مجلس الدولة ينظر اليوم إلزام الخارجية بطرح القضية في الأمم المتحدة

أحزاب مصرية تفتح ملــف قـتل وتعذيب إسرائيل للأسرى في سيناء

صورة

جدّدت أحزاب مصرية الدعوة المتواصلة في الشارع المصري الي محاسبة إسرائيل على قتلها وتعذيبها جنوداً مصريين في حربي 1967 والاستنزاف 1968-1973. وينظر مجلس الدولة اليوم دعوة مرفوعة من هذه الأحزاب ضد اسرائيل بهذا الشأن، بينما تتواصل جهود حقوقية لتدويل القضية وعمل حشد عالمي لمعاقبة إسرائيل عليها.

فقد عقد المجلس الدائم لأحزاب مصر «مدار» اجتماعاً ناقش فيه آخر تطورات ملف الأسرى المصريين الذين قامت إسرائيل بتعذيبهم وقتلهم إبان حروب 1956 و1967 وحرب الاستنزاف.

شارك في اللقاء رئيس المجلس ورئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، اللواء وحيد الأقصري، ورئيس حزب شباب مصر، د. أحمد عبدالهادي، ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي حسن ترك، وأحزاب الشعب الديمقراطي حزب الوفاق القومي والحق المصري والغد المصري والاستقلال والأحرار، ونخبة من القوى السياسية والوطنية.

فرص ضائعة

قال الكاتب الصحافي سكرتير تحرير جريدة «الوطن»، وصاحب كتاب «الأسرى المصريون في سيناء»، ياسر مشالي، لـ«الإمارات اليوم»: «إن ملف مذابح الأسرى المصريين الذين قتلهم جنود جيش الاحتلال الصهيوني، كان من ابرز الفرص الضائعة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، فلم يقتصر الملف على مجرد شكوك أو حتى أدلة موثقة ببقايا العظام البشرية التي عثر عليها في سيناء داخل مقابر جماعية، بل تجاوز ذلك كله إلى اعتراف صريح مباشر من العقيد في جيش الاحتلال الإسرائيلي، موردخاي براون، نشر في الصحف العبرية عام 1995، قال فيه إنه كان شاهداً على قتل أسرى مصريين خلال حرب 1956، عندما كان يقود الوحدة المظلية الشهيرة 890.

وقال وحيد الأقصري لـ«الإمارات اليوم» إن «الحكم الحالي في قضية الأسرى، هو محطة نتمنى ان تكون نهائية في مسيرة تقاضٍ طويلة، بدأت عام 2008 وحصلنا فيها على حكم بالزام الحكومة المصرية باللجوء الى الامم المتحدة للحصول على تعويضات للاسرى المصريين، الذين تم تعذيبهم واعتقالهم من قبل إسرائيل، وقد تم الطعن على الحكم ادارياً، لكن تقرير هيئة مفوضي الدولة، والمكون من 24 صفحة جاء بكامله لصالحنا، ونحن نأمل غداً ان يتم تأييد الحكم».

وشدد الأقصري على أن قتل وتعذيب إسرائيل للأسرى المصريين شمل الآلاف، وهناك مواد وأدلة اصبحت كافية لارتكابها هذه الجريمة، ولم يعد هناك مبرر للسكوت عليها.

وقال المسؤول الإعلامي للمجلس الدكتور أحمد عبدالهادي: «انه لابد من تنسيق تحركات قيادات المجلس خلال المرحلة القادمة في قضية الاسرى تدعيماً للحكم الصادر لصالح وحيد الأقصري رئيس المجلس، والذي يلزم الحكومة المصرية باللجوء الى مجلس الأمن للحصول على تعويضات للأسرى المصريين».

ووجه عبدالهادي الدعوة لمختلف فئات وطوائف الشعب المصري، وكل وسائل الإعلام والصحافيين، لحضور الجلسة القضائية القادمة المرفوعة حالياً أمام المحاكم ضد الحكومة المصرية، لاتخاذ إجراءات عاجلة في مواجهة إسرائيل.

وقال عبدالهادي: «إن قضية قتل اسرائيل للأسرى المصريين تتجدد كل يوم واقعياً، مهما طال عليها الزمن، ليس فقط لأن هذه جريمة لا تسقط بالتقادم، او لأنها موجودة في قلب كل مصري وعربي، ولكن لأن الجرائم الاسرائيلية بالطريقة نفسها وبالروح الباردة نفسها، تتجدد كل يوم ضد أشقائنا في فلسطين وكل الاراضي العربية المحتلة». ودعا عبدالهادي الى عدم اليأس أو التقليل من شأن النضال القانوني والسياسي، وحصار إسرائيل في المجتمع الدولي.

من جهته، قال صف ضابط متقاعد امين عبدالرحمن، احد العسكريين المصريين الذين تم أسرهم عام 1967 لـ«الإمارات اليوم» إنه كان ضمن تشكيل خاص موجود باليمن متخصص في التكتيك العنيف، وتم احضارهم الى مصر لدخول المعركة في سيناء عام 1967.

وتابع عبدالرحمن ان معركة 6 أكتوبر 1973 بدأت فعلياً في مساء 5 يونيو 1967 بقرار استدعائهم من اليمن، وتم ايكال ثلاث مهام متتالية لهم، الأولى هي محاولة ارشاد وتجميع الجنود المصريين التائهين في الصحراء بعد الهزيمة، والثانية هي عملية «صيد الكلاب» التي معناها ضرب العتاد الذي استولى عليه الجيش الاسرائيلي، خصوصاً ارتال العربات عند الفردان عبر توجيه ضربة لخزان وقودها، ومنع اسلحة معينة من الوصول الى اسرائيل، والثالثة اختراق الجبهة الاسرائيلية عن طريق الاختباء في مغارات، وتقمّص دور عرب سيناويين ونصب الكمائن والانطلاق من مغارات.

وحول ظروف أسر اسرائيل ومعاملته من قبل جيش الاحتلال، قال أمين إن مجموعته ظلت في سيناء 6 اشهر، لكن الجيش الاسرائيلي تابعها بالقتل والاغتيال والملاحقة حتى تبقى منها 30 شخصاً، وحين دهمهم ليأسرهم تمكن من الهرب لكن في اتجاه بئر السبع وليس قناة السويس، وظل متخفياً حتى تم العثور عليه مغمى عليه هناك، حيث تم نقله الى سجن عتليت، وحكموا عليه بالإعدام، وتعرف هناك الى مجندة اسرائيلية كانت تقوم بجلد السجناء اسمها بانياص مزراحي، وتعود جذورها الى يهود حي الضاهر بمصر، لكنه هرب بعد ان انقلبت عربة الترحيلات به، فعاد الى مصر بعد أن هربه عرب سيناويون ووصل الى العريش.

وقال أمين عبدالرحمن إن يوم 20 يونيو سيشهد نظر قضيتين، الاولى تم رفعها من قبل اللواء وحيد الاقصري باسم (مدار) - أي تجمع الاحزاب المصرية للحصول على تعويضات لكل الاسرى المصريين الذين قتلتهم وعذبتهم اسرائيل، وهو واحد منهم، والثانية قضية خاصة باسمه رفعها منذ عام 1995، بعد ان قالت اسرائيل في فيلم (روح شاكيت) إنها أعدمته، وحصل فيها على احكام متتالية حكم له في بعضها بتعويض قدره 20 ألف جنيه، ضد الجهات المنفذة لاتفاقية كامب ديفيد، باعتبار ان الاتفاقية تعيق حصوله على تعويضات كأسير حرب، وبالتالي تسبب له ضرراً مباشراً.

الرئيس المصري السابق حسني مبارك اكتفى تحت ضغط نشر الموضوع في الصحف المصرية والعالمية بتوسع، بتقديم طلب لحكام تل أبيب اثناء تولي شيمون بيريز رئاسة الحكومة، بعد اغتيال رئيس الوزراء اسحاق رابين، الذي سافر مبارك لاسرائيل ليحضر جنازته. وللمفارقة فإن رابين ذاته كان أحد القادة العسكريين المتورطين في جرائم تعذيب، وقتل الاسرى العرب والمصريين خلال عدواني 56 و1967».

وتابع مشالي «إن صدور أحكام ضد اسرائيل امام القضاء المصري هو خطوة جيدة ، لكن لابد من إحداث نقلة ومقاضاتها دولياً، بحيث يكون خطوة في فضح ومحاسبة اسرائيل عالمياً على جرائمها».

كان الباحث الاسرائيلي مولي غولاني الذي بدا جندياً ثم مؤرخاً، قد كشف في فيلم توثيقي اسرائيلي اسمه «روح شاكيت» ان اسرائيل قتلت 56 أسيراً عام 1956، حيث نزلت كتيبة اسرائيلية خلف قوات مصرية في ممر متلا، وحين تقدمت وقع بين يديها ايضاً 49 اسيراً مصرياً من عمال الطرق، استسلموا وقيدت ايديهم من الخلف، وطرحوا ارضاً وأفرغت رصاصات في رؤوسهم، وحين تقدمت الكتيبة الاسرائيلية نحو راس سد قتلت 56 مدنياً داخل شاحنتهم، ثم قتلت 168 جندياً كانوا أعلنوا استسلامهم، وكل هذه الأرقام من الاحصاءات الإسرائيلية لا المصرية.

وفي شهادته حول هذه الجريمة، قال الجنرال الاسرائيلي المتقاعد داني وولف: «كل من سمع بهذه الاحداث اعتبرنا مدانين، وان ما فعلناه جريمة قبيحة، لكن الواقع اننا كنا 300 فرد خلف خطوط العدو ويحيط بنا الجيش المصري من كل جانب، لا تصلنا الامدادات ولا أحد يستطيع مساعدتنا، كل جندي اسرائيلي لديه لتر ماء وقليل من الطعام، وكان البديل أن نرسلهم الى الصحراء ليموتوا هناك».

وانتهى غولاني في شهادته إلى أن كلاً من الجنرالين الاسرائيليين رافئيل ايتان، وأريل شارون، كانا على علم بهذه المذابح.

تويتر