السكان يخشون الميليشيات لدى دخول الجيش العراقي إلى المدينة

تحرير الموصل معضلة جديدة لواشنطن في العراق

صورة

يتوقع أن ينهي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فترته الرئاسية بأزمة في العراق يصنعها بيديه. وكان أوباما قال، في أبريل الماضي، إن الظروف المواتية لتحرير الموصل من تنظيم «داعش»، ستكون جاهزة بنهاية العام. لكن قادة القبائل السنية في العراق والأكراد، يحذرون بهدوء من أن «تحرير الموصل» من المرجح ألا يؤدي إلى نصر عسكري فحسب، وإنما إلى كارثة إنسانية وسياسية.

تعتبر الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق، وتضم بين مليون إلى مليونين من السكان، كما أن «داعش» الذي لم يتردد في قتل العرب وتدمير المدن، لديه الكثير من الوقت للاستعداد، واعتقال الرهائن، وتفخيخ المباني.

فأولاً: تعتبر الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق، وتضم بين مليون إلى مليونين من السكان، كما أن «داعش»، الذي لم يتردد في قتل العرب وتدمير المدن، لديه الكثير من الوقت للاستعداد، واعتقال الرهائن وتفخيخ المباني. ولننظر إلى «النصر» الأخير، الذي حققته الحكومة العراقية، أخيراً، في الرمادي، التي يعيش فيها عدد أقل بكثير من السكان، مما هو في الموصل، فقد قام تنظيم «داعش» بتدمير المدينة عن بكرة أبيها، قبل الخروج منها في يناير. ومن المعروف أن «داعش» أكثر تخندقاً وتمسكاً بالموصل، التي احتلها منذ يونيو 2014. ولم يتردد مقاتلو التنظيم الإرهابي في استخدام الأسلحة الكيماوية بسورية ضد قوات البشمركة الكردية.

وأي هجوم يبدأ على المدينة، من الممكن أن ينشر الرعب بين سكانها، الذين يعيشون وضعاً صعباً من الأساس، والذين سيصبحون عالقين داخل الموصل إلى جانب المحتلين من «داعش». وتتضمن خطط حكومة بغداد لتحرير المدينة خنق «داعش»، عن طريق فرض حصار على الموصل، استعداداً للهجوم الشامل. وإذا كانت الرمادي هي المثل، فإن عملية التحرير ستحول الموصل إلى مدينة أشباح.

وثانياً: لايزال سكان الموصل السنة غير واثقين بحكومة بغداد، والعديد منهم يخشون الميليشيات الشيعية العراقية، التي تحظى بدعم إيران، وتشجيع رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، والتي تشكل خطراً داهماً عليهم، أكثر من «داعش» نفسه. وتم تناقل الكثير من الصور المرعبة للميليشيات الشيعية، وهي تنزل العذاب والقتل بسكان المدينة على شاشات الهواتف الذكية للسكان السنة، إضافة إلى صور «داعش»، وهو يقطع الرؤوس، ويعذب المعتقلين لديه.

وثالثاً: حتى لو تمكنت القوات العراقية، المدعومة من الولايات المتحدة، من طرد «داعش» من الموصل، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ من الذي سيحتل ويدير المدينة؟ بعد احتلال الولايات المتحدة لبغداد في أبريل 2003، منح المسؤولون الأميركيون العراقيين السنة جزءاً ضئيلاً من المسؤوليات للتخطيط لمستقبل العراق، في ما بعد مرحلة الرئيس الراحل صدام حسين. وما الذي يجعل سكان الموصل السنة يصدقون أن الحكومة المركزية الغارقة في الفوضى في بغداد، تضع همومهم في قمة أولوياتها؟

ورابعاً: تبدو إيران مصممة على استمرارية الصراع داخل العراق إلى أطول فترة ممكنة. ويتحكم الجنرال قاسم سليماني رئيس «فيلق القدس» الإيراني، الذي حارب ضد العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، بالعديد من الميليشيات، على نحو أكبر مما يمكن أن يفعله القادة السياسيون في بغداد. وقلة من السنة في الموصل يعتقدون أن بغداد تستطيع حمايتهم.

وخامساً: الفوضى في الموصل يمكن أن تشعل مزيداً من الفوضى في بغداد. ويبدو أن رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي يحاول وضع حد للفساد، وإدارة حكومة أكثر شمولاً. لكن المحاولة لاستعادة الموصل قبل أن يستفيد السنة من الجهود التي يبذلها في تنظيف النظام والحكومة، تعتبر أمراً محفوفاً بالمخاطر، ولطالما أعرب الأميركيون عن قلقهم إزاء استقرار حكومة العبادي.

وليس هناك من الأصوات السنة القوية من أعرب عن دعمه لتحرير المدينة من قبل القوات العراقية. وهم يدركون جيداً أن الأميركيين لن يكونوا موجودين لحمايتهم. والعديد منهم يرون أن النفوذ المتزايد لإيران، والميليشيات التي تدور في فلكها، يشكل خطراً أشد من العيش في ظل حكم «داعش»، خصوصاً في ظل الاتفاق النووي الأميركي مع إيران.

تويتر