حتى يضمن استقرار حكومته

نتنياهو يستبدل جنرالاً دموياً بسياســي متطرف في منصب وزير الحرب

صورة

في الـ20 من مايو، جاء وزير الدفاع السابق، موشي يعلون في قميص أسود، ومن دون ربطة عنق، ليقدم استقالته من منصبه وزيراً للدفاع، مشيراً إلى وجود «خلافات مستعصية بشأن المسائل الأخلاقية والمهنية» مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وحذر يعالون من أن «عناصر متطرفة وخطيرة سيطرت على إسرائيل وحزب الليكود». ويجيء هذا الخطاب الصريح، الذي يكشف فيه عن هذه الخلافات، بعد أشهر من التوتر بينه وبين نتنياهو، بسبب الانتقادات التي وجهها يعلون له، والتي تتعلق بـ«اتجاهات التطرف والعنف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، والتي تهدد مرونة الدولة، وتتسلل إلى داخل الجيش». كما أن يعلون دعم علناً كبار ضباط الجيش الذين قدموا تحذيرات علنية مشابهة، على الرغم من إصرار نتنياهو على أن يعبر الضباط عن مثل هذه الانتقادات فقط «في المحافل ذات الصلة».

وزير الحرب العنيد

بدأ ليبرمان، المولود في الاتحاد السوفييتي السابق، حياته السياسية مساعداً لنتنياهو، مشرفاً على جهاز حزب الليكود نيابة عنه، ثم عمل في عام 1996 مديراً لمكتب رئيس الوزراء خلال فترة رئاسة نتنياهو الأولى، واختلف الاثنان بشأن ما رآه ليبرمان تراخياً من جانب رئيسه، بشأن اتباع جدول أعمال وطني.

فقام بتشكيل حزب يميني متطرف، يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)، ومنذ ذلك الحين صارت علاقاته عاصفة مع رئيسه السابق.

شغل منصب وزير الخارجية خلال تولي نتنياهو رئاسة الوزراء بين عامي 2009 و2015، لكنه اختار أن يبقى خارج الائتلاف، بعد انتخابات العام الماضي (التي فاز حزبه فيها بستة مقاعد فقط).

ارتفعت حرارة الخطاب بين الاثنين في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي اتهم ليبرمان رئيس الوزراء بأنه «كاذب ومحتال»، و«الزعيم الذي لا يستطيع اتخاذ قرارات».

وفي هذا الوقت نفى متحدث باسم حزب الليكود انتقادات ليبرمان لإدارة الحكومة للشؤون الأمنية، متهكماً على ليبرمان بقوله إن «أقرب شيء مر بالقرب من أذنه ليس الرصاص وإنما كرات التنس»، بمعنى أن ليبرمان لا يدري شيئاً عن المتاعب الأمنية التي تعانيها الحكومة.

لأكثر من عام وحتى الآن، ظل ليبرمان يخطط مع قادة الأحزاب الأخرى لتشكيل ائتلاف يمكن أن يحل محل قيادة نتنياهو.

وبتوليه منصب وزير الدفاع الآن يصبح الشخص الأقوى في حكومته. الأسبوع المقبل، عندما يتم التوقيع على اتفاق لتشكيل ائتلاف جديد، سيكون لدى نتنياهو أغلبية معززة في الكنيست، تاركاً المعارضة في حالة يرثى لها، وبهذا سيضمن أن حكومته ستظل على قيد الحياة حتى عام 2019، لكن سيتعين عليه أيضاً التعامل مع وزير الحرب العنيد الذي لا يثق به، ووزير الحرب السابق الذي انضم الى صفوف من أقسموا اليمين الدستورية لإسقاطه.

قائد الهجمات الأكثر دموية

قاد الجنرال الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، خلال فترة عمله العسكرية التي استمرت 40 عاماً، بعضاً من الهجمات الأكثر دموية. وقرر الانضمام الى حزب الليكود في 17 نوفمبر 2008، برئاسة بنيامين نتنياهو. ومع تولي حكومة نتنياهو الثانية السلطة، تولى منصب نائب رئيس الحكومة، ووزير الشؤون الاستراتيجية، وعضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية. دعم يعلون قرار المجلس الوزاري المصغر في نوفمبر 2009 بتجميد البناء الخاص الجديد في الضفة الغربية لمدة 10 أشهر. وخلال عملية اعتراض السفن المتوجهة إلى غزة في مايو 2010 كان يعلون نائباً لرئيس الحكومة، وبسبب غياب نتنياهو عن البلاد، دافع عن القرار بوقف أسطول السفن، وعن قرار إطلاق النار على السفن المتوجهة إلى قطاع غزة أكتوبر 2011، وعندما عرضت الحكومة الاتفاق لإطلاق سراح جلعاد شاليط للتصويت، صوت الوزير يعلون ضد الصفقة. تم تعيين يعلون في 17 مارس وزيراً للدفاع، ضمن تركيبة الحكومة عقب انتخابات الكنيست الـ19، خلفاً للوزير ورئيس هيئة الأركان العامة السابق، إيهود باراك، وفي 20 مايو 2016 قدمَ يعلون استقالته من منصب وزير الحرب الإسرائيلي.

وكانت القشة الأخيرة التي جعلت يعلون يقدم استقالته، هي خطة نتنياهو لاستبداله في الأسبوع التالي بالسياسي اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان. واستطاع يعلون أن يقفز من المركبة قبل أن يضطر إلى النزول منها مرغماً، ونصب الآن نفسه زعيماً للجانب المعتدل في الجناح اليميني للسياسة الإسرائيلية، جنباً إلى جنب مع الرئيس رؤبين ريفلين.

وتُلقي هذه المجموعة باللوم على نتنياهو، بسبب تأجيجه الجو المعادي للعرب، واستغلال هذه السانحة السياسية والعنصرية التي تعتمل داخل المجتمع الإسرائيلي. ويعتبر كثير من الإسرائيليين، بمن في ذلك المحسوبون على اليسار، أن يعلون هو «الشخص المؤتمن» على أمن إسرائيل.

ليبرمان، الذي من المفترض أنه تولى الآن ما ينظر إليه المحللون على أنه ثاني أقوى منصب في إسرائيل، بعد منصب رئيس الوزراء، لا يعترف نفسه بالأمن. فقد هدد قبل فترة مصر، مدعياً أنه سيقصف خزان أسوان على نهر النيل، ودعا إلى قطع رأس «الخونة» من المواطنين العرب في إسرائيل.

ويقول إنه إذا تم تعيينه وزيراً للدفاع، فسيأمر بقتل زعيم «حماس»، إسماعيل هنية، خلال 48 ساعة، اذا لم يذعن لمطالب إسرائيل بإعادة جثتي جنديين إسرائيليين قتلا في غزة في عام 2014. ودعا مراراً إلى إصدار عقوبة الإعدام على «الإرهابيين»، وطالب عرب إسرائيل بالتعهد بالولاء للدولة، كشرط للحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وجاءت استقالة يعلون بعد 48 ساعة صاخبة في السياسة الإسرائيلية، التي افترض المراقبون في القدس المحتلة خلالها في بادئ الأمر أن نتنياهو سيدعو حزب المعارضة من يسار الوسط، (الاتحاد الصهيوني) للانضمام الى ائتلافه الوزاري، لتشكيل تحالف أكثر وسطية، لكن بدلاً من ذلك، اتجه ائتلاف نتنياهو اليميني إلى أقصى اليمين.

وكان السبب في هذا الجو الساخن هو أن نتنياهو منذ فوزه في الانتخابات في مارس 2015، ظل يحكم بمساعدة أقل مجموعة من الأقليات: يترأس فقط 61 برلمانياً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً، ومنذ ذلك الوقت بذل محاولات عدة لتوسيع ائتلافه.

وليس سراً محادثاته مع زعيم الاتحاد الصهيوني (العمل سابقاً)، اسحق هرتسوغ، الذي يعتبر أكبر حزب في المعارضة، حيث استمرت هذه المحادثات طوال أشهر، وكان من المتوقع أن تنتهي هذا الأسبوع، وكان من المعتقد أن يتولى هرتسوغ منصب وزير الخارجية، ويقود مبادرة دبلوماسية جديدة من المفاوضات مع الفلسطينيين على إقامة الدولة الثانية في الأراضي التي تحتلها إسرائيل حالياً.

لكن يبدو أن محادثات الائتلاف تعثرت فوق عقبتين، الأولى هي تردد نتنياهو في إعطاء أي ضمانات بأنه سيمضي قدماً بمعاهدة السلام على أساس حل الدولتين، والثانية هي المعارضة المفتوحة لمعظم زملاء هرتسوغ البرلمانيين للانضمام إلى حكومة يقودها نتنياهو.

في 18 مايو استغل ليبرمان، الذي كان يعقد مفاوضات سرية خاصة مع ممثلي الليكود، الجمود في محادثات نتنياهو- هرتسوغ، ليدعو رئيس الوزراء إلى تشكيل ائتلاف يميني، وكان مدعواً لحضور اجتماع، وفي غضون ساعة تم الاتفاق على الصفقة، تاركاً وزير الدفاع من دون منصب، على الرغم من أن نتنياهو قدم في وقت متأخر منصب وزير الخارجية ليعلون.

وكان هرتسوغ، في الوقت نفسه، واقعاً تحت نيران كثيفة من داخل حزبه. واصطف أعضاء الحزب للمطالبة باستقالته، بعد المحادثات «المذلة» غير المثمرة التي أجراها مع نتنياهو.

تويتر