مخاوفها تستند إلى حوادث تاريخية عدة

سيؤول تخشى تخلي الحليف الأميركي عنها

صورة

خلال تاريخ التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، واجهت هذه الأخيرة مخاوف من أن تهجرها حليفتها القوية الولايات المتحدة، وينبع هذا الخوف من إمكانية قيام واشنطن بسحب جنودها من كوريا، وإلغاء التحالف بين الطرفين. وتبدو مخاوف سيؤول منطقية استناداً إلى حوادث تاريخية عدة. ففي عام 1950 كان قرار رئيس كوريا الشمالية، كيم أيل سونغ، بغزو كوريا الجنوبية، يعتمد على اعتقاده بأن الولايات المتحدة لن تأتي إلى نجدة سيؤول. وحتى اليوم تستمر مخاوف سيؤول من هجران الولايات المتحدة، على الرغم من التحالف القوي بين الدولتين، إذ إن الولايات المتحدة دولة عظمى، لها منظومة كبيرة من المصالح، تجعل من الصعب عليها المحافظة على علاقة معينة مع دولة ما بغض النظر عن مدى أهميتها. ونظراً إلى أن الولايات المتحدة لها مصالح عدة عبر أنحاء العالم، فإنه يتعين عليها التحلي بميزة الاستجابة للظروف الطارئة التي تصرف الانتباه عن السياسات المعلنة، والاستراتيجيات البعيدة الأمد.

وفي الثالث من نوفمبر 1969 أعلن الرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، عن النقاط الثلاث المعروفة بمبادئ نيكسون وهي:

ـ أولا، إن الولايات المتحدة ستواصل التزامها بجميع تعهداتها.

ـ ثانياً، سنقدم درعاً إذا تم استخدام القوة النووية لتهديد حرية الدول المتحالفة معنا، أو التي نعتبر بقاءها مهماً لأمننا.

ـ ثالثاً، في حال حدوث شكل آخر من العدوان، فإننا سنقدم مساعدة عسكرية واقتصادية عند الطلب، حسب التزامات معاهداتنا، لكن سننظر إلى الدولة المهددة مباشرة لنتقلد مسؤولية تزويدها بالقوة اللازمة لحمايتها.

وكانت النقطة الثالثة هي الأكثر أهمية من بين الثلاث، لأنها تشير إلى أن الولايات المتحدة ستتحمل عبء أمن حلفائها الآسيويين. وأضاف نيكسون «علينا تجنب السياسة التي تجعل دولاً في آسيا تعتمد علينا بصورة كبيرة، لدرجة أنها يمكن أن تورطنا في صراعات مثل الذي نعيشه الآن في فيتنام»، وأكثر من الخطابات، فإن السياسة أدت إلى خفض القوات العسكرية في آسيا من 727 ألفاً و300 عام 1969 إلى 284 ألفاً في عام 1971، وفي كوريا الجنوبية من 63 ألفاً إلى 43 ألفاً. وبعد ذلك اعتبر رئيس كوريا الجنوبية، بارك تشانغ هي، أن انسحاب قسم من الجيش علامة على انسحاب الولايات المتحدة، ما دفعه إلى إبلاغ مساعده كيم سيونغ جين، بأن الانسحاب كان «رسالة إلى الشعب الكوري بأننا لن نقدم لكم المساعدة والإنقاذ إذا هاجمتكم كوريا الشمالية».

ووضع نيكسون هذه السياسات كرد فعل على حرب فيتنام الفاشلة، لكنه لم يدعُ إلى انسحاب شامل للجنود الأميركيين من كوريا الجنوبية، وذلك مقارنة بالرئيس جيمي كارتر (1977ـ1981) الذي كان يدعو إلى سحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، كجزء من حملته الانتخابية. وكان كارتر قد تجاهل مخاوف كوريا الجنوبية ومصالحها، عندما طور خطته لانسحاب قواته من شبه الجزيرة الكورية، حيث قام بتطوير خطته دون استشارة كوريا الجنوبية. وقام نائب الرئيس الأميركي، واتلر موندالي، بإخطار اليابان بنية واشنطن سحب قواتها من كوريا قبل شهر من إبلاغ كوريا الجنوبية، الأمر الذي أثار غضب سيؤول، ونجم عنه قمة متوترة عام 1979 بين كارتر وبارك، الذي قال لكارتر إن هذا التحرك لا يعتبر في الاتجاه الصحيح.

وبعد كارتر لم يحاول أي من الرؤساء الأميركيين سحب الجنود الأميركيين من كوريا الجنوبية، لكن ذلك لا يعني أن مخاوف كوريا الجنوبية اختفت، أو أنه لم يعد من الممكن أن تغير الولايات المتحدة سياسة تحالفاتها بصورة تؤثر في أمن كوريا الجنوبية، باستثناء ما حاول القيام به وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد، عندما حاول في عام 2013 سحب القوات الأميركية في كوريا الجنوبية، باعتبارهم آخر بقايا الحرب الباردة.

تويتر