نتيجة سقوط مخلفات الصواريخ الفضائية

كندا تتحول إلى مكب للنفايات السامة لروسيا

صاروخ «إس إس 19» يجري إتلاف الحشوة التفجيرية فيه بعد اتفاق مع وانشطن حول الأسلحة النووية. أرشيفية

سيتم إطلاق الصاروخ الروسي المعدل، الذي سيحمل قمراً اصطناعياً إلى مداره، من قاعدة بيليستيك كوزمودروم الفضائية، في شمال روسيا، بداية يونيو المقبل. وبعد بضع دقائق على الإطلاق، ستنفصل المرحلة الأولى من الصاروخ، وتقع في بحر بيرنتس شمال النرويج، وبعد برهة ستسقط المرحلة الثانية من الصاروخ في خليج بافين شرقي جزيرة إيلسمير التابعة لكندا.

ويمكن أن تحمل المرحلة الثانية من الصاروخ بقايا من الوقود تقدر بمئات الليترات، حيث مكان سقوطها، ومن المعروف أنه من النادر أن تستهلك الصواريخ التي تحمل الأقمار الاصطناعية جميع الوقود الذي تحمله معها، لأنه يتم إغلاق الخزانات بأجهزة كمبيوتر مركبة على الصاروخ، حالما يصل إلى السرعة والارتفاع المطلوبين.

دفع تعويض

كانت روسيا، التي تستأجر بايكانور من كازاخستان، قد دفعت تعويضات عن تلوث الهيدرازين مرة على الأقل. لكن نظراً إلى الكميات الضخمة من الهيدرازين المستخدم وقوداً للصواريخ «إس إس 19» المخزونة من مرحلة الحرب الباردة، لا ترى روسيا داعياً للتوقف عن استخدام هذه المادة.

والوقود المستخدم في احتراق الصاروخ «إس إس 19» مؤلّف من مادة « الهيدرازين»، وهي مركب مستقر يستخدم في وقود الصواريخ، ومحركات الدفع التي تستخدم لحركة الأقمار الاصطناعية في الفضاء. والهازردين مادة شديدة السمية لدرجة أن العاملين بهذه المادة يرتدون ملابس خاصة مخصصة للعمل بالمواد الخطرة.

وأدى استخدام الهايدزرين إلى تدمير البيئة في منطقة بايكانور في كازاخستان، وهي أكثر منصة إطلاق مستخدمة لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء في العالم. ويعاني السكان، الذين يعيشون في القرى القريبة من المنصة، من معدلات مرتفعة من السرطان، إضافة إلى أن العديد من التقارير تتحدث عن المطر الحمضي الذي يؤدي إلى قتل المواشي.

وكانت روسيا، التي تستأجر بايكانور من كازاخستان، قد دفعت تعويضات عن تلوث الهيدرازين مرة على الأقل. لكن نظراً إلى الكميات الضخمة من الهيدرازين المستخدم وقودا للصواريخ «اس اس 19» المخزونة من مرحلة الحرب الباردة، لا ترى روسيا داعياً للتوقف عن استخدام هذه المادة.

وساعدت هذه الصواريخ القديمة روسيا للمنافسة في سوق إطلاق الأقمار إلى الفضاء، التي تعود عليها بالعملة الصعبة. وتخضع مادة الهيدرازين لقيود كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا، كما أن الصواريخ الأميركية والأوروبية تستخدم وقوداً أقل سمية منها.

وتعتبر كندا الهيدرازين مادة كيميائية خطرة، لكنها لا تُظهر كثيراً من القلق عندما تسقط مراحل الصواريخ في مياهها الإقليمية. وفي عام 2005 عندما كانت الولايات المتحدة لاتزال تستخدم الهيدرازين وقوداً للصواريخ، أبلغت كندا أن مراحل الصواريخ التي ستطلقها ستقع مقابل سواحل نيوفاوندلاند وفيها آلاف من الليترات من المواد السامة، وبدلاً من وضع خطة حماية طمأنت كندا السكان، الذين ستقع هذه المواد على مقربة منهم، بأنها «ستظل في خزانين، وأنها ستهبط إلى قاع البحر».

وعادة ما تستخدم روسيا منطقة القطب الشمالي التابعة لكندا، أرضاً تقع فيها مراحل الصواريخ المتتابعة. وفي فبراير الماضي سقطت المرحلة الثانية من صاروخ «إس إس 29» في خليج بافين، على بعد 50 كيلومتراً من جزيرة ايلسمير. وكانت هذه المنطقة تقع ضمن «منطقة اقتصادية خالصة»، وهي تخضع لقانون حماية مياه القطب الشمالي من التلوث. وفي أبريل الماضي سقطت المرحلة الثانية من صاروخ سايوز في المنطقة نفسها تقريباً «لكن لم يكن وقود الهيدرازين مستخدماً فيه» بالقرب من حدود غرينلاند. وبالطبع فإن أياً من هذه الحالات لم تتم من قبيل المصادفة، إذ إن المناطق التي ستقع فيها مراحل الصواريخ يمكن توقعها بدقة متناهية. وفي حقيقة الأمر فإن روسيا تبلغ الحكومة الكندية بإطلاق الصواريخ، والمناطق التي ستقع فيها المراحل بصورة مسبقة، كي تتمكن الطائرات من الابتعاد عن منطقة إطلاق الصواريخ خلال العملية. بيد أن روسيا لا تطلب إذناً ولا تتلقاه من كندا، ففي مناسبتين على الأقل أصدرت الحكومة الكندية احتجاجاً دبلوماسياً على الرغم من علمها بموضوع مراحل الصواريخ الروسية.

تويتر