «فتح» وحركة «حماس» الربيع المنصرم.

ويدافع اللواء جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية في فتح، وقد يكون خليفة محتمل لعباس، عن إجراء «تغيير جذري» في استراتيجية السلطة الفلسطينية، وقال «يتفق الجميع على القول إن هذا يكفي. وسنقوم بالتعامل مع المحتل على أنه عدونا»، وأضاف «أنا أحترم مروان، وأتمنى أن يصبح مانديلا فلسطين، ويحصل على جائزة نوبل للسلام. ولكن المعضلة التي تؤرقني هي وجود 7000 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بمن فيهم مروان نفسه. وقضيتنا وطنية، وليست فردية. وكل واحد له الحق في أن يحلم، لكن في نهاية المطاف فإن مؤسسات (فتح) هي التي ستقرر».

تويتر