رغم الحشد نحو الفلوجة

الطريق إلى الموصل الهدف النهائي في الحرب ضد «داعش»

صورة

على طول نهر الفرات الذي منح الحياة والخصب لحضارات الهلال الخصيب، التي ترجع إلى أيام حضارة البابليين، تواجه مدينتان، هما الرقة في سورية والفلوجة في العراق، حملات عسكريةمتواصلة.

وتمثل المدينتان لحظات رئيسة في الحرب التي بدأت منذ عامين ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. وتعتبر الرقة عاصمة الأمر الواقع للتنظيم، كما أنها مركز رئيس للإمدادات، أما الفلوجة فهي المعقل الأول للتنظيم الذي تأسس في الرقة، والذي وصلت طلائعه إلى أبواب العاصمة العراقية بغداد. لكن المدينتين ليستا هما الهدف النهائي المطلوب، إذ إن من تمتلك هذه المنزلة هي مدينة الموصل، وهي ثانية أكبر مدن العراق.. وذلك للأسباب التالية:

استعادة الموصل ستؤدي إلى فقدان «داعش» أكبر منطقة مدنية تحت سيطرته. وعندما تمكن التنظيم من السيطرة على الموصل، وحكمها في يونيو2014، أسهم هذا العمل في إجبار العالم على الانتباه لهذا التهديد الخطير. إنها المدينة التي يقطنها مليون شخص، كما أنها مركز اقتصادي جعل هذا التنظيم ثرياً جداً، بفضل ملايين الدولارات التي حصل عليها من البنك المركزي العراقي، فرع الموصل. وكان الاستيلاء على الموصل قد منح تنظيم «داعش» الثروة المادية، وليس مجرد القتال مع جنود جيش العراق والشرطة، الذين تركوا وراءهم بنادقهم الروسية، وسيارات هامفي التي قدمتها لهم الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك العربات المصفحة، ولاذوا بالفرار.

وكانت عملية تحرير الفلوجة، على الرغم من أهميتها، قد حرفت محاولة طرد «داعش» من الموصل على الأقل مؤقتاً. وبدأ العراق تجميع قواته خارج الموصل استعداداً لاستعادة المدينة هذا العام. لكن بعد أن قام رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بتغيير تركيز اهتمامه إلى الفلوجة، توقف تجميع تلك القوات. وإذا طال أمد معركة الفلوجة، فإن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يمكن أن يؤجل هدفه المتمثل في قرب استعادة مدينة الموصل هذا العام.

ولا تكمن التحديات بالفلوجة في مسلحي تنظيم «داعش» المتخندقين داخل المدينة، والمصممين على القتال حتى آخر رمق، وإنما في الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، التي انضمت إلى القوات التي ستحرر المدينة، والتي قامت بقتل الكثير من السنة العراقيين في أعقاب سقوط نظام صدام حسين. وترغب واشنطن في إبعاد الميليشيات الشيعية عن المعركة، بسبب ولائها لإيران، لكن بالنظر إلى أن الجيش العراقي آيل للسقوط، تطلب حكومة العبادي بقوة المساعدة من هذه الميليشيات الشيعية. ولا تملك الولايات المتحدة إلا أن تتمنى أن تتمسك هذه الميليشيات بتعهداتها بأنها ستظل على أطراف مدينة الفلوجة، وتترك الجنود العراقيين يقومون بمهمة الدخول إلى المدينة.

وثمة عقبة أخرى في الرقة، إذ إن جل «قوات سورية الديمقراطية» ـ التي تتقدم باتجاه المدينة التي تقطنها أغلبية من العرب ـ من المقاتلين الأكراد. فإذا تمكن الأكراد من استعادة الرقة، فإن هناك من يتعين عليه أن يحكمها، وبالطبع لا يرحب السكان العرب الذين يعيشون في المدينة بحكام من الأكراد. وستنجح عملية تحرير الرقة، إذا شارك المقاتلون العرب بأعداد كبيرة في القوات التي ستدخل إلى المدينة. وأرسلت الولايات المتحدة 250 جندياً من القوات الخاصة لتدريب المقاتلين العرب من أجل هجوم الرقة.

وربما يتعين على إدارة اوباما أن تكيف نفسها مع الانتظار من أجل تحرير الرقة والفلوجة، قبل بدء الزحف إلى الموصل. وحتى لو تمت استعادة الموصل في نهاية المطاف، فيجب إلغاء أي سبب يمكن أن يؤدي إلى عودة تنظيم «داعش» إليها.

تويتر